عبد الله اليماني
من المتعارف علية أن شيخ العشيرة ، هو رمز اجتماعي، ودور شيخ العشيرة ، يكمن في حل النزاعات ، من دون اللجوء إلى القضاء، أو تدخّل الجهات الحكومية ، وتاريخيا كان من يصنع المشيخة هم أفراد العشيرة، فأولى مهامه فض النزاعات ، والخلافات التي ، تنشُب بين أفراد عشيرته ، والعمل على حلها ، فيما بينهم من خلال ، وجهاء عشيرته ، ومع العشائر الأخرى. وقديما كانت القبائل ، تهاجم بعضها بعضا ، وهذا يعتمد على قوتها ، وضعف خصمها، والقبائل تتباهى بقوتها بين القبائل.
والشيخ كان من يحرك الفرسان للتصدي ، لرجال القبيلة الغازية لردها ، حيث كانت أهم الغزوات ، تتم من اجل طلب الكلاء ومصادر الحياة، والقبائل تفتخر في سلطان نفوذها ،وغزوها للقبائل الأخرى ، وهنا تظهر أهميتها .
وشيخ العشيرة، هو قاض وزعيم ، ومصلح عشائري اجتماعي ، وعلم من أعلام الوطن ، وسيرته العطرة التي تملأ المكان ، في كل زمان ، خاصة في قول الحق .
ومما يجدر ذكره ، أن الشيوخ في الأردن ، لعبوا أدورا كبيرة في بناء الدولة ، الأردنية والدفاع عنها ، وكونوا حضورا مشرفا ، في كافة مرافق ، الحياة الأردنية . فكانوا على الدوام ( شيوخ النخوة والفزعة والجود والكرم ) .
ويكمن دورة الشيخ في مساعدة أفراد عشيرته، والسير في طرق إصلاح ذات البين ، والإنصاف والعدل ونصرة المظلومين ، والإسلام يحض على صلة، الرحم بين أبناء العشيرة.
وهذا أهم ما يتميز، به المجتمع العشائري الأردني ، حيث يتعصب الفرد للجماعة ، التي ينتمي إليها، فالفرد في المجتمع القبلي ، يعطي ولاءه لقبيلته ، أمام القبائل الأخرى .
والشيخ هو بمثابة ، حاكم إداري يعاونه على أدارت عشيرته أفراد من عشيرته ، ويستمد سلطانه وقوته ، من أبناء عشيرته ، أمام القبائل ، التي تعيش في المنطقة الواحدة ، بل أن المجتمعات القبيلة غالبا ، ما تشكل نمطا من الاستقلال الذاتي ، بفعل الطبيعة اللامركزية للحكم العشائري، فالمجتمعات العشائرية بشكل عام ، غالبا ما كانت مجتمعات مغلقة ، لها عاداتها وتقاليدها وتغييرها دائما يكون بصعوبة ، وشكلت فريقا خاصا بها ، عن كل ما حولها ينكمش داخل إطار ، معين من العادات والتقاليد ، الممتدة إلى الماضي السحيق.
والعشيرة ( وحدة اجتماعية يسودها ، التماسك والتعاون الاجتماعي) ، ولذلك يسارع جمع أفراد العشيرة إلى ، مساعدة العضو الذي يحتاج إلى العون ، ويترتب على هذا التضامن الاجتماعي ، شعور أفراد العشيرة بالأمن والاستقرار ، وهو شعور أقوى ، من ذلك الذي يسود الأسرة الواحدة، وذلك لان العشيرة ، أكبر حجما من الأسرة وأكثر قوة منها.
وتقوم العشيرة بعملية الضبط الاجتماعي ، حيث توفر الآمن الداخلي لأعضائها ، وأشرافها على تطبيق الأعراف والقانون العشائري . كون المجتمع العشائري ، يجعل من القانون العشائري ، أداة لضبط سلوك الإفراد ، الذين يخالفون الأعراف والقيم العشائرية ، والتنظيم السياسي ، يمثله شيخ العشيرة ، من خلال المشاركة في الانتخابات النيابية والحزبية .
وقد برز دوره السياسي ، منذ تأسيس الأردن، فكان الملك المؤسس ، قد سعى إلى تعزيز دور شيخ، العشيرة وعلاقته بهم، عبر الاحتكام إلى القانون العشائري ، وهذا انعكس على النواحي الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية.
