شريط الأخبار
اللصاصمة يرعى حفل تخريج دورة الشرطي الصغير اختيار النائب رند الخزوز عضوًا في مجلس إدارة “COMPSUD” ممثلةً عن الأردن الشاب الروسي يشعل الدوري الأمريكي NBA.. ديمين يحطم رقما قياسيا عمره 30 عاما استطلاع: 59% من الأميركيين يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين من الرماد إلى اللهب الأزرق… قصص صبر النساء في غزة سعر النفط يرتفع بنحو 3 بالمئة بعد العقوبات الأميركية على شركتي النفط الروسيتين كنا فقراء.. والدة نجم المغرب فؤاد الزهواني تروي قصة نجاح ابنها المؤثرة صيدلة عمان الاهلية تشارك بحملة توعوية حول سرطان الثدي بالتعاون مع نقابة الصيادلة في السلط العمارة والتصميم في عمان الاهلية تطلق ورش عمل لتطوير المقررات الدراسية وفق المعايير الدولية الآداب والعلوم في عمّان الأهلية تشارك بمؤتمر "تمكين الأسرة في المجتمعات المعاصرة" مؤسسة ولي العهد تستقبل وفدًا يابانيًا لتعزيز التبادل الثقافي ضمن برنامج القيادة للمدارس بالأسماء .. مؤسسة التدريب المهني تدعو مرشحين لإجراء المقابلات الشخصية التربية تنعى المعلم عصام جابر دعوات لفتح استيراد زيت الزيتون للحد من ارتفاع الأسعار وسط تراجع الإنتاج المحلي رئيس الوزراء يوجه باعتماد نظام "تراسل (1)" في المراسلات الرسمية لتسهيل الخدمات الحكومية العدل: تنفيذ 276 عقوبة بديلة وإصدار 396 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيًا ارتفاع عدد ضحايا الانفجار في مصنع بمدينة كوبيسك الروسية إلى 9 قتلى الذهب يتراجع لليوم الثالث ويقترب من مستوى 4 آلاف دولار أنانية أم ضغوط؟.. الأسباب الخفية وراء أزمة صلاح الأخيرة في ليفربول إجلاء 50 مريضًا ومرافقًا من غزة لعلاجهم في الأردن

موت النزاهة في المجموعة القصصية

موت النزاهة في المجموعة القصصية

القلعة نيوز - بقلم د ميسون حنا /الأردن

الكاتبة د سناء الشعلان وهي الروائية والقاصة كتبت مجموعتها القصصية أكاذيب النساء بحرفية كاتب يملك ناصية اللغة لتطوع الكلمات ، وتعزف عليها قصصها لتخرج مجموعتها القصصية المتضمنة خمس عشرة قصة هي على التوالي: مولانا الكذب، أكاذيب النساء، أكاذيب العدالة، أكاذيب مباحة، تخريصات، صهوات الكذب، أفراح التدليس ومصارع الصادقين، يوم صادق مؤسف جدا، كاذبون بمنتهى الصدق، جارتنا أم الخير، روايات موضوعة، كله تمام، أكاذيب الوسط، تضارب أقوال، ألف كذبة وكذبة .

المجموعة القصصية بمضامينها تعري الواقع الأليم الذي تعيشه الأمة العربية من فساد مستشر حد النخاع ، فهي تعري الكذب وتفضح الحقيقة المكذوبة التي يعيشها واقع مهلهل يقلب الموازين لتصبح الأكاذيب حقيقة نتعايش معها رغم أنوفنا ، ومن الملفت للنظر في المجموعة أن الأشخاص الحقيقيين يُقمعون ويموتون، ويُقهرون ، وبرز ذلك في عدة قصص:

1 – في قصة أكاذيب العدالة : حيث تُقتل الحرة التي رفضت الزواج بمن اغتصبها وهو ابن عمها الفحل الذي كما تقول الكاتبة : أينما اشتهى نط . بينما هي المُعتدى عليها تُدان وتُجرم وتُقتل من قبل رجال عشيرتها وبذلك تعلن النزاهة موتها .

2- في قصة للعدالة وجوه كثيرة : حيث تتحدث عن الشخص الحقيقي الشريف الذي يعيش النزاهة في عالم موبوء، بينما المسؤول الفاسد يرفض نزاهته التي قد تصبح شاهدا على وضاعته وصفقاته المشبوهة فيلفق له التهم وينتهي به المطاف إلى غياهب السجن ليموت نبض النزاهة مرة أخرى .

3- في قصة موت العدالة : حيث تعلن العدالة عن موتها لأنها ترفض أن يكون لها وجوه متعددة ، بل هو وجه واحد مطلق ، لذا نحرت نفسها وذهبت إلى القبر ، وهنا الكاتبة تريد أن تحيي ذكرها في ضمائرنا حيث تقول: ذهبت إلى القبر متمسكة بوجهها الأزلي مهما حاول واقعنا المزيف تشويهها . وهنا تموت النزاهة مرة أخرى .

4- في قصة أقوال مأثورة: حيث يعلق بطل القصة الأقوال المأثورة على حائط غرفته ، مثال: الحيرة هي السيرة المشتركة للباحثين عن الحق . لذا اختار أن يعيش حالة الضياع بين ما يحفظ من اقوال لا تُطبق على أرض الواقع، أخيرا يطلق الرصاص على نفسه لأنه أشجع من أن يعيش حياة المهزلة وهكذا تنتحر النزاهة مرة أخرى .

