القلعة نيوز - يقال ان المقصود بالاغلبية الصامتة ، هو مصطلح سياسي مستحدث اكتسب أهمية وزخما كبيرا في الفضاء السياسي ، ويقال ، انه اغلبية الشعب العازفة عن السياسة باشكالها كافة ، ومنهم من حصره بقطاع من الشعب يتجاهل كل نداءات الانخراط في الاحزاب أو المشاركة في الحياة السياسية ، والبعض الآخر، يراهم بانهم هم الجالسون الذين يراقبون شاشات التلفزيون يوميا ومتابعين ما تبثه من شجار سياسي وشو انفعالي ، وبرامج اخبارية وتحليلات عشوائية، ، لذا كنا نعتقد بانهم اغلبية المجتمع في اي دولة ، لا يتدخلون في الشأن العام في دولتهم مهما كانت الاحداث ، أو في أي أمر جوهري يتعلق في معيشتهم اليومية ، لكن عندما قال معالي الدكتور جواد عناني ، بانه من الخطأ القول، الاغلبية الصامتة لأنك عندها تتحدث عن الأموات ، فعندما راجعت معظم معاجم اللغة العربية ، فوجدت انها تعرف الصامت ، بانه الساكن غير الناطق ، فمن هو الإنسان الساكن غير الناطق الا الميت .
وحيث ان هدف اي دولة هو الرقي بالإنسان، فمن أركان اي دولة ؛ هو الشعب ، فلتنظيم أموره لابد من سلطة ، تتمثل بالحكومة ، ولطبيعة تنظيم المجتمع لابد من آلية معينة ، تختلف من دولة الى دولة اخرى او من فئة لفئة اخرى ، فهنا تبرز ما يسمى بالمعارضة اي معارضة سياسة الحكومات في آلية الادارة كأصل عام ، فتجد السلطة لها آلية معينة لخدمة المجتمع وتجد المعارضة لها افكار اخرى لخدمة المجتمع ، وكلاهما يدعي انه الأفضل، لتبرز مقولة " يكفي للحق مفخرة بأن الكل يدعيه " ، وكلاهما له مبادئه ومخططاته ، ضمن الاطار الديمقراطي ، لتوفير الأفضل للمجتمع من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وهذا من مسلمات الامور ، فتجد كل طرف يسعى لابراز فشل وعجز الطرف الآخر عن تحقيق أهدافه أو التشكيك فيها ، لاقناع الأكثرية للوصول لرئاسة الحكومة من خلال الآليات الدستورية والقانونية ، فوجود المعارضة أمرا ضروري لا يستغنى عنه خوفا من تعسف السلطة ، فالهدف هو الاختلاف بالرأي ضمن الحوار الهادف بعيدا عن الخلاف ، اما آلية المعارضة فتختلف من مجتمع لآخر، فتجد بعض المعارضة مصنعة ومزيفة فتكون اراءها غير مقنعة ، حتى وجودها اصلا ، وهي تتزلف للحكومات من وقت لآخر، وهناك معارضة موجودة فقط بقصد المعارضة ليس لها أهداف غير اشعار وجودها ، وهناك معارضة مأجورة ليس لها هدف سوى الإساءة وهي تتفاعل مع جميع الاحداث بسبب أو بدون سبب مقنع ، الهدف هو فقط الإساءة لرأس السلطة وتجييش المجتمع وبالنهاية تكون الاثار وخيمة على بعض الافراد ، وهي بالنهاية ليست لها علاقة بالاثار ، اما المعارضة الخارجية أو كما تسمي نفسها معارضة ليس لها هدف سوى الإساءة لأفراد النظام وتدخل في أمور لا تفيد المجتمع، ليس لهم هدف سوى الشهرة وكسب المال والإضرار بالمجتمع ، وهناك معارضة ليست موجودة اصلا، لكن زج بافراد فيها بقصد الإساءة لهم من بعض المتنفذين بخصوص أراء خاصة فيهم ، اي ما يسمى باغتيال الشخصيات ، لأن وجودهم يثبت عجز بعض افراد الحكومة. وعند حصر جميع أفراد الحكومة والمعارضة ، تجد نسبة ضئيلة بالمقارنة باغلبية أفراد المجتمع لا تتجاوز ٥ % منهم. لذا وحسب وجهة نظري فإنه من الأصوب ان نسميها ( اغلبية المجتمع المراقب ) بدلا من ( الاغلبية الصامتة ) ، لانهم يمارسون حياتهم الطبيعية وبنفس الوقت مراقبين ومطلعين على كل الاحداث عن كثب ، ويتاثرون حتى بالاشاعات، لانهم يبحثون عن الأفضل لهم ولحياة أبنائهم ، ويخافون من المجهول ، ويتأملون ان تكون حكوماتهم قادرة على تلبية مطالبهم اجتماعيا ، وعدم الاستهتار بالمال العام ، مطالبين بعدم الاكثار من الامتيازات الخاصة ، كونها خروجا عن مبدأ المساواة بين افراد المجتمع وهي كثيرة ، وكمثال امتياز قبول ابناء العاملين بالجامعات ، التي اخذت ثلثي مقاعد تخصص الطب في الجامعات الحكومية ، وهناك اكبر مشكلة وتحدي تواجه القطاع العام وهي الرواتب الفلكية المرتفعة للعاملين في القطاع الحكومي والهيئات المستقلة وما يتبعها من مكافأت نهاية الخدمة ،وكذلك المدرسين والعاملين في الجامعات ، بالمقابل تجد بعض موظفي القطاع العام كالبلديات تنتهي خدماتهم دون مكافأة نهاية الخدمة نهائيا ، فارتفاع الرواتب أرهق الميزانية وادى الى عجز بعض المؤسسات ، فهل يعقل ان تصل بعض مكافاة نهاية الخدمة لبعض المدرسين الى ثلاثمائة الف دينار أردني او اكثر ! ، فكان على الدولة عند الحديث عن تطوير القطاع العام ، النظر بإعادة هيكلة الرواتب على مستوى الدولة ، من خلال قرار سيادي لتحديد سقف أعلى وأدنى للرواتب ، كونها تسمى معاشات وليست تجارة ، وذلك بما تمر به الدولة من ظروف صعبة ، وهذا ما شاهدنا فؤ بعض رواتب متقاعدي الضمان الاجتماعي الفلكية ، التي يجب أن تحدد بسقف أعلى، لان مصلحة الدولة هي مصلحة المجتمع بشكل عام ، فمن أراد الاغتناء والتكسب فعليه الاتجاه إلى القطاع الخاص ، ان تحديد الدولة وهيكلة الرواتب باثر رجعي سيصب في مصلحة الدولة ويخفف البطالة كون ان الوظائف في بعض القطاعات أصبحت وراثية ، وهذا ما جعل اغلب أفراد المجتمع يبحثون عن التوظيف بدلا من التشغيل، وهناك مشكلة أدت الى زيادة البطالة وهي ان اغلب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بعد حصولهم على التقاعد ، يتنقلون إلى وظائف اخرى بالقطاع العام ، محاربين تطلعات الشباب وخاصة في الوزارات والجامعات الحكومية والهيئات الحكومية ، أليس من الأفضل والانسب على المتقاعدين العمل بالقطاع الخاص بدلا من مزاحمة الشباب ؟ ونتمنى اذا وجدت معارضة فعلا، ضمن الاطر الدستورية والقانونية ، طرح الحلول في كل أمر يتعلق بالمجتمع ، علما ان اغلبية المجتمع تعي المشاكل وتنتظر الحلول ، ولو كانت لا ترضي البعض .