
الدكتور نسيم أبو خضير
في خطوة وطنية إستراتيجية تحمل أبعادًا عميقة في توقيتها ورسالتها ، أعلن سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني قرار إعادة العمل بخدمة العلم ، وهو قرار لا يمكن قراءته بمعزل عن الظروف الإقليمية الدقيقة والتحديات المتصاعدة التي تحيط بالأردن ومنطقتنا العربية .
إن ما صدر مؤخرًا عن رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو ووزرائه من تصريحات توسعية وإستفزازية ، يؤكد أن الأردن كان وما يزال في قلب المخططات الصهيونية الرامية إلى تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم ، بل ومحاولة زعزعة إستقرار دول الجوار ، في تحدٍ سافر للقانون الدولي وضربٍ عرض الحائط بالإتفاقيات ومعاهدة السلام التي يلتزم بها الأردن إحترامًا للعهد والمواثيق .
من هنا ، يجيء قرار سمو ولي العهد ليعيد للأذهان أهمية إعداد الأجيال الشابة إعدادًا وطنيًا وعسكريًا وأخلاقيًا ، بما يعزز الإنتماء والولاء ، ويغرس روح المسؤولية والإنضباط ، ويجعل من الشباب سدًا منيعًا في مواجهة أي تهديد خارجي أو محاولة للمساس بأمن الأردن وإستقراره .
خدمة العلم ليست مجرد تدريب عسكري قصير الأمد ، بل هي مدرسة وطنية متكاملة ، تُصقل فيها الشخصية الأردنية وتتعزز فيها القيم الجامعة :
_ الإنتماء للقيادة
_ الإيمان بالوطن
_ الإلتزام بالقانون
_ والإستعداد للتضحية دفاعًا عن الأرض والعرض .
وهي بهذا المعنى ، تمثل رسالة واضحة للداخل والخارج بأن الأردن ، قيادة وشعبًا ، يقف على أهبة الإستعداد لمواجهة التحديات وصون السيادة الوطنية .
إن الأردن الذي قدّم التضحيات العظام في معركة الكرامة الخالدة ، والذي وقف دائمًا سدًا منيعًا أمام مشاريع التصفية والتوطين ، يؤكد اليوم من خلال هذا القرار الإستراتيجية أن أمنه الوطني خط أحمر ، وأن أبناءه مستعدون ، كما كانوا دومًا ، للذود عن ثراه الطهور ، متسلحين بالوعي والإرادة الصلبة .
إننا إذ نثمن هذه الخطوة المباركة ، نؤكد أن الشباب الأردني سيكونون على قدر المسؤولية ، وأن خدمة العلم ستفتح لهم آفاقًا جديدة في الانضباط والجدية ، وستكون رافعة لمستقبلهم الفردي والجماعي ، ومصدر قوة للأردن في مواجهة الأخطار التي تحيط بالمنطقة .
ويبقى الأردن ، بقيادته الهاشمية الرشيدة وجيشه العربي المصطفوي وشعبه الواعي ، حصن الأمة المنيع ، لا يخشى التهديدات ولا يرهبه التصعيد ، ثابتًا على مواقفه المبدئية تجاه فلسطين وقضايا الأمة ، متمسكًا بحقوقه وسيادته ، واثقًا أن النصر حليف الشعوب الصامدة التي تؤمن بقضيتها وتدافع عن وجودها .