طارق جعفر / السودان
حدثونا انه قديما تمشي العرب في بلاط الانسانية ناشرين للوعى وكريم الأخلاق حين كان العالم يعيش في ظلمات الجهل والتخلف ..صال العرب وجالوا بفتوحاتهم الإسلامية واضعين بصمات ملء السمع والعين تنظيما وترتيبا لتلك المجتمعات..فمع كل فتح جديد كان كأنما تشرق الشمس علي تلك البقعة فيرتفع فيها الآذان ويرتفع معها اعجابهم باولئك العلماء في اثواب المقاتلين. رحماء حتى وهم يتوشحون اسلحتهم ويمتطون خيولهم..حتى في وقت الحرب واشتداد الكرب كانوا يتمثلون قواعد تستدعى انسانيتهم وتوافق ميولهم وطباعهم ..ومن هنا كان اهتمامهم بنشر العلم وصنوف المعارف التى برعوا فيها فتواصلت فتوحاتهم العلمية كما فتوحاتهم الحربية وجمعوا بينهما فى أروع تبيان واقوى دليل علي أنهم جاءوا نصرا للبشرية وتعلية لافهامهم ولا غرو في ذلك فهم اكثر الناس معرفة بقدرة العقل البشري من واقع تكريم الحق عز وجل للانسان به علي سائر المخلوقات ..رعوا الابتكارات واهتموا بالابداع..وقروا العلماء واهتموا بالعلوم تطبيقا ودراسة وفهما..فدانت لهم الارض مشرقها ومغربها..حتى جاء زمان تضاءلت فيه الهمة وتعالى الانشغال بالدنيا فتقهقرت الأمة...فسابقتها الأمم الاخري وتفوقت عليها .. انتقل المارد العربي المسلم الي وضع السكون..تراجع من وضع المبادرة والمبادءه الي وضع المتلقي المستجيب وإن كان الاعتراف جليا واضحا بتاريخ هذه الأمة وعظيم اسهامها في التاريخ البشري علما ومعرفة ابداعا وابتكارا.. تاريخ يظل قابعا في دواخل الأمة مشعا كما اللؤلؤ وإن كان في اعماق سحيقة ولكنه حتما ستصله يوما العيون وستتلقفه الايدى منتشله له وقافزة به الي حيث النور وضوء شمس الحقيقة فالجهود متصلة يقف عليها جماعات من المستنيرين أصحاب العقول السليمة البعيدة عن تأثيرات الغرب وخططه الرامية الي افشال كل محاولة تنفذ الي تحقيق الصعود بذلك التاريخ الوضئ والكتابة علي دفاتره فتحا لفصول جديدة متجددة فالاصل موجود والافهام متقاربة والنوايا مستعرة والعزم متصاعد وارواح الأجداد متولدة في العقول قبل الارحام .. الجهود طريقها واضح وهو رعاية كل ما شأنه ان يدفع نحو سبر اغوار ذلك التاريخ التليد وفحص وتقييم ما تم تراكميا عليه ثم ما يمكن ان ان تخلص اليه مبادرات الشباب العربي وما اكثرها نحو وضع مرتكزات التطوير والتحقيق العلمى والبناء عليها صعودا نحو استرجاع تلك الهمة التى ميزت الأجداد وعبرها كنا أمة.. الشبكة العربية للابداع والابتكار بارقة أمل في هذا الطريق الشاق واحسبها تعمل وفق منظومة من الحداثة مستلهمة العديد من التجارب السابقة وبازله لكل الممكن من جهود في سبيل رعاية الإبداع والابتكار العربي والسير باجيال من الشباب العربي الطموح نحو غايات نتمناها جميعا ..فأمتنا قد طال انتظارها لمطلع فجر تستعيد به ذلك الألق القديم ..فيجب ان لا تظل حبيسة لذلك التاريخ وقد آن لذلك المارد ان ينطلق..وشباب السودان كلهم ابتكار ويملأهم الابداع وهم في شوق الي ان ينضموا الي ركبكم الميمون ..من سويداء القلب لكم الف تحية ..