عقد منتدى الفكر العربي لقاءً حوارياً عبر تقنية الاتصال المرئي، حاضر فيه رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان د.رحيل غرايبة، والنائب وعضو مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان د.ريم أبو دلبوح حول "التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة الأردنية أولوية وطنية"، وشارك بالمداخلات في هذا اللقاء الذي أداره الوزير الأسبق والأمين العام للمنتدى د. محمد أبو حمّور، وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي سابقاً د.رويدة المعايطة، ورئيسة لجنة المرأة في مجلس الأعيان العين السيدة نايفة الزبن، والقاضي الأسبق وعضو مجلس الأعيان العين السيدة إحسان بركات، ونائب رئيس شبكة البرلمانيات العربيات د.نوال الفاعوري، ورئيسة صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي السيدة خلود السقاف، والمستشارة القانونية للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة السيدة آمال حدادين، ومدير عام جمعية البنوك في الأردن د.ماهر المحروق.
أوضَحَ المُحاضّر د.رحيل الغرايبة أن تمكين المرأة سياسياً واقتصادياً لا يأتي مجزوءاً عن تمكينها مجتمعياً، وعليه يجب إعادة صياغة الحوار بطريقة أكثر جدوى وفاعلية، وإيجاد بيئة قادرة على إحداث التنمية الحقيقية الشاملة ومتكاملة الأطراف، والعمل على أن يكون التمكين على مستوى واحد بين الرجال والشباب والنساء.
وأشار د.الغرايبة إلى أن المجتمع الأردني يمتلك مقومات التنمية والتمكين للمرأة، وأن المرأة جزء مهم جداً وأصيل من المجتمع الأردني، وأن التركيز على تنميتها وتمكينها في جانب معين دون الجوانب الأخرى لا يحقق الأهداف المنشودة، ولا يعزز دورها ومكانتها لجعلها في المواقع الإدارية العليا في الدولة الأردنية.
وتناول المتداخلون أهمية تمكين المرأة، والمساواة بين الجنسين لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ومدى فاعلية التعديلات التشريعية والقوانين والأنظمة المتعلقة بقضايا تمكين المرأة وخاصة في الجوانب الاقتصادية والسياسية، وأشار المتداخلون إلى أن الأردن خطى خطوات كبيرة في هذا المجال، إلا أنه ما يزال بحاجة إلى جهود كبيرة من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة ومنظمات المجتمع المدني للتوعية بأهمية دور المرأة وتمكينها سياسياً واقتصادياً لتكون في مواقع صنع القرار.
التفاصيل:
أوضح د.رحيل الغرايبة أن التركيز على جانب واحد دون الجوانب الأخرى في تمكين المرأة لا يمكن أن يحقق الهدف بأن تصبح المرأة الأردنية قادرة على التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فجميع هذه الجوانب تقع ضمن منظومة واحدة لا يجب فصلها، ولا يمكن أن يكون هناك تمكين اقتصادي إذا لم تتوافر بيئة ديمقراطية صحيحة، وشعب يستطيع فرز واختيار مؤسساته ومحاسبتها إذا أخطأت.
وأشار د.الغرايبة إلى أن تناول الإصلاح شكلياً وتنظيرياً لا يمكن أن يصل بنا إلى البيئة الأساسية التي تنطلق منها عملية تمكين المرأة، وأننا بحاجة إلى تعاون وتضافر من جميع الجهات الحكومية والخاصة، مبيناً أن المجتمع الأردني لديه من المقومات ما يجعلنا قادرين على تحقيق النجاح بسبب النهضة التعليمية في الأردن، وتحقيق المرأة نسباً عالية فيه مما يجعلها مؤهلة لخوض غمار التنمية بطريقة قائمة على العلم وعلى اكتساب المهارات.
وقال د.الغرايبة: إن النسب التي تُعلَن عن مشاركة النساء تدل على وجود نقص وفجوة في المشاركة النسائية في معظم القطاعات، وإن معالجة مثل هذه القضية تحتاج إلى أن تكون المؤشرات وليدة الواقع الذي صنعناه بثقافتنا وتنميتنا والبيئة المتكاملة سياسياً واقتصادياً وتشريعياً، وليس بناءً على استراتيجية بنائية تنموية للمجتمع وضعت بشكل مسبق، ويأتي ذلك لتصبح المرأة مساهمة في عملية البناء.
