
القلعة نيوز _ كتب: رمضان العليمات
جاء خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي، في زمن تتقاطع فيه الأزمات وتغيب فيه المعايير الأخلاقية عن كثير من الساحات الدولية، ليشكل لحظة فارقة وموقفًا أخلاقيًا وتاريخيًا في زمن تتعرض فيه القيم الإنسانية لاختبار حقيقي.
خطاب جلالة الملك، لم يكن مجرد خطاب سياسي، بل كان وثيقة أخلاقية وإنسانية، لقد تحدث باسم من لا صوت لهم، ورفع راية القيم في عالم بدأ يفقد بوصلته، ليبرهن من جديد أن الأردن، بقيادته الهاشمية، يظل منارة للاتزان والعدالة في إقليم مضطرب، وصوتًا لا يُشترى ولا يصمت حين يجب أن يُقال الحق.
تميّز خطاب جلالة الملك، بلهجة إنسانية واضحة، مخاطِباً العالم لا كزعيم سياسي فحسب، بل كصوت للضمير الإنساني، فقد قال بوضوح، "منذ ثمانية أشهر يعيش أكثر من مليوني إنسان في غزة جحيماً على الأرض"، كانت هذه الجملة بمثابة مفتاح لفهم كامل خطابه، حيث تجاوز منطق التحليل السياسي البارد إلى وصف المعاناة بصورتها الأخلاقية والإنسانية، منتقداً الصمت الدولي حيال الجرائم التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني، وركز جلالته على خطورة ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العالمية، ورفض منطق "السلام بالقوة".
جدّد جلالته تمسكه بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، ودعا إلى الحفاظ على المدينة كمكان مقدس للتسامح والتعايش، وليس ساحةً لصراع الهويات.
وأطلق جلالته تحذيرًا شديد اللهجة من تصاعد النزاعات وتوسع دائرة الحرب في الشرق الأوسط، لاسيما بعد الهجمات الأخيرة على إيران، مشيرًا إلى أن ما يحدث لا يهدد منطقة بعينها، بل "السلام العالمي برمته".
إن ما ميّز خطاب جلالة الملك، هو أنه لم يكن انفعالًا سياسيًا، بل كان نابعًا من موقع مسؤولية، ومن رؤية استراتيجية تنبع من مكانة الأردن كدولة محورية في الإقليم، وصاحبة تاريخ طويل في الدعوة للسلام العادل والشامل.
وقد لاقى هذا الموقف تصفيقًا حارًا من أعضاء البرلمان، حيث وصف الخطاب بأنه "صرخة ضمير"، وأحد أكثر الخطابات تأثيرًا التي سُمعت في قاعة البرلمان الأوروبي منذ سنوات.
حفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، وحمى الله الأردن أرضًا وشعبًا، وأدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.