5- وفي قصة تخريصات : حيث تُحاك الشائعات بدقة وتسلسل حول شريد تعيس ، ومحسن لطيف يجود عليه ببعض الطعام ويحادثه أحيانا ، وهنا تبدأ الشائعات تُحاك حولهما حتى يُصنع منهما قائدي حركة تخريبية هما بريئان منها ، وتُلفق الشائعات بفنية محترفة حتى تنتهي في نهاية المطاف بالحكم عليهما بالإعدام ، ليعلن الوطن انتصاره المزيف على عصابة حسن كامل (الشريد) ، ومراد (المحسن) وبذلك يموت شعاع الأمل أيضا في هذه القصة .

6- في قصة أفراح التدليس ومصارع الصادقين ، قصة فيما ورد في باب أكاذيب الغواني وترهات الشطار :

حيث سُطي على القبيلة بينما غاب رجالها إلى الحرب ، والعصابة الساطية استباحت نساء القبيلة اللواتي لم يتمنعن كما فعلت الحرة التي نحرت بخنجرها رقبة المُعتدي ، فيقتلونها جزاء عفتها ونزاهتها ، وهكذا تُقتل المرأة التي حافظت على شرفها حتى لا تفضح بشجاعتها وعزتها تفريط نساء القبيلة بشرفهن ، وهكذا تموت النزاهة أيضا .

7-في قصة يوم صادق مؤسف جدا : عندما يفوز موظف الدائرة الضريبية التي يرأس قسم الجباية فيها برحلة حج من أحد المراجعين للدائرة، ويعجز أن يبيع الهدية فيقرر أن يستفيد منها حتى النهاية فيقوم برحلة حجه ، وفي الحج يتعرى المرء أمام الخالق فيرى نقائصه ويقرر أن يولد من جديد تائبا ، طاهرا، نقيا ، فيرفضه المجتمع بولادته الجديدة، ويتنكر له أهل بيته ، ويُحارب في عمله ، وأخيرا يستسلم ويتراجع عن توبته في مجتمع موبوء ، وهكذا يموت الصدق إذ يعلن حجنا انتماءه لعالمه القديم، عالم الكذب الذي هو الحقيقة الفعلية التي نعيشها ، فتموت النزاهة وتوأد في حينها .

8- في قصة أكاذيب الوسط : قصة أوراق ميت : حيث عندما خرجت إلى النور مخطوطة الأديب العجوز المدفوع على أبواب الوسط ونُشرت بدعم من جهات رسمية كثيرة ، بعد أن نُقش عليها اسم شخص آخر في الوسط بدل كاتبها الأديب المبدع الذي رفض أي ناشر عمله الأدبي دون مقابل ، وهكذا يعلن الأديب عن موته ويولد مكانه أديب مزور، ويقبل الأديب الجقيقي بهذه النتيجة مقابل أن يرى عمله النور، وهو موت النزاهة أيضا .

9-وفي القصة السادسة من ألف كذبة وكذبة هناك انتحار من حاول السعادة وعاش زيفها ، وعندما وُجد منتحرا تاركا رسالة مكتوب فيها : هذا عالم تعس لا يُطاق ، وهكذا ينتحر النزيه قهرا .

10-في القصة التاسع عشرة من ألف كذبة وكذبة : حكاية الذي لم يعش حياته كما تمنى ولكنه مات كما يشتهي ليبقى خالدا في ضمائر الناس وكأن الناس تريد أن تخلد الصدق والنزاهة فتدفع حياتها ثمنا لذلك .

11- في القصة الخامسة والعشرين من ألف كذبة وكذبة : يُعلّق النزيه على عود المشنقة ليموت شريفا فيتمنى خصمه لو كان هو المشنوق الذي يحظى بحب جماهيري ، فقد عاش بطلا ومات بطلا وهنا موت النزاهة أيضا .

أخيرا في القصة الإحدى والثلاثين من ألف كذبة وكذبة ، وأنا أعتبر هذه القصة الأهم في المجموعة ، حيث تفترض الكاتبة أنه لو تمكن علم هندسة الجينات أن يهندس البشر المتميزين ، النُخب من قادة وفنانين ، ومبدعين، وعلماء، لاختفى من العالم ما اسمه غير النخب وبذلك تبدو الحياة رتيبة ، مملة، وتفقد رونقها إذ لا مقارنة بينها وبين نقيضها الميت ، وهكذا تفقد معناها ، ويبهت نقاؤها، بل يفقد قيمته ، حينها سيشعر الناس أنهم بحاجة إلى عالم جديد فيه شرور حيث تتضح معالم النقاء وجمال الكمال بالمقارنة مع النقيض الشرير، وهكذا سيجدون معنى لحياتهم إذ سيناضلون من أجل الحفاظ على نقائهم بمحاربة الشر .

نحن لا نطلب عالما شريرا ؟، ولكننا بقليل من الشر سنضفي إلى حياة النزاهة الرونق . نحن بحاجة إلى النزاهة التي تكاد تكون معدومة في واقعنا الحالي .

المجموعة القصصية تذرف الدموع على واقع أليم ، وتتخبط وهي تبحث عن القليل من النزاهة التي غالبا ما توأد ليتخلد ذكرها ، هي في الحقيقة لا تموت إذ تحيا في ذاكرتنا وضمائرنا ولكننا بحاجة لها حية بيننا . وأخيرا لا يسعنا إلاّ أن نتضرع للإله ليصلح قادتنا ليقودوا دفتنا نحو الصلاح الذي تحلم به الكاتبة ويحلم به كل مواطن شريف .