وقد أثبت شيخ العشيرة خلال سنوات تأسيس الدولة الأردنية دورا كبيرا في الإخلاص ، والوفاء والدفاع عن العرش الهاشمي ، وسلامة المجتمع ، وضبط سلوك فراد المجتمع وحفظ الأمن الداخلي . وتعزيز قوة بنيانه وتقدمه وازدهاره ، وتماسكه حول العرش الهاشمي . وتحقيق العدل والمساواة ، في وقت قصير من خلال الاستماع لجميع الأطراف، وإحلال السلم الاجتماعي فيما بينهم ، بعيدا عن ديانته ولونه وجنسه وعرقه.
فالعدل يحقق الأمن والطمأنينة للمجتمع بأسره ، والإنسان دوما يتمسك بحقوقه ، ويحرص على صيانة حرماته ، والمحافظة على حرياته ، فإذا أمن له المجتمع ذلك ، في وصول حقه له ، عبر طريق العدالة ، عاش آمناً مطمئناً يفكر بطلاقة وموضوعية ، ويعمل بجد ، ويتفاعل مع الآخرين بثقة واطمئنان، فالأمن مرهون بالعدل ، وغياب الأمن يهدد الحياة والعرض ، والمال والدين . ف ( الأمن أهنأ عيش ، والعدل أقوى جيش ) ، يؤدي المساواة.
ولكي يعيش الإنسان بأمان، فيتوجب توفير تحقيق ،المساواة بين أفراده، وحريته في التعبير عن رأيه ، مع توفير الضمانات الاجتماعية له . وهذا يحقق الأمن الاجتماعي، ويساهم في بناء السلم الاجتماعي. وهذا ما يقوم به شيخ العشيرة،في الأزمات العشائرية والاقتصادية والسياسية .
ومن هنا جاء إنشاء مستشاريه شؤون العشائر ، في الديوان الملكي العامر، لأجل رفع مكانة العشائر ، وزيادة الاهتمام والتواصل معها من خلال الشيخ ، لكي يكون جلالة الملك حفظة ، الله قريبا ، منهم في السراء والضراء .
ولم يتوقف الاهتمام ( الملكي ) ، عند ذلك ،حيث يقوم (مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر ) ، وبتوجيهات (ملكية سامية ) ، في التواصل مع شيوخ العشائر بزيارات للعديد من مناطق ، البادية الأردنية ، لاستمرارية مد جسور التعاون معهم لخدمة المواطنين عبر تفقدهم . ناقلا خلالها تحيات (جلالة الملك عبد الله الثاني ) ،رعاة الله ، كونها همزة الوصل ، مابين جلالته،وولي عهده الأمير( الحسين بن عبد الله ) . حفظه الله . حيث يستمع إلى مطالبهم والعمل على حلها ، وخاصة تلك القضايا ، التي تشغل بال الشباب ، المتعلقة في الفقر والبطالة .
و زيارات معالي (مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر) ، لشيوخ العشائر الأردنية، لها أطيب الأثر في ، نفوس أبناء البادية، (صغارا كبارا شيوخا ونساء وأطفالا ) . فشيخ العشيرة العنوان الذي لا يتغير ولا يتبدل ، مقدام عنوانه ، ( التضحية والشجاعة في الدفاع وتحقيق العدل والآمن والأمان والسلم ، وحفظ كرامة عشيرته الاجتماعية) . ويتولى شيخ العشيرة سلطته الاجتماعية من خلال العادات والتقاليد العشائرية المتوارثة ، في العمل على بث نفوذه وهيمنته على مناطق العشيرة ، عبر قانون العرف العشائري. وإذا لا سمح الله ، ما فقدت حالة الآمن الاجتماعي ، أو ضعفت، فهذا يؤدي إلى تدهور الأمن وزعزعة الاستقرار الوطني .
ورغم التطور الذي نعيشه في الأردن ، إلا أن شيخ العشيرة ما زالت له مكانته الاجتماعية ، والشيخ حسب المعطيات ، الاجتماعية حاليا يقود ، ( تنظيما سياسيا ، واجتماعيا واقتصاديا ) . ويمارس الشيخ دوره في، ضبط سلوك أفراد المجتمع ، إلى جانب الدولة . من خلال فض النزاعات والصراعات ، ومعالجة المشاكل الاجتماعية ، التي قد تواجه الفرد.
