فؤاد سعيد الشوابكة
رؤية ملكية تُعزّز حضور الدولة وتفتح آفاق المستقبل في القارة الأكثر تأثيراً ، تشهد الدبلوماسية الأردنية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني مرحلة نشطة ومؤثرة، تتجسد بوضوح في الجولات الملكية الأخيرة إلى اليابان وسنغافورة وفيتنام وإندونيسيا والباكستان. جولات لم تكن مجرد مشاركات رسمية، بل خطوات محسوبة تعكس إدراك الأردن لأهمية التوجه نحو آسيا باعتبارها مركز الثقل السياسي والاقتصادي خلال العقود المقبلة.
آسيا اليوم ليست ساحة بعيدة؛ إنها قلب التحولات العالمية، ومنظومة اقتصادية تُنتج التكنولوجيا، وتعزز الأمن الغذائي والطاقة، وتبني شراكات عابرة للحدود. وفي هذا السياق، جاء الحضور الأردني بقيادة جلالته ليؤكد موقع المملكة كدولة تحظى بالاحترام، وتتمتع بعلاقات مستقرة، وتقدّم خطاباً عقلانياً وسط بيئة دولية معقدة.
لقد ظهر الأردن في هذه الجولات دولةً ذات رسالة واضحة: الانفتاح على العالم، وتوسيع دائرة الشراكات، وتثبيت دور المملكة في الملفات الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. كما حملت اللقاءات الملكية دلالات مهمة تتعلق بجذب الاستثمار، وتبادل الخبرات، وإيجاد مسارات تعاون جديدة في مجالات التكنولوجيا، والتعليم، والطاقة، وسلاسل الإمداد.
وفي اليابان وسنغافورة، كان الحضور الأردني محط تقدير، يعكس عمق العلاقات ورسوخها. وفي فيتنام وإندونيسيا، برزت فرص اقتصادية واسعة تستفيد منها المملكة في تعزيز التجارة والاستثمار. أما الباكستان، فاختُصّت بملفات أمنية وسياسية ذات أهمية مشتركة.
وفي كل محطة، كان الأردن يقدم نفسه بوصفه دولة قادرة على بناء الثقة، وقيادة حوار متوازن، والتمسك بمبادئه دون الانحياز إلى أي محور.
إن القراءة الهادئة لهذه الجولات تُظهر تحولاً مهماً في الاستراتيجية الخارجية الأردنية، يقوم على تنويع الشركاء، والبحث عن فرص اقتصادية جديدة، والتعامل بواقعية مع موازين القوى الدولية. وهو توجّه يعزّز الاستقرار الداخلي، ويدعم الاقتصاد، ويرسّخ صورة الأردن دولةً فاعلة رغم محدودية الموارد.
ختاماً
تؤكد الجولات الملكية الأخيرة أن الأردن يدخل آسيا بثقة واحترام، مستنداً إلى قيادة رشيدة، وسياسة خارجية متوازنة، ورؤية تستشرف المستقبل.
وحين يتحرك جلالة الملك، يتحرك معه موقع الأردن كله: دولة ثابتة، محترمة، تملك القدرة على المبادرة وصناعة الفارق في بيئة دولية مضطربة.




