
القلعة نيوز:
في
ظل التحول المتسارع نحو العمل الرقمي، وازدهار نماذج العمل عن بُعد والفرق
الافتراضية، ظهرت تحديات نفسية وسلوكية جديدة لا تقل أهمية عن التحديات التقنية.
من أبرز هذه التحديات ما يُعرف بـ"التعب التنظيمي الرقمي"، وهي ظاهرة
بدأت في التسلل بهدوء إلى بيئات العمل دون أن تحظى بالاهتمام الكافي.
يشير مصطلح التعب التنظيمي الرقمي
إلى حالة من الإرهاق الذهني والنفسي والجسدي ناتجة عن الاستخدام المكثف والمستمر
للأدوات والمنصات الرقمية في أداء العمل، مثل الاجتماعات الافتراضية، الرسائل
الفورية، وإشعارات البريد الإلكتروني التي لا تتوقف. هذه الحالة لا ترتبط فقط بعدد
ساعات العمل، بل بنمط العمل لرقمي المتصل دائمًا، والذي يفتقر إلى الحدود الواضحة
بين الحياة المهنية والشخصية.
على الرغم من أن العمل الرقمي
يمنح الموظفين مرونة وراحة في التوقيت والمكان، إلا أن الإفراط فيه قد يؤدي إلى
نتائج سلبية منها انخفاض التركيز والإنتاجية كذلك الشعور الدائم بالإرهاق دون سبب واضح.
بالاضافة الى العزلة الاجتماعية نتيجة قلة التفاعل الإنساني وزيادة معدلات التوتر
والقلق المرتبط بالعمل. ولا يفوتنا ان ننوه انه يمكن للمؤسسات التخفيف من آثار
التعب التنظيمي الرقمي عبر إجراءات بسيطة وفعالة من خلال إعادة جدولة الاجتماعات
وتقليلها إلى الحد الضروري وتوفير دعم نفسي وتنظيمي للموظفين، خصوصًا في فترات
الذروة.اضف الى ذلك تحفيز القيادة الواعية لتكون قدوة في التوازن بين العمل
والحياة. ومراجعة السياسات الرقمية بحيث تضمن الاستخدام الصحي للتقنيات.
ولعله من المفيد ان نؤكد ان التعب
التنظيمي الرقمي ليس مجرد ظاهرة عرضية، بل مؤشر مبكر على خلل في إدارة بيئة العمل
الحديثة. ولأن المورد البشري يظل محور العملية الإنتاجية، فإن الاعتناء بصحته
النفسية والعاطفية في ظل التحول الرقمي يجب أن يكون من أولويات الإدارة الواعية.
فالاستثمار في بيئة رقمية متزنة يعني استثمارًا مباشرًا في استدامة الأداء ورفاهية
العاملين.