ويقوم الشيخ في حض أبناء عشيرته ، على التعايش والتسامح السلمي ، والمحبة بين أفراد المجتمع ، ويعمل على نبذ الظواهر السلبية ، أثناء النزاعات الاجتماعية ، ومنها حرق البيوت ، وتدمير الممتلكات .
وعدم استخدام السلاح ، بطرق غير قانونية، مع ضرورة المحافظة على التقاليد ، والأعراف العشائرية العربية الأردنية الأصيلة. حيث يقوم شيخ العشيرة بالتعاون مع الحاكم الإداري في معالجة القضايا الاجتماعية. وله دور ، بارز في نصرة الحق ، والتأريخ الأردني ، شاهد على ذلك ، فقد جاب الوطن العربي، لحل النزعات الاجتماعية .
وقد ورد عن الملك فيصل رحمه الله، انه طلب منه رجل من أبناء العشائر أن يمنحه لقب ( شيخ ) . فقال له طيب الله ثراه اطلب أي شيء أعطيك ما عدا ، هذه فإن الشيخ من يمنحها لك اهلك وعشيرتك .
وبعد الشيخه : تورث ، ولا تأتي في الحسد ، والقطيعة والشحناء والغيرة والبغضاء .
وإنما مع تفاعله الايجابي ومدى رضي الناس علية بأن يكون حكيما ، وصبورا ، ويتحمل كل كبيرة وصغيرة ، ويضحي في وقته وماله من اجل عشيرته . ويعالج كل تصرف ما يختلف عن الآخر. خاصة أن غالبيتها عفوية ، ولا تستحق التوقف عندها، أو الاستشهاد بها .
وتوالى الاهتمام الملكي ، في شؤون العشائر ، إذ صدر عام ، ( 1971 ) م. قانون شيوخ العشائر رقم (52) لسنة( 1972)م ،وعلى أثره شكل ، ( مجلس شيوخ العشائر ) ، برئاسة المغفور له صاحب السمو الملكي ( الأمير محمد بن طلال ) رحمه الله ،من اجل استقرارهم في آماكن سكناهم .
و(مستشاريه شؤون العشائر) ، من أقدم إدارات (الديوان الملكي الهاشمي العامر). فمنذ تأسيس ، إمارة شرق الأردن، عين المغفور له ، سمو ( الأمير عبد الله الأول ابن الحسين ) ، رحمه الله ، الأمير ( شاكر بن زيد ) ، ( نائبا للعشائر ) ، في أول حكومة أردنية، تشكلت ، في ( إمارة شرق الأردن ) ، في ( 11 ) نيسان 1921م . وهو استمرارية ، لاهتمام الملكي ، ( للملوك الهاشميين ) ، الذين تولوا حكم الأردن ، خلال مئوية الدولة الأولى.
والأردنيين هم أكثر الشعوب العربية ، التي تعتز في عاداتها ، وأعرافها العربية الأصيلة، الذي عنوانه( الجود والطيب والكرم والشهامة والنخوة والفزعة ). وقال الملك عبد الله الثاني حفظة الله : (أن قوة الوطن بأبنائه وبناته ، الذين تربوا على ثقافة الخير ، والإنجاز والإيمان ، بقدراتهم وإمكانياتهم.
وأبناء الأردن يزهون ب( الحكم الهاشمي حيث حظي الأردنيين بملوك هاشميين ،جعلوا من حكمهم بناء روابط اجتماعية ، مع أبناء الأردن من ، شتى المنابت والأصول ، من خلال مسيرتهم المظفرة . فكانت مستشاريه شؤون العشائر ، هي الملجأ لأبناء الأردن ، من شتى المنابت والأصول .
التي يتولى اليوم إدارتها معالي مستشار جلالة الملك لشؤون العشائر، كنيعان باشا البلوي. حيث يحرص أن تكون أبوابها مشرعة ، لاستقبال المواطنين ، من كل أنحاء الأردن ، وعلى مدار اليوم ، لكل من أراد حل قضيته. كونها المساند الرئيس ، لشيخ العشيرة في التنمية ، والنمو والازدهار ، وحفظ الأمن والاستقرار .
أدام الله علينا نعمة، الأمن والاستقرار، وحمى الله الأردن أرضا ، والأردنيين والهاشميين .