أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان «محركات النمو في القطاع الزراعي: ما المطلوب لتعزيز الاكتفاء الذاتي؟». والتي حدد فيها عدداً من المحركات الرئيسية التي ينبغي تكاملها وترابطها حتى يتمكن القطاع من تحقيق النمو المنشود في القطاع الزراعي؛ حيث أشار المنتدى إلى خمسة عناصر أساسية تتمثل في الأراضي الزراعية، والموارد المائية، والاستثمارات، وأثر التكنولوجيا في نمو القطاع، بالإضافة الى خصائص الموارد البشرية العاملة في القطاع.
وفيما يتعلق بالأراضي الزراعية؛ أشارت الورقة إلى أن النمط الزراعي في الأردن يعتبر عشوائياً إلى حد كبير، حيث أن نسبة أعداد الحائزين الزراعيين للأراضي التي تقل عن 10 دونمات تقدر بحوالي (74 ٪) من إجمالي أعداد الحائزين مما يعقد من عملية تنظيم المزارعين ضمن مظلة تشريعية شاملة. إضافة إلى تدني إنتاجية المحاصيل الحقلية في الأردن مقارنة بالدول المشابهة، بالرغم من كون المحاصيل الحقلية تشكل النسبة الأكبر من إجمالي الأراضي المستغلة زراعياً بحوالي النصف (47 ٪). كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة الأراضي الصالحة للزراعة (غير المستغلة) تقدر بحوالي (70 ٪) من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة في الأردن.
وفيما يتعلق بخصائص الموارد المائية؛ بينت الورقة بأن محدودية الموارد المائية تفاقم من مستوى التحديات المستقبلية في حال تم التوسع في القطاع الزراعي. حيث أن الزراعة المروية تشكل حوالي (40 ٪) من إجمالي الأراضي الزراعية (المستغلة) في الأردن، كما تعتمد منطقة الأغوار بشكل كامل على الزراعة بالري. وأشارت الورقة إلى أن نصيب القطاع الزراعي من الموارد المائية غير المتجددة يقدر بحوالي (20 ٪)، على الرغم من كون القطاع الزراعي من أقل القطاعات الاقتصادية من حيث العائد المائي للمتر المكعب الواحد من المياه مقارنة بالقطاع السياحي والصناعي.
وفي جانب الموارد البشرية المرتبطة بالقطاع، أشارت الورقة إلى تركز العمالة الوافدة في القطاع الزراعي الأردني؛ حيث بلغت نسبة العمال الدائمين (من غير الأردنيين) نحو (75 ٪) من إجمالي العمال الدائمين في القطاع. وعزت الورقة السبب في ذلك إلى ارتفاع معدلات الأجور في الأنشطة الاقتصادية الأخرى مثل الصناعة والخدمات، حيث يقدر متوسط دخل الفرد في القطاع الصناعي والخدمي حوالي 3 أضعاف متوسط دخل الفرد في النشاط الزراعي.
وبالنسبة إلى الاستثمارات في القطاع الزراعي؛ أشارت الدراسة إلى أن حصة الزراعة من الاستثمارات والتمويل لا زالت ضئيلة مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى كالإنشاءات والتجارة والخدمات الصناعية، كما بلغ إجمالي قيمة القروض البنكية لقطاع الزراعة 337 مليون (ما نسبته 1.2 ٪) من إجمالي التسهيلات البنكية لعام 2019، وذلك نتيجة لتصنيف البنوك في الأردن للقطاع الزراعي على أنه من القطاعات عالية المخاطر والإحجام عن تمويل الشركات الزراعية وخاصة في المشاريع الصغيرة والمتوسطة؛ ما تسبب في تناقص عدد الشركات المسجلة في القطاع الزراعي من 816 شركة لعام 2018 إلى 656 شركة زراعية في عام 2019.
وفيما يخص الفوائد المترتبة على استخدام التكنولوجيا الزراعية في خلق نقلة نوعية بالقطاع؛ بينت الدراسة بأن الزراعة الحديثة تعتبر وسيلة فعالة في تعزيز نمو القطاع الزراعي وزيادة مستوى انتاجيته، إضافة إلى دورها الأساسي في تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية، مما يتطلب من المعنيين وأصحاب القرار في الأردن تحديد مدى استخدام التكنولوجيا في القطاع الزراعي وماهي الإمكانيات المتاحة في تطبيق تقنيات عصرية وحديثة وتكلفة الاستثمارات اللازمة لها.
وشدد المنتدى في ورقته على الدور المحوري للقطاع الخاص بالنهوض بالقطاع الزراعي في الأردن من خلال تطوير علاقة ثنائية بين الحكومة والشركات الزراعية تضمن تسهيل القروض البنكية وبأسعار فائدة منخفضة، بالإضافة إلى تنويع التسهيلات المالية بما يتلاءم مع قدرات الشركات الزراعية، واستحداث شراكة بين المؤسسات الحكومية بالتعاون مع شركات التأمين بهدف تكوين كيان زراعي مختص بتعويض صغار المزارعين عن أي خسائر محتملة نتيجة للتقلبات الجوية أو موجات الصقيع.
وأوصى المنتدى بضرورة التوسع في المشاريع ذات العلاقة بالمياه المعالجة، وذلك في سبيل الوصول إلى نسبة تزويد عالية للقطاع الزراعي بالمياه المعالجة، خاصة إذا ما تم التوسع في القطاع الزراعي مستقبلاً؛ مع التركيز على نوعية المياه المعالجة التي تتلاءم مع المحاصيل الزراعية، وضرورة تعزيز إدارة الموارد المائية بشكل فعال والتخفيف من نسبة الفاقد من المياه، من خلال إعادة تصميم شبكات المياه، واستبدال العدادات القديمة بأخرى ذكية وتصحيح بيانات المشتركين عن طريق مسح شامل. وذلك في سبيل التخفيف من نسبة الفاقد في الأردن.
وأكد المنتدى على أهمية إنشاء هيئة زراعية تابعة للمركز الوطني للبحوث الزراعية في سبيل دراسة إنتاجية المحاصيل الزراعية وخاصة الحقلية مثل القمح والشعير؛ وتقديم الدعم الفني والتقني للمزارعين بأقل التكاليف، لما سيعود بالنفع على القطاع؛ ودعم المشاريع الابتكارية وإعادة هيكلة سياسة الدعم الزراعي على أساس تحقيق أهداف مرتبطة بالتوسع في استخدام التكنولوجيا والتقنيات الحديثة.