شريط الأخبار
وزير الحرب الأمريكي: أوامر رئاسية بنشر 500 جندي بعد الهجوم قرب البيت الأبيض ترامب: "الحيوان الذي أطلق النار على عنصري الحرس الوطني سيدفع ثمنا باهظا جدا أيا يكن" القبض على مطلوب متوارٍ عن الأنظار في إربد بحوزته سلاح ومواد مخدرة إغلاق البيت الأبيض بعد إصابة عسكريين بإطلاق نار في واشنطن "الأونروا": آلاف الفلسطينيين يعيشون في الشوارع أو بجانب منازلهم المدمرة في غزة إطلاق نار على اثنين من العسكريين قرب البيت الأبيض "معاريف": مصر تستعد للسيناريو الأسوأ بسبب لعبة نتنياهو واشنطن: ملتزمون باستخدام نفوذنا حيال الأزمة السودان البدور: تعيين 3 آلاف موظف في وزارة الصحة العام المقبل وزير الأوقاف: التطرف يبدأ بالتعصب الفردي وقد ينتهي بتخزين السلاح ومواجهة المجتمع الفايز: الأردن سيبقى عصيا على كل إرهابي ومتطرف وزير العمل: نتجه لتوظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في متابعة بيانات سوق العمل وزير الدفاع الإسرائيلي: لا مفر من استخدام القوة إذا لم يتخل حزب الله عن سلاحه إدخال معدات ثقيلة إلى غزة استعدادًا للمرحلة الثانية من خطة ترامب الأردن يحصد جائزتين في التميز الإعلامي العربي بتوجيهات ملكية .. العيسوي يزور مصابي الأجهزة الأمنية في مداهمة الرمثا اللواء الركن الحنيطي يلتقي قائد القوات المركزية الأميركية مندوبا عن جلالة الملكة .... وزير الثقافة يفتتح مهرجان الخزف والفخار الدولي الأول ( صور ) القاضي يزور مصابي المداهمة الأمنية في الرمثا ( صور ) مندوبا عن الأمير علي.. المومني يرعى إطلاق المنتدى العالمي للتواصل الاجتماعي

الموت الرحيم د. حفظي اشتية

الموت الرحيم  د. حفظي اشتية

القلعة نيوز:

نحاول، وسنظل نحاول جاهدين طرد اليأس، واقتناص الأمل، لكن، رغم ذلك، سيطرت على نفوسنا سوداوية صرعتنا، وصبغت مشاعرنا، وأصبحت جزءاً أليما من تفكيرنا، وضيفا مقيما يلازمنا ويتغلغل فينا ويعيش معنا.

تاريخنا يمور بالأحزان، ويموج بالآلام، ويغرق بالدماء.... الهدوء في حياتنا نادر المقام، والفرح عزيز المنال، نلهث خلف الأمل نطارده، فإن ظفرنا به سرعان من نجده قد تبدّد وزال.

ولو طوينا مجلدات تاريخنا القديم، وتصفحنا صفحات تاريخنا الحديث منذ مطلع القرن الماضي على الأقل، فإننا نكاد لا نجد فيها إلا الصدمات والمصائب والأهوال.

تقاذَفَنا المستعمر الغربي الظالم الماكر يشرذم بلادنا، ويزرع الفرقة بيننا، ويسطو على خيراتنا وثرواتنا، ويدسّ بين ضلوعنا طلعاً سرطانياً لا علاج له ولا شفاء يرتجى منه، نخوض ضده الحروب تلو الحروب، تزدحم فيها الدروب بقوافل الشهداء الشرفاء، والأحرار ذوي الهمة والتضحية والفداء، لكنّ الأهداف المنشودة لا تتحقق؛ لأنّ هذا الغرب الاستعماري يناصبنا العداء، ويحرّم علينا الظفر بالنصر، فيدعم العدو ويمدّه بكل أسباب القوة والتفوق، ويتلاعب بنا ويحول دون قوتنا ووحدتنا وحريتنا، ويُعمي أبصارنا عن الجادة السوية، فننزلق إلى بُنيّات الطرق حيث التيه في سراب السلام وأحابيله وأوهامه وتفاصيله..... نبحث دائبين عن هديل الحمام، لنجد أنفسنا في كل مرة نقف على حصاد الهشيم تنعق فوق رؤوسنا طوائف الغربان.

يحاول النابهون في المفاوضات الجارية أن يتبصّروا طريقهم جيدا، ويفرضوا شروطهم العادلة، ويتجنبوا هفوات من قبلهم، وعثرات من سبقهم، لكنْ، هل يسمح مكر الأعداء لهم أن يحققوا بعض أهدافهم المشروعة ؟!

ما القوة المادية البشرية التي بحوزتهم؟ وما الاختيارات المسموحة المتاحة أمامهم؟ وما أوراق الضغط الممكنة المقبولة في أيديهم؟....

شعبٌ كامل مشرَّد مكدَّس في الساحات يفترش رمل الطرقات الغارقة بالمياه، يلتحف أكياسا بلاستيكية تتراقص بها الرياح، مرض وجوع وعطش وبرد وقصف وخطف وخوف وجروح نازفة وأشلاء ممزقة..... وموت بشع باطش يفترس الميت على مرأى أحبابه دون رحمة أو توقّع أو استئذان.....

لقد قدّم هذا الشعب تضحيات عظيمة، وأظهر بطولات نادرة ستظل نماذج فريدة للباحثين عن الحرية، والدفاع المستميت عن الأوطان. وكتب المظلومون المحاصرون المخذولون الوحيدون بدمائهم وصبرهم وصمودهم سطورا مضيئة من المجد سيخلدها التاريخ طويلا طويلا.

لكنْ، إلى متى؟ وكيف ستكون النهاية في مواجهة عدو مأزوم مهزوم، مُسحت كرامته، ومُسخت هيبته، فظهر حقده عظيما عظيما بقدر اهتزاز ثقته بنفسه وثقة العالم به، وانهدام عنجهيته وعِظم خيبته وهزيمته، وتأرجُح مشروعه، وتهاوي أخلاقه.....؟؟؟؟

شعب مصرّ على الصمود في أرضه والموت فيها، لكنْ، هل يجد الميت فرصة لإخراجه من تحت الأنقاض؟ هل يجد قبرا يضم رفاته؟ هل يجد من يصلي عليه ويدفنه؟ بل هل يسمح له العدو أن يُدفن؟!

لم يعد الموت بحد ذاته قضية، فهو في مثل هذه الظروف شهادة عالية ورتبة سَنيّة. القضية تكمن في كيفية الموت، وفرصة الحصول على موت رحيم كريم.

كم كان طلب الشاعر العراقي العظيم، شاعر القرنين "عبد الرزاق عبد الواحد"، كم كان طلبه ترفا باذخا في قصيدته القصيرة المفجعة المؤثرة النائحة!!!

لقد خاطب الزائرَ الأخيرَ وهو ( ملك الموت ) قائلا :

من دون ميعادِ....

من دون أن تُقلق أولادي....

اطرق علي الباب....

أكون في مكتبتي في معظم الأحيان....

اجلس قليلا مثل أي زائر....

وسوف لا أسأل: لا ماذا؟ ولا أين؟....

وعندما تبصرني مغرورق العينين....

خذْ من يدي الكتاب....

أعدْه لو تسمح دون ضجة للرفّ حيث كان....

وعندما نخرج، لا توقظْ ببيتي أحدا؛

لأنّ مِن أفجع ما يمكن أن تُبصرَه العيون وجوهَ أولادي حين يعلمون....