نعم لقد تألق الشلال الفلسطيني تواً والتقت سواعد الأبطال القوية بالإيمان وتوحدت القلوب والعقول وغردت الطيور وحلق طير النورس على البحار يزف الانتصار وزغردت الأمهات المناضلات في فلسطين وخارجها ، توزع حلوى الانتصار وتحتفل بالعرس الوطني "الملحمة النضالية" التي سيرها أبطالنا في تحطيم الغرور والعنجهية الصهيونية منذ أكثر من خمسين عاماً .
وصاح الديك معلناً الانتصار والذي لم يأت بطريقة عشوائية أو بزمن اعتيادي بل كان هنالك من يخطط لهذه العملية منذ زمن بعيد مطالبين بالحرية والكرامة لشعب فلسطين ، وبالمقابل نتنياهو المتمرد على نفسه في خلوه أجواد من الخوف وفرض السيطرة والهيمنة من خلال ضربات عسكرية متتالية على قطاع غزة من أجل إسقاط القطاع وحذفه من الوجود كما يريد هو.
ولكن عيون المقاومة سواء من الجانب النظري والعملي كانت له بالمرصاد ولم يتوقع أحد من قادة العدو الصهيوني أن تكون صادرة هذه الحرب من غزة بل العكس ، إذا أخذنا بالاعتبار الأحوال النفسية والاجتماعية المضطربة والتخبط والانتقادات السياسية من نفس الاسرائيليين لقرارات نتنياهو مما أعطى فرصة وسهل الأمور للقادة الفلسطينيين أن يستثمروا هذا الوضع في خلق مبادرة عسكرية تزيد من حالة عدم الاستقرار في الامجتمع الاسرائيلي وكان رجال المقاومة الفلسطينيين يتابعون كل ما يجري بداخل المجتمع الاسرائيلي ودراسته بدقة ومعرفة مواطن الضعف والقوة فيه .
ولذلك نجح رجال المقاومة الفلسطينية وكفكر فلسطيني باستخدام الأدوات والأساليب التي من الممكن أن تغير منهجية القرار وكل هذا يدعم من قوة الإيمان الذي جمع بين الفعل والإرادة وهذا يعني انتصار واقعي وحقيقي للفكر الفلسطيني على كل التناقضات التي كانت تعبث بالمجتمع الاسرائيلي .
لقد كانت عملية (طوفان الأقصى) للحصول على الحرية الأبدية ووضع حد للهمجية الإسرائيلية وتعزيز كرامة الشعب الفلسطيني ولكن العدو ستمر في قمع الفلسطينيين ومنعهم من الصلاة في القدس الشريف وحصار الشعب الفلسطيني بأساليب لا يقبلها العقل أو الضمير وملأ السجون بأبناء فلسطين حتى الأطفال منهم وهذا يدل على فقدان الثقة بين جنود الاحتلال وقادتهم والذي أخذ مساراً معاكساً إلى درجة التهجم على القيادة الاسرائيلية وتخطيطاتها .
نعم المقاومة الفلسطينية أكثر دقة وحرص على دراسة ما يجري في المجتمع الاسرائيلي ولم يتخذوا قراراً إلا بعد أن تأكدوا بنجاحهم في هذه العملية وليضعوا حداً لهذه الغطرسة الحيوانية وبالتالي صادوهم بدقة وحاصروهم في المنازل وعلى الأقل لحتى الآن أكثر من 350 قتيل والفين جريح مع هبوط حاد في الوضع الأمني وفشل كبير في قيادة الجيش الإسرائيلي .
ومع مرور يوم واحد على المعركة بدأ نتنياهو وأعوانه يروجون من خلال وسائلهم الإعلامية أنهم سيخفون غزة من الوجود وبدعم أمريكي فرنسي وبريطاني وألماني وكان الرد أقوى من قيادة حماس بأنه إذا فكر نتنياهو بهذه الطريقة ستكون الحرب وبالاً عليه وعلى أنصاره وعلى المجتمع الاسرائيلي ، وهذا نوع من الحرب النفسية والاعلامية من أجل زرع القلق والخوف في قلوب المقاومة الفلسطينية .
وهنا يجب أن نعرف أن المقاومة الفلسطينية بكل عناصرها قد تدربت واستعدت وأخذت بالاعتبار لأي احتمال سيكون مستقبلاً معتدين في ذلك على إيمانهم القوي بالله وعلى أهدافهم المستقبلية لتحقيق الحرية والكرامة لشعب فلسطين ، إن الإرادة والفكر والعقول التي يملكها الشعب الفلسطيني لا يملكها أي مجتمع آخر في العالم والقضية الفلسطينية هي قضية شعب منذ سبعين عاماً ارتباطها بالمقدسات الاسلامية والمسيحية وبالتالي لن تنتهي بسهولة أو بمجرد تهديدات اسرائيلية تكررت عدة مرات على قطاع غزة والرد لن يكون بالأمر البسيط والاستعدادات جاهزة تنتظر القرار.
المجد والخلود لأبطالنا الشهداء ، ومازال القرار بيد المقاومة الذي أعطاها الصلاحية في اتخاذه لن يستطيع نتنياهو أو غيره أن يغير تاريخ قضيتنا .
الصراع بيننا وبينهم صراع وجود وليس على مكان محدد وهو يعرف ومن معه من قادته أن أطفالنا الذين في بطون أمهاتهم يرتبطون بفلسطين وأبناء المخيمات والقرى والجبال وبالتالي فإن تهديده بإلغاء غزة من الوجود مجرد وسائل إعلامية للتخويف وإضعاف العقل الفلسطيني إلى درجة أن بعض الاسرائيليين يتصلون بأناس بالقطاع للخروج من أجل ترويج الإشاعة وتخويفهم وهنا يكون العقل الفلسطيني المفكر صامداً ومانعاً لهذه الأساليب التي لم تنطلي عليه سابقاً ولا لاحقاً
والمعركة تم حسمها منذ بدايتها
وثورة حتى النصر
د. فائق فراج