وأكد د.الغرايبة ضرورة إيجاد التشريعات الملزمة لنسب وجود المرأة في القطاعات، ومعالجة جميع الجوانب التي تشكل عائقاً أمام تقدم المرأة، مشيراً إلى أن المجتمع العربي بعمومه ثقافياً ودينياً ليس عدواً للمرأة وتقدمها بدليل أنها كانت في مراكز قيادية مهمة حتى قبل الإسلام، لكن الثقافات الوافدة التي لا تمت إلى التراث والثقافة العربية والدين الإسلامي هي التي تشكل عائقاً أساسياً ويجب أن يكون هناك جهود من كل الجهات على مستوى الدولة لمواجهة هذه الأعراف الوافدة التي تقلل من مكانة المرأة وقيمتها، وتقلل من قدرة المرأة على تولي القيادة والريادة في المجتمعات العربية والإسلامية.
وبدوره قال د.محمد أبو حمّور: إن المرأة الأردنية ساهمت بشكل إيجابي وفاعل في تأسيس الجمعيات الخيرية والأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، وعلى الرغم مما وصلت إليه المرأة من تنوع في الأدوار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، إلا أن ضعف تمكين المرأة الاقتصادي والسياسي، وعدم المساواة بين الجنسين يعتبران من أهم التحديات التي تواجهها، مشيراً إلى أن نسبة المشاركة الاقتصادية للنساء في الأردن بلغ 14.9%، مقارنة مع 53.1% للذكور.
وأضاف د.أبو حمّور أن أهداف التنمية المستدامة 2030 السبعة عشر المنبثقة عن الأمم المتحدة، أكدت ضرورة تحقيق المساواة بين الجنسين، والحد من أوجه عدم المساواة من خلال البندين الخامس والعاشر، مشيراً إلى أهمية العمل على الشمول المالي في البنوك للمرأة والشباب، موضحاً بأن عملية فتح حسابات بنكية للمرأة والشباب زادت خلال السنوات الأربع الماضية ووصلت نسبتها إلى حوالي 55%.
وبَيَّنت النائب د.ريم أبو دلبوح أن الإرادة السياسية العليا في الأردن تسعى لتطوير التشريعات والقوانين لصالح المرأة وتعزيز دورها في المجال السياسي، مشيرةً إلى التطور التشريعي للمرأة السياسية ابتداءً من إعطائها الحق في ممارسة الترشح والانتخاب عام 2003 من خلال التمثيل النسبي أو الكوتا النسائية وتخصيص مقاعد للمرأة.
وأشارت د.أبو دلبوح إلى الحلول التشريعية ودورها في تغيير البيئة الاجتماعية والتمثيل السياسي والاقتصادي للمرأة الأردنية، موضحةً بأن المشاركة السياسية للمرأة هي المعيار الأول لممارسة الديمقراطية في المجتمع، وأن الكثير من الدراسات أثبتت أن موضوع الاقتصاد الكلي وزيادة الإنتاجية يتزايد مع تطور التشريعات والتعديلات التي حصلت، وخصوصاً المتعلقة بالتمثيل السياسي للمرأة وتمكينها في القطاعات كافة.
وتناولت د.أبو دلبوح دور اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية للوصول إلى حياة حزبية برلمانية وتهيئة بيئة سياسية تضمن التشريعات للمرأة والشباب، والتدرج في الجانب الديمقراطي للوصول إلى حكومات برلمانية، وتطرقت إلى مضامين الأوراق النقاشية لجلالة الملك بشأن التركيز على التحول الديمقراطي وأهمية جعل هذه المضامين نهجاً للمئوية الثانية من عمر الدولة الأردنية.
