
القلعة نيوز- تشكل الموجة المتصاعدة من الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية تتويجا لمسار طويل من الجهد الدبلوماسي الأردني، الذي ظل ثابتا على موقفه التاريخي في الدفاع عن الحق الفلسطيني، والسعي المتواصل لإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العالمي.
ولطالما عملت الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، على حشد المواقف الدولية لضمان بقاء خيار حل الدولتين هو الإطار الوحيد لإنهاء الصراع، في مواجهة محاولات إسرائيلية متكررة لفرض وقائع جديدة عبر الاستيطان ومصادرة الأراضي، إذ شدد جلالته مرارا على أنه لا أمن، ولا استقرار في المنطقة، من دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، في إطار تسوية عادلة وشاملة.
وقدم الأردن نفسه في كل المحافل، كصوت صلب للقضية الفلسطينية، مستندا إلى رؤية وطنية وقومية تعتبر القضية الفلسطينية أولوية لا تحتمل المساومة، مسخرا كل إمكانياته وقدراته، ومكانة جلالة الملك الدولية وما يحظى به من احترام واسع، ليكون المدافع الأبرز عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
ومنذ اندلاع الأزمة في قطاع غزة، قاد الأردن جهودا استثنائية للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، والدفع نحو حل عادل ودائم يترجم حل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، مع معالجة قضايا الوضع النهائي التي تمس مصالح الأردن المباشرة: (القدس، واللاجئون، والحدود، والمياه، والأمن).
وعلى مدى العقود الماضية، قدم الأردن عبر عضويته في الأمم المتحدة مبادرات وقرارات كان لها أثر محوري في تكريس البعد القانوني والسياسي للقضية الفلسطينية، من خلال استصدار الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية عام 2004 بشأن عدم شرعية الجدار العازل، ودعمه تمرير قرار الجمعية العامة في 2012 الذي رفع مكانة فلسطين من عضو مراقب إلى دولة مراقب غير عضو.
وقدمت الدبلوماسية الأردنية العديد من المبادرات ومشاريع القرارات من خلال عضويتها في منظمة الأمم المتحدة، وأدت دورا محوريا في القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية لإيجاد تسوية لجميع محاورها، من خلال دعم اعتماد العديد من مشاريع القرارات ذات الصلة التي تدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والعودة إلى خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وحل مسألة اللاجئين وفقا للقرارات الدولية.
ويواصل الأردن التزامه الإنساني باستضافة أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني، بالتعاون مع وكالة الأونروا، ودعم ميزانيتها ماليا وسياسيا، مع السعي المستمر لحشد المساندة الدولية لاستمرار عملها إلى حين التوصل إلى حل نهائي لقضية اللاجئين.
ومع تزايد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، تبرز أهمية استثمار هذه التحولات والبناء عليها، وهو ما ينسجم مع الرؤية التي قادها الأردن بقيادته الهاشمية منذ عقود، إذ تشكل هذه اللحظة الفارقة فرصة لتعزيز عزلة إسرائيل دوليا نتيجة سياساتها الرافضة للسلام، وفي الوقت نفسه ترسيخ خطوات عملية على الأرض تمهد لقيام الدولة الفلسطينية المنشودة، عبر بناء مؤسسات وبنية تحتية للدولة المستقبلية، بعيدا عن منطق إدارة الصراع، ونحو عدالة واستقرار طال انتظارهما
--(بترا)