"تشير جميع الدلائل إلى أن خطر الإرهاب سيزداد، لا أن يتراجع، في السنوات القادمة. وتتمتع الجماعات والمنظمات المتطرفة بوضعٍ مثالي لاستغلال أي ثغرات في النظام الدولي مع تراجع مفهوم الأمن الجماعي. وفي طهذه المرحلة الانتقالية، تُعدّ دولٌ مثل الهند والأردن في وضعٍ يمكّنها من تعزيز تعاونها الأمني الثنائي.
- نائب مدير وزميل في برنامج الدراسات الاستراتيجية
عانت كل من غرب آسيا والهند من هجمات إرهابية في الآونة الأخيرة، مما أدى
إلى تسليط الضوء على أزمة عالمية تم تخفيف حدتها في المحافل متعددة الأطراف.
جاءت أول زيارة رسمية
لرئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى المملكة الأردنية الهاشمية هذا الشهر في وقت
حاسم، ليس فقط في الجغرافيا السياسية اةلإقليمية لغرب آسيا، بل وفي تفكك النظام
الأمني العالمي أيضاً. وقد كانت عمّان في طليعة الجهود المبذولة لإدارة تداعيات
حرب غزة
أتي التعاون الأمني بين
الهند والأردن في وقت مناسب، اذ شهدت كل من غرب آسيا والهند هجمات إرهابية خلال السنوات
القليلة الماضية، مما أبرز أزمة عالمية خفت حدتها في المحافل الدولية مع تراجع
الولايات المتحدة عن استخدام قوتها العسكرية والسياسية والقانونية المخصصة لمكافحة
الإرهاب منذ أحداث 11 سبتمبر.
لا تزال واشنطن ملتزمة
بعمليات مكافحة الإرهاب المحددة والموجهة في غرب آسيا وأجزاء من أفريقيا، مما سيتعين على القوى الإقليمية سد الثغرات في
هياكل الأمن الإقليمي، سواء باختيارها أو اضطرارها.
وبعد أيام قليلة من
انتهاء زيارة رئيس الوزراء مودي، شنت الولايات المتحدة، بالتعاون مع الأردن، غارات
جوية داخل سوريا استهدفت أكثر من 70 موقعًا مرتبطًا بتنظيم الدولة الإسلامية
(داعش).
يأتي التعاون الأمني بين الهند والأردن في وقت مناسب، وقد أضفت زيارة مودي إلى عمّان طابعًا شخصيًا على العلاقات الثنائية. وقد دأب الملك عبد الله الثاني على التصدي للتطرف والإرهاب، وهي نقطة أشار إليها مودي خلال زيارته. كما تناول الملك عبد الله خلال زيارته للهند عام ٢٠١٨ بعض هذه القضايا في محاضرة ألقاها في دلهي بعنوان "التراث الإسلامي: تعزيز التفاهم والاعتدال"
. وقد شجعت حكومة مودي برامج
مكافحة التطرف، إلى جانب طرح التصوف كتوجه فكري أكثر اعتدالًا وحداثة في الإسلام.
وهنا تكمن إمكانية ترسيخ الروابط الأمنية بين دول مثل الهند والأردن.
وفي حين أن الحرب
العالمية ضد الإرهاب في عام ٢٠٢٥ تشهد انقسامًا وتشرذمًا، مدفوعةً بتنافس القوى
الكبرى والاضطرابات الإقليمية والحروب في أوكرانيا وغزة، فإنه من الممكن تطوير
جوانب أكثر جوهرية بين الاردن والهند لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، بما يحقق مكاسب
طويلة الأجل. ويمكن أن تشمل هذه الفوائد إضفاء الطابع المؤسسي على الروابط
والتبادلات الثقافية الإسلامية المعتدلة، والتعاون في ممارسات وخطط مكافحة التطرف،
ووضع صيغ أكثر مرونة لتبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات والأمن، وحتى استخدام
عمان كقاعدة لمسار منتظم بين الهند والأردن بشأن التحديات الأمنية في جنوب وغرب
آسيا في هذا المجال، ودعم المجتمع المدني والجماعات العاملة في طليعة مكافحة
التطرف.
في المستقبل، يُمثل
التطرف العنيف تهديدًا لن يزول قريبًا. فمن سيطرة طالبان على أفغانستان إلى تولي
أحمد الجهادي "السابق" رئاسة سوريا، يبدو أن التوجه في مكافحة الإرهاب
يتجه من الإبادة إلى التوافق. وقد جددت عمّان دعمها لسوريا، حيث زارها الشرع ثلاث مرات.
كما فتحت نيودلهي مؤخرًا قنوات اتصال دبلوماسية مع طالبان في كابول بعد سنوات من
الحذر. ويبقى مستقبل هذا المسار غير واضح.
تشير جميع الدلائل إلى أن
خطر الإرهاب سيزداد، لا أن يتراجع، في السنوات القادمة. وتتمتع الجماعات والمنظمات
المتطرفة بوضعٍ مثالي لاستغلال أي ثغرات في النظام الدولي مع تراجع مفهوم الأمن
الجماعي. وفي هذه المرحلة الانتقالية، تُعدّ دولٌ مثل الهند والأردن في وضعٍ
يمكّنها من تعزيز تعاونها الأمني الثنائي.
عن صحيفة - - هندوستان الهندية-