وأكدت الوزيرة السابقة د.رويدة المعايطة عدم وجود أي اختلاف بين المرأة والرجل يمنع المرأة من أن تتقلد المناصب العُليا في الدولة، والعمل على تكافؤ الفرص واستثمار قدرات المرأة في جميع مفاصل وقطاعات الدولة للنهوض بالمملكة في مئويتها الثانية، وإلزامية القوانين والتشريعات المتعلقة بالمرأة، والعمل على إدماجها في الأحزاب السياسية من خلال وضع برامج تقدم رؤى وسياسات قوية لمواضيع تهم المجتمع ككل والمرأة بشكل خاص.
وأشارت العين السيدة نايفة الزبن إلى أن المرأة لم تأخذ فرصتها في المواقع القيادية والإدارية، وأن عمل المرأة في السياسة ما يزال يواجه العديد التحديات والمعيقات الثقافية والاجتماعية بدليل تخصيص 20% من المقاعد للنساء في الانتخابات البلدية المقبلة، وترشيح 17.9% فقط بحسب تقارير الهيئة المستقلة، مما يعني أننا بحاجة إلى جهد أكبر في تعزيز مكانة المرأة.
وأوضحت العين السيدة إحسان بركات أن مشاركة المرأة سياسياً واقتصادياً تعد معياراً ومقياساً لتطور وبناء الدول ونمائها، وأن الأردن خطى خطوات كثيرة في مجال تطور المنظومة التشريعية الخاصة بضمان حق المساواة للمرأة، وجعل النظريات السياسية والتشريعية قابلة للتنفيذ والتطبيق العملي، مؤكدةً دور الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في تطوير الكفاءات الإدارية والقيادية والمهنية للمرأة وفق أحدث المستجدات وأفضل الممارسات، وتعزيز ثقة المرأة بنفسها في ممارسة العمل العام.
وتناولت د. نوال الفاعوري السياق الزمني للحركة النسائية الأردنية، والإطار المرجعي لانطلاق المرأة في قطاعات ومفاصل الدولة، وواقع المرأة الحالي، موضحةً بأن دور المرأة في حقل العمل العام بدأ في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، فمنحت العديد من الحقوق، ومنها: حق التصويت والترشح، والمشاركة في المبادرات الملكية، والترشح والانتخاب لمجلس النواب والأحزاب، موضحةً بأن هذه الحقوق والأطر تعود إلى الشريعة الإسلامية والدستور، والاتفاقيات الدولية.
وقالت السيدة خلود السقاف: إن الأردن صادق على ميثاق الأمم المتحدة المتضمن إقرار المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف المجالات، إضافة إلى التزامه بمجموعة من المواثيق والاتفاقيات الدولية في هذا المجال، ويظهر الأردن في الوقت الحالي مساواة في مجال الصحة والتعليم، إلا أن مشاركة المرأة الأردنية في الاقتصاد من بين أدنى المعدلات في العالم، حيث يحتل الأردن المرتبة 140 من أصل 142 دولة.
وأشارت السيدة آمال حدادين إلى أن حقوق المرأة هي حقوق إنسان، وأن المساواة بين الجنسين أمر أساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وأن موضوع المرأة وحقوق المرأة استطاع أن يفرض نفسه خلال السنوات الماضية، وأن العديد من المطالب النسائية تحولت إلى قوانين حقيقية مفعلة، مؤكدةً أن تعزيز نفاذ المرأة إلى مواقع صنع القرار ليس هدفه ضمان تمثيل كمي للمرأة فقط، بل لتحقيق نقلة نوعية واضحة في دمج قضايا المرأة في كافة الجهود التنموية والسياسات العامة.
وبَيّن د.ماهر المحروق أن البنك المركزي عمل على رفع نسبة تمكين النساء في مجال إدارة البنوك العاملة في الأردن، مشيراً إلى أن نسبة مشاركة المرأة في القطاع المصرفي بلغت 40% وفقاً لآخر الإحصاءات، وأن القطاع المصرفي من أكبر القطاعات من حيث مشاركة المرأة، ومستوى الإنتاجية لكلا الجنسين، وتطرق في حديثه إلى أهمية بيئة العمل ودورها في تحفيز العاملين لرفع مستوى الإنتاجية والحفاظ على العمالة.