د.عبدالله محمد القضاه
الإصلاح الاداري متطلب سابق للإصلاح الشامل - الاقتصادي والسياسي والاجتماعي ...الخ . والحكومة إعتبرت الإصلاح الاداري مسألة هامشية بحيث الغت وزارة تطوير القطاع العام وإستحدثت إدارة هزيلة للتطوير المؤسسي في رئاسة الوزراء ؛ وعينت وزير دولة للتطوير من غير أي صلاحيات حقيقية ، والأنكى من ذلك إسندت رئاسة مجلس الخدمة المدنية لوزير العمل ؛ غير المختص بالقطاع؛ ويعني ذلك أن ادارة القطاع العام أصبحت بثلاثة رؤوس إذا ما أضفنا ديوان الخدمة المدنية الذي يفتقد للسلطة الرقابية على مؤسسات القطاع العام، ناهيك عن تعيين أصدقاء الرئيس وإقصاء الكفاءات الوطنية عن المواقع القيادية للدولة.
تتفاجىء عندما تكتشف ان دولة عملاقة كالصين تدار حكومتها من (20) وزارة فقط ، والمملكة المتحدة - بريطانيا العظمى تتكون حكومتها من (14) وزارة فقط ، و(12) وزارة فقط في السويد ، ثم نتحدث عن ترهل اداري وضبط نفقات عندما نأتي لمملكتنا الحبيبة التي تتألف حكومتها من زهاء (30) وزارة فقط !!!،
ناهيك عن زهاء سبعين هيئة لم ينزل الله بها من سلطان!!!.
سأحاول عبر سلسلة من المقالات ، تقديم أفكار لإلغاء و /أو دمج الهيئات الرسمية بالشكل الذي يحد من الهدر في الإنفاق ويحقق الرشاقة والفاعلية في الجهاز الحكومي ، دون الإخلال بالمهام الواجبة التنفيذ وبعيدا عن أي التأثير السلبي على المكتسبات الوظيفية للعاملين في هذه الهيئات.
هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، هيئة حكومية تهدف الى ضمان الإلتزام بمبادئ النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد من خلال العديد من الأدوات منها تفعيل القيم والقواعد السلوكية في الإدارة العامة والتأكد من أن الإدارة العامة تقدم الخدمة للمواطن بجودة عالية ، وكذلك التحري عن الفساد المالي والإداري بكل أشكاله ، والكشف عن المخالفات والتجاوزات وجمع الأدلة والمعلومات الخاصة بذلك ومباشرة التحقيقات والسير في الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة بذلك.
بالمقابل ، فإن الدستور نص على إنشاء ديوان المحاسبة لمراقبة إيرادات ونفقات الدولة وطرق صرفها ، ومن بين أهدافه المحافظة على المال العام والتأكد من سلامة استخدامه وإدارته بصورة قانونية وفاعلة ،ومحاربة كافة أشكال الفساد المالي والإداري، وكذلك التنبيه إلى أوجه النقص في التشريعات المالية أو الإدارية المعمول بها ، واقتراح وسائل معالجتها كما يهدف إلى التثبت من أن القرارات والإجراءات الإدارية تتم وفقا للتشريعات النافذة.
، إضافة إلى المساهمة في تعزيز مبادىء المشروعية والشفافية والمساواة في القرار الإداري الذي يتخذ داخل الإدارات الحكومية .
إن مطالبتنا بدمج هيئة النزاهة بديوان المحاسبة لايعني إنقاصا للقائمين عليها ، فهم على درجه عالية من الكفاءة والمهنية ، ولكن تحقيقا للفاعلية وتخفيضا للهدر ، والحد من إزدواجية الأدوار لكل هيئة و /أو مؤسسة ، وعليه من السهل جدا نقل مهام الهيئة المتعلقة بالتحري عن الفساد لديوان المحاسبة كونه نشأ بنص دستوري ، مع ضرورة تعديل قانون الديوان ليتضمن تلك المهام ذات الصلة وتعزيز الديوان بمنح رئيسه ومن يلزم صفة الضابطة العدلية وضرورة إنشاء محكمة خاصة للديوان وتعزيز كادره بنقل جميع المختصين في الهيئة ليصبحوا ضمن كادره الموحد.
أما مهام الهيئة ذات الصلة بمنظومة القيم والقواعد السلوكية في الإدارة العامة وتلقي الشكاوى والتظلم فيتم نقلها لديوان الخدمة المدنية والذي يحتاج أيضا الى تعزيز دوره من خلال نصوص يتم اضافتها لنظام الخدمة المدنية تضمن التزام الإدارة العامة بمبادئ الحوكمة الرشيدة ومعايير المساواة والجدارة والإستحقاق وتكافؤ الفرص ، إضافة الى تعزيز دور الديوان في الرقابة الإدارية بمفهومها الشامل .
ادرك تماما أن هذه الحكومة لن تأخذ بأي فكرة وطنية لترشيق الجهاز الحكومي ، وكلي ثقة بوعي المواطن الأردني الذي يتحمل الأثر المالي الناشيء عن وجود مؤسسات وهيئات تشكل عبئا على خزينة الدولة التي تتغذى من جيبه وعلى حساب قوت أطفاله ، لذلك لابد من التحرك السلمي من خلال الوسائل المشروعة والمؤسسات الحزبية والمجتمعية للمطالبة بدمج / الغاء الهيئات الحكومية ضمن رؤية علمية ومنطقية تراعي الموازنة بين كفاءة القطاع العام وفاعليته.
*أمين عام وزارة تطوير القطاع العام سابقا