القلعة نيوز:
ايام ماضية قليلة ليست بعيدة عن يوم كتابة مقالي هذا ، كنت قد كتبت عن المواطنة والمشاركة الفاعلة تحت عنوان "المواطنة بين شعار الادعاء والأداء", والذي جاء كل حرف فيه نابع من ينابيع الصدق والوفاء لهذا الوطن وترابه و لكل قطرة ماء هطلت عليه من السماء .
بعد هذا المقال حطت على هاتفي رسالة من يمامة اردنية حرة نشمية ، مازالت في أول مقتبل عمرها ، واول تجارب طيرانها بجناحيها الصغيرين ، ونص هذه الرسالة أضعها بين ايديكم بعد أن أخذت الاذن بنشرها بل مع إصرار منها :
"لقد ولدت في يوم من الايام لكي اعيش وابدا حياتي ورسمت في مخيلتي اسعد الايام وبدأت ابحث عن عمل لكي احقق ما حلمت به لكن لدي مرض قد منع كل شيء وحول سعادتي الذي رسمتها إلى حزن مستديم أصبح حلمي عباره عن مشاعر دمرتني حطمتني وكان سيف من نار ولهب احرق قلبي وكانت كلمات البشر ك رصاصه اخترقت روحي ومزقت كياني هل هذا ذنبي خلقني الله بمرض وليس المرض بالعيب لن أسمح لمرضي أن يمنعني لكن كلما ذهبت لعمل أما رفضوني اما قبلوني وطردوني في نفس اليوم مع نفس الإهانات في كل يوم وكل وقت وزمان أيا بشر هل ترحموني الم يقل الله ارحمو من في الارض يرحمكم من في السماء الى متى ساضل اغرق بالبكاء والصراخ لقد تفتت اضلعي ومزقت روحي وارهق قلبي لم اعد اتحمل وكم تمنيت الموت ارفع صوتي إلى كل مكان وسناشد جميع الأرض انا ساحقق حلمي رغم كل الصعاب والظروف عجزت كلماتي وصف ما بداخلي هل من ينضر إلى حالتي والان بعد ما قلت لكن قصتي احكمو بالعدل لكن اي عدل اقول بعد ما حصل معي".
هذه الرسالة بحد ذاتها هي مقالة كافية لتعبر وتشرح أحوال فئة من أبناء الوطن الاردني العظيم مكتملة الشروط والمتطلبات لاكتساب وممارسة مفهوم المواطنة من حيث الحقوق والواجبات ، الوطن الاردني الذي ترفع فيه أغلب القوى والنخب السياسية شعارات ويافطات عناوينها العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية والتضامن بل يتسابق أغلبهم في نسبها وتبنيها له اولا ، ولكن عندما تطالبه بتطبيقها والاعتراف بها، نجده آخرا متأخراً في مؤخرة الصفوف وقد أعلن أنه منها براء ، ويبرع بسرد جملة من الأعذار كالظرف الموضوعي ، والحالة السياسية والثقافة الاجتماعية المجتمعية وانعدام توفر الموازنات لخدمة هذه الفئات وغيره ، وكأنه بعد أن قضى وترا من كسب تأييد هذه الفئة واستعطاف عائلاتهم وذويهم وأصدقائهم ، يلتفت إلى شأن آخر يبحث عنه وفيه ليشبع غروره ويزيد من رصيد شهرته وسلطته، وليسلط عليه المزيد من اضواء ندواته وحواراته ، التي لو سألته فيها عن موقفه من القضايا التي دعمها من ثم تنكر لها ، ستجده يكتفي " لاتعليق ".
