القلعة نيوز- حمادة فراعنة
في علم الجريمة حينما لا يترك المجرم أثراً دالاً على شخصيته وأثاره وبصماته، يبحث الأمن عن المستفيد لفعل ونتائج هذه الجريمة، فمن له مصلحة في جريمة تفجير ميناء بيروت في وقت: 1- يواجه لبنان حصاراً سياسياً اقتصادياً أميركياً إسرائيلياً على خلفية مشاركة حزب الله في مؤسسات الدولة برلمانياً وحكومياً، 2- انتهاكات متواصلة للسيادة اللبنانية والسورية وتطاول قدرات المستعمرة عليها، 3- تصريحات رئيس حكومة المستعمرة أنه وجه ضرباته لمن حاول المس بأمن المستعمرة وسحب التصريح من المواقع الإعلامية الموالية، 4- تصريحات الرئيس الأميركي ترامب أن فعل التفجير حصيلة فعل فاعل وكاد يتباهى على أنه إنجاز قبل أن تظهر نتائجه أن الموقع مدني في الميناء وأن الضحايا من المدنيين فتراجع ترامب وكأنه لم يقل ما قاله.
لذلك يبقى أن المجرم المعروف الفار من وجه العدالة اللبنانية وعدالة المجتمع الدولي على ما قرفه من جرائم بحق لبنان وشعبه وهي لا تُحصى ولا تُعد، ولم يكن أخرها الاعتداء الفاحش على لبنان عام 2006، والذي أسفر عن قرار وقف إطلاق النار ما زال صامداً في الجنوب، ولكن الاحتكاكات تتم على أرض سوريا بين المستعمرة وحزب الله.
الصديق العزيز بسام القواسمي كتب تعليقاً على مقالتي أمس «بيروت تحترق وقلوبنا معها» قال فيها: «ماذا أقول أيها الرسام والنحات، رسمت صورة لبنان بجمالها وثقافتها ورموزها وتضحياتها وكبرها وعنفوانها، وليس كل من كتب، أفاد وأجاد يا صديقي».
لبنان بالنسبة لي واجب وعشق ورد جميل، قضيت أياماً وأشهر وسنوات في جنوبه في كفر شوبا وكفر حمام والخيام والفريديس والعديسة والمجيدية وعلى طول ضفاف الحصباني، عشت مع الفلاحين في سبعينيات القرن الماضي بعد الجامعة أرعى لهم أغنامهم بالقرب من الحدود اللبنانية الفلسطينية، وفي مواجهتها وأساعدهم مع رفاقي في حصاد الخروب والزيتون والعنب، وتعلمت منهم الطيب والوطنية وتعرفت على حبهم لفلسطين والعداء المشترك للعدو الوطني والقومي والديني والإنساني حيث نقف ونعمل معاً في مواجهته، ودوري في تعزيز ظاهرة المحبة من جانبنا لشعب شكل حاضنة متقدمة للنضال الفلسطيني، وحائط صد للعدو الإسرائيلي تمنعه من التسلل.
لبنان يعيش لحظات فراق وقلق وتردد، وتفرض عليه الانحياز، ويدفع ثمن خيار الانحياز المحدود، لأنه لا يستطيع أن يكون مع محور حزب الله دمشق طهران، ولا يملك أن يكون في خندق متصادم مع هذا المحور، ولذلك يقع في شرك خياراته المتعثرة.
من جهة أخرى علينا أن نلحظ أن التضامن المعنوي معه يأتيه من كل الأطراف العربية، ولكن الأطراف المعادية لخط حزب الله ونفوذه وخياراته، في حالة استنزاف مالي بسبب الحروب البينية العربية، وهبوط أسعار النفط ، والقرار الأميركي الملزم بفرض الحصار على لبنان، ولذلك تتدفق المساعدات العينية غير المالية من الأطراف العربية، لدوافع إنسانية محرجة، ولكنها تخلو من التدفقات المالية التي يحتاجها لتعينه على محنته ودمار مؤسساته وإفقاره، لبنان في محنة لا تقل عن سوريا والعراق واليمن وليبيا والصومال، فهل من معين، هل تستطيع فرنسا إنقاذ لبنان؟؟.