حين تتعب الروح من التناقضات
القلعة نيوز:
الدكتور محمد تيسير الطحان
هناك صفات لا أستطيع احتمالها مهما حاولت منها الكذب، ومخالفة الكلام، والادعاء بالمثالية
بينما الأفعال تقول العكس. كل هذا يرهق القلب. يرهقه أكثر من أي شيء آخر. كيف أصدق
من يناقض نفسه في كل كلمة؟ وكيف أرتاح مع من يتذمر بكل شيء ولا يرى أي نعمة حوله؟
ورغم كل هذا، بقينا. بقينا لأن العشرة ليست سهلة. لأن الأيام
التي جمعَتنا لم تكن قليلة. حاولنا أن نغفر، وأن نتجاوز، وأن نمشي فوق جراح لا
يراها أحد غيرنا. قلنا ربما يتغيرون، ربما يفهمون، ربما يقدّرون أننا نحاول فعلًا
أن نحافظ على ما بيننا..
ولكن الحقيقة أن العتاب كان يضيع. كنا نعاتب من أجل الحب، وهم
كانوا يرونه ازعاجًا. كنا نفتح قلوبنا، وهم كانوا يغلقون آذانهم. إلى أن أصبح
العتاب متعبًا أكثر من الزعل نفسه.
ومع الوقت بدأنا نفهم ان بعض العلاقات تستنزفنا ولا تمنحنا
شيئًا. وان البقاء لا يعني الوفاء دائمًا، بل أحيانًا يعني أننا نخون أنفسنا. لذلك
ابتعدنا. ليس كرها، وليس انتقامًا، بل لأن الود الذي في داخلنا لم يعد يحتمل
المواجهة ولا التبرير ولا الحروب التي لا تنتهي..
ابتعدنا بصمت...
لأن الصمت أرحم من الكلام الذي لا يفهمه أحد
ولأن الخروج الهادئ أحيانًا أكثر وفاءً من البقاء الذي
يقتل ما تبقى فينا من طيبة.