هنا وجب علينا توجيه الرسالة التالية وارفاقها مع ما كتبته لي ذات الهمة اعلاه ، ونقول فيها لهؤلاء المسؤولين والمرشحين الأولين والقادمين ، الاعضاء والقيادين ، لا يوجد في هذا الوطن اغلى من انسانه ، وهي مقولة الباني المغفور له الحسين بن طلال رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ، لان هذا الإنسان هو الاردني الذي وصفه المعزز الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه بأنه اهل العزم ، فبعد هذا ماهي اعذارك وانكارك لحقوق هذه الفئة ، ما ذنب هذا الغصن من غصون الوطن الغضة الواعدة بأن يكون الرد عليها بكسرها بدلا من جبرها ، ما ذنبها بإعدام أحلامها ودفن طمحوتها وتطلعاتها ، ومناهضة ومحاربة كل من يتصدر مرافعات دفاعاتها والتشويش عليهم واشغال الرأي العام عن جوهر قضاياهم وقد ينالهم نصيبهم من تلك الممارسات مع مناصريهم ومؤازريهم ، والمجتمع الاردني فيه من النماذج التي دفعت دما وسمعة واعسارا خلال رحلة النضال السياسي لدفاعهم عن مواقفهم وتبنيهم لبعض الملفات المرتبطة بالتطرف والتعصب والحريات وحقوق الإنسان وقد يكون اليسار الاردني صاحب النصيب الأكبر وخاصة تيار اليسار المدني الديمقراطي من هذه المواجهات ، لجرأته في الطرح وصدقه في الشرح وإيمانه بان الاردن هو دولة سيادة القانون ودولة الأصالة والمعاصرة والحداثة والمدنية .
عودة لملف أصحاب الهمة ، الذي أدار أصحاب المواقع المسؤولية في السلطتين التنفيذية والتشريعية ظهورهم لهم ، بالرغم من وضوح نص القوانين التي أقرت وشرعت لخدمة هذه الفئة كقانون رقم 20 لسنة 2017 للأشخاص من ذوي الاعاقة الخاصة ،ومقارنة نصوصه والمطبق منها نجد فرقا واسعا وتقصيرا كبيرا في تحقيق أهداف هذا القانون التي لأجله وضعت المواد وشكلت الهيئات واستنفرت الوزارات جهودها وآلياتها لتطبيقه كونه إرادة موشحة بختم وتوقيع ملكي ، ذلك الختم الذي خالف إرادته ذات يوم فئة من هؤلاء ضعاف الإدارة والإرادة وقصروا بحق فئة لم يتردد الملك الحسين رحمه الله تعالى بإنصافها ، وخرج على التلفاز وكاد ينفجر غضبا وهو الذي عرف عنه حلمه وصبره ولكن عندما اكتشف أن التقارير التي تصله عن هذه الفئة غير صحيحة ومخالفة للواقع ، وهو الأمر نفسه الذي دفع الملك عبدالله الثاني بن الحسين اطال الله في عمره إلى إقالة العديد من الحكومات في رسالة يقول فيها ، "مش قادر على الموقع فلتترك المجال لغيرك من الكفاءات والطاقات ".
في نهاية رسالتي هذه اختم بأن هناك أكثر من 100 الف مواطن اردني من أصحاب الهمة اي ما نسبته 1% من الشعب يتطلعوا لإعادة تأهيلهم وإشراكهم في بناء هذا الوطن وحياته السياسية والاجتماعية ليكونوا فاعلين ، لا عاطلين متعطلين، فلا تخذلوهم وعلينا أن لا نخذلهم بل ننصفهم ، على عكس 7 مليون مواطن من أبناء شعبنا الاردني العظيم مكتمل الشروط والأحكام 75% منهم صامت في صومعتهم تخلوا عن حقوقهم يقومون بواجباتهم بحد أدنى من الدافع لأنهم اقتنعوا بأنهم غير معنيين بواجبهم اتجاه هذا الوطن الغالي تحت تأثير دعاية واعلام تيارات الدين السياسي وخطابهم العاطفي وفرض نهجهم وآرائهم والا أو تيارات وتزهو بكم المناصب وخطابهم السلطوي الصامدين في مواقعهم المتصدين لكل من يقترب منها والذين جعلوا المجتمع في مواجهة وطنهم وقيادته وأجهزته الأمنية ومؤسساته .
هؤلاء المستفيدين من صمتكم وخمولكم ورغبتهم بأن يجعلوا أغلبية الشعب ذوي احتياجات خاصة ليس جسديا فقط بل ثقافيا، وفكريا وسياسيا وحرموا الكثير من الكفاءات من تأدية واجبها لخدمة الاردن شعبا وقيادة ، واضاعوا العدد من الفرص التي كان من الممكن أن تعود عليه بالرفاه والتقدم ، وظنوا أننا مجرد ارقام لغايات الإحصاءات العامة ، ولا يعلموا أننا الوطن ومواطنيه ومع قيادته الهاشمية و لانه الاردن يعيش فينا كما نعيش فيه ، وان المرحلة القادمة سيكون التحديث رهان على الشعب .