القلعة نيوز -
شارك مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب د. رفعـت بدر في فعاليات القمة العالمية للتسامح، والتي عقدت في دورتها الثانية بمدينة دبي على مدار يومين، 13-14 تشرين ثاني الحالي، تحت شعار «التسامح في ظل الثقافات المتعددة: تحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وصولاً إلى عالم التسامح»، بمشاركة ما يزيد عن ثلاثة آلاف شخصية من مئة دولة في العالم.
وابتدأ الاب رفعت كلمته بالترحم على روحين: الاول الكاهن الشهيد ووالده اللذين قتلا معا في دير الزور في سوريا قبل أيام، وقال بأنهما قتلا لأنّ اللاتسامح ما زال موجودا مع كل أسف لدى المجموعات المتطرفة والارهابية. أما الشخصية الثانية التي أشاد بها فهي روح الملك الحسين الباني، حيث جاءت الكلمة في ذكرى ميلاد الحسين، وقال بأن الملك الحسين رحمه الله هو الذي أسس لمصطلح "السلام للاجيال المقبلة ولجميع أبناء ابراهيم" وهم أخوة وأخوات في الايمان، لذلك فانّه قد نقل الأردن إلى مصاف الدول النموذجية في الاحترام المتبادل والحوار الديني والتسامح، وقد مهّد للمبادرات الراقية التي أطلقها الأردن في عهد الملك المعزّز جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وأصبح الأردن مصدّرا لرسائل الوئام العالمية.
وتناول الأب بدر في مداخلته سبعة مفاتيح لإشاعة أجواء السلام داخل المجتمعات، بدأها بأهمية إيلاء الإنسان العربي تنميةً متكاملة، لأنه من دون حياة كريمة له ولأسرته لن يتنبّه إلى واجب الإعتناء بمجتمعه والخير العام، وبالتالي هنالك ارتباط بالحياة السياسية والأمنية والتربوية والبيئة الاجتماعية والاقتصادية، ومحاربة الفقر والبطالة وعدم تكافؤ الفرص.
وقال: "إن الطريق ما زال طويلاً، فلا نريد الاستعجال أو أن نقفز على جروحات الناس، فالحاجة هي الوصول إلى النتائج المطلوبة كثمرة للعمل المتآني والصبور. علينا أن نصبر على مجتمعاتنا، لأنها في حالة ولادة، قد تتعسر، ولكنها حتما سوف تنشئ أجيالاً لا تؤمن إلا بقوة المحبة والعدالة للجميع"، مشددًا على ضرورة أن تحمل هذه المرحلة صفة "الحكمة"، المفتاح الثالث، المطلوبة لدى الرؤساء والقيادات السياسية والدينية لكي لا تشجع على خلق انقسامات وإنما على ربط صداقات.
وأوضح الأب بدر إلى أن المنظومة التربوية في العالم العربي ، لا بل وفي العالم أجمع، بحاجة إلى اصلاح شامل، بدءًا من المناهج التربوية إلى حياة المعلمين والبنية التحتية والمساواة بين الطلبة، مستشهدًا بما جاء في رسالة بطاركة الشرق الكاثوليك لعام 2018: "ان الحاجة الى تربية إنسان جديد يولد مجتمع جديد فيه عدل وحرية وتعاون. وتولد دولة جديدة لكل مواطنيها، أيًا كان دينهم. إنّ التربية الدينية السليمة، سواء للمسيحي أو المسلم، تمكّن من بناء مشروع وطني جديد حيث الكلّ إنسان والكلّ مواطن، والكلّ مؤمن في دينه مخلص له. إنّ المشروع الوطني يبني وطنًا للجميع وفوق الجميع".
كما دعا مدير المركز الكاثوليكي إلى الحفاظ على التعددية، والتي تتضمن الحرية الدينية، أم الحريات وتاجها، مستشهدًا بما جاء في الإرشاد الرسولي ’الكنيسة في الشرق الأوسط‘: "من الأهميّة بمكان الانتقال من التسامح الديني إلى الحرية الدينية". كذلك شدد الأب بدر على أهمية استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة بما يتوافق مع الأخلاق الإنسانية كما والروح الإيجابية. وقال: إن الإعلام الحديث، كسلطة خامسة، قادر أن يجعل المناخ العام محبطًا، وباستطاعته كذلك أن يخلق أجواء من الهدوء والطمأنينة والإيجابية والأمل والرجاء". وختم الأب بدر مداخلته التي جاءت في ندوة بعنوان : "غرس السلام في مجتمعاتنا المتعددة" بانّ هنالك دولا – كما وافرادا - تمتهن وتبدع ببناء الجدران العازلة والمقسمة للبشر، ولكن بالمقابل هنالك دول وأفراد يحترفون بناء الجسور الواصلة بين البشر بالتفاهم والاحترام والتعاون حل معضلات الانسانية. مختتاما بقوله انّ الاردن وشقيقته الامارات من دول بناء الجسور لا الجدران.
هذا وافتتح وزير التسامح في الامارات الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان أعمال القمة التي تعقد للمرة الثانية في دبي، وتضمنت أعمالها عدة جلسات حوارية وورش عمل تمحورت حول تعزيز مبادئ التعايش السلمي والاحترام المتبادل وتقبّل الآخر وتفهمه. كما قُدّمت نماذج من تجارب الدول في التسامح، ودور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في بث رسائل قائمة على احترام التعددية الثقافية والدينية، والالتزام المشترك بقيم الحوار واحترام الآخر وإذكاء الوعي بالحاجة الملحة إليهما، ودور مناهج التعليم العالي والإعلام في تعزيز قيم التسامح والسلام، إلى جانب التطرق لأهمية المشاركة في المبادرات المجتمعية والعالمية لتعزيز هذه القيم الإنسانية.