نشر المفكر الاميريكي فرانسيس فوكوياما عام 1992 كتابه المثير بعنوان "نهاية التاريخ" مبشرا باختفاء الصراعات العقائدية و توابعها العسكرية ، بعد ان حسمت كامل الخلافات لمصلحة الغرب بسقوط المعسكر الشرقي . رؤية فوكوياما افترضت ان العالم اجمع سيتجه الى العولمة و التنافس الابتكاري مع اضمحلال الافكار العقائدية الجامدة و الابتعاد عن العنف . في تلك الفترة عقد الكونغرس الاميريكي جلسات لاستشراف المستقبل بعد انتهاء حالة القطبين الدوليين و انتشار العولمة الفكرية و السياسية و الاقتصادية ، حيث ناقش بعض الخبراء التحدي الجديد و الذي يتمثل في غياب عدو كبير واضح كالدب الروسي ، و ظهور اعداء اخرين اصغر و اكثر عددا و مرونة و انتشارا يتحركون كالافاعي و العقارب بحسب وصفهم . لم يحسم الجدل الا بمفاجأة ايلول 2001 و ما تلاها من تداعيات هائلة و تعدد لطرق الارهاب الدولي من استخدام للتكنولوجيا المتقدمة ، و الاسلحة التقليدية ، الى البيضاء ، و كذلك المبتكرة كاستخدام الشاحنات لدهس المارة في مدن العالم ، و غيرها من الاساليب. و مع كل ما مر علينا من ازمات ارهابية ، و فقدان ارواح بريئة ، فان جهود المكافحة تقف عموما عند الحدود الوطنية بينما يتخطاها الارهاب (و الجريمة المنظمة) الكترونيا و عمليا. الدراسات توضح ان الفكر الارهابي التدميري حول العالم منتشر بشكل اكبر مما نتعقد. الارهابي بشكل عام ليس فقيرا او فاقدا للتعليم (الثقافة للاسف لا تعتمد على التعليم المنهجي) ، بل هو متطور تكنولوجيا و من الطبقات الوسطى ، يعرف العالم ، و لدية رغبة تخريبية كبيرة . هذه المجموعات ، او الذئاب المنفردة ، لديها قدرة مخيفة على توظيف مزايا العولمة و البيانات المفتوحة للارهاب و الاجرام . المفارقة هي انه و مع كل التنسيق الدولي بشأن الارهاب ، و الجرائم المنظمة ، لا زال الامن وطنيا بمجمله لاعتبارات سيادية و قانونية و مهنية ، بينما يتعامل الارهابي المجرم مع العالم كساحة واحدة بشكل يمكنه من استغلال الثغرات و هي كثيرة . الفكر الامني حول العالم بحاجة ماسة الى اعادة نظر في مفاهيمه و وسائله. معتقدات الماضي الامنية لن تحمي المستقبل .
اللواء (م) عبد اللطيف العواملة يكتب: امن وطني و ارهاب دولي
نشر المفكر الاميريكي فرانسيس فوكوياما عام 1992 كتابه المثير بعنوان "نهاية التاريخ" مبشرا باختفاء الصراعات العقائدية و توابعها العسكرية ، بعد ان حسمت كامل الخلافات لمصلحة الغرب بسقوط المعسكر الشرقي . رؤية فوكوياما افترضت ان العالم اجمع سيتجه الى العولمة و التنافس الابتكاري مع اضمحلال الافكار العقائدية الجامدة و الابتعاد عن العنف . في تلك الفترة عقد الكونغرس الاميريكي جلسات لاستشراف المستقبل بعد انتهاء حالة القطبين الدوليين و انتشار العولمة الفكرية و السياسية و الاقتصادية ، حيث ناقش بعض الخبراء التحدي الجديد و الذي يتمثل في غياب عدو كبير واضح كالدب الروسي ، و ظهور اعداء اخرين اصغر و اكثر عددا و مرونة و انتشارا يتحركون كالافاعي و العقارب بحسب وصفهم . لم يحسم الجدل الا بمفاجأة ايلول 2001 و ما تلاها من تداعيات هائلة و تعدد لطرق الارهاب الدولي من استخدام للتكنولوجيا المتقدمة ، و الاسلحة التقليدية ، الى البيضاء ، و كذلك المبتكرة كاستخدام الشاحنات لدهس المارة في مدن العالم ، و غيرها من الاساليب. و مع كل ما مر علينا من ازمات ارهابية ، و فقدان ارواح بريئة ، فان جهود المكافحة تقف عموما عند الحدود الوطنية بينما يتخطاها الارهاب (و الجريمة المنظمة) الكترونيا و عمليا. الدراسات توضح ان الفكر الارهابي التدميري حول العالم منتشر بشكل اكبر مما نتعقد. الارهابي بشكل عام ليس فقيرا او فاقدا للتعليم (الثقافة للاسف لا تعتمد على التعليم المنهجي) ، بل هو متطور تكنولوجيا و من الطبقات الوسطى ، يعرف العالم ، و لدية رغبة تخريبية كبيرة . هذه المجموعات ، او الذئاب المنفردة ، لديها قدرة مخيفة على توظيف مزايا العولمة و البيانات المفتوحة للارهاب و الاجرام . المفارقة هي انه و مع كل التنسيق الدولي بشأن الارهاب ، و الجرائم المنظمة ، لا زال الامن وطنيا بمجمله لاعتبارات سيادية و قانونية و مهنية ، بينما يتعامل الارهابي المجرم مع العالم كساحة واحدة بشكل يمكنه من استغلال الثغرات و هي كثيرة . الفكر الامني حول العالم بحاجة ماسة الى اعادة نظر في مفاهيمه و وسائله. معتقدات الماضي الامنية لن تحمي المستقبل .