شريط الأخبار
الأمير الحسن يرعى افتتاح مؤتمر "المسيحيون في المشرق العربي وطموحات الوحدة والتنوير" / صور ولي العهد يزور الجناح الأردني في معرض إكسبو 2025 أوساكا ولي العهد يزور معرض إكسبو في اليابان ويشهد الاحتفال باليوم الوطني الأردني فيه ولي العهد يلتقي ولي العهد الياباني في طوكيو الأميرة غيداء طلال تشكر سفارة التشيك في عمان سيكولوجية الإنسان المقهور والمتخلف. رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، يشيد بمبادرة شركة الكهرباء الأردنية (جيبكو) بتخصيص 5 بالمئة من أرباحها على مدى 3 سنوات الرمثا .. مقتل طفل بعيار ناري اثناء عبثه بسلاح "بمبكشن" الدكتور نزار حداد … نموذج ريادي أردني في الابتكار الزراعي والتأثير الدولي ولي العهد يزور معرض إكسبو في اليابان ويشهد الاحتفال باليوم الوطني الأردني فيه الجنون بعينه.. إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة ويبلغ نهائي دوري الأبطال أسعار "الليمون" تتجاوز السقوف في الاسواق... وتراشق في الاتهامات ترامب يعلن مقتل ثلاثة أسرى اسرائيليين ويقول إن 21 فقط على قيد الحياة الدين العالمي يبلغ مستوى قياسياً متجاوزاً الـ324 تريليون دولار في الربع الأول 2025 بعد وداع دوري الأبطال.. فليك يشيد بفريقه ويشكك في التحكيم ارتفاع تدريجي على درجات الحرارة وطقس دافئ حتى السبت كتائب القسام: أوقعنا قوة صهيونية بين قتيل وجريح بخان يونس النفط يصعد 4% بعد مؤشرات على زيادة الطلب في أوروبا والصين بصقة واستفزازات.. تفاصيل المشادة الساخنة بين أتشيربي ومدافع برشلونة مجلس النواب يدعو للتحرك مع الهيئات الدولية لإعادة فتح مكتب صندوق وقفية القدس

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

القلعة نيوز :

ربما لن يتمكّن «بروفايل» قصير القامة بعدد كلماته، أن يسرد سيرة غنية، ويطل على شخصية ذات تجربة نضالية فريدة، لكننا آثرنا أن نحفر بعمق، في تاريخ شخصية قيادية للحركة الفلسطينية الأسيرة، للعثور على ما تكتنزه من تجارب، والوقوف على مستوى غناها.

عشرات آلاف الفلسطينيين خاضوا تجربة الاعتقال، ولكن سيلاً من التفاصيل المعبّرة عن وجع ناصر أبو حميد «الأسير الإنسان» من مخيم الأمعري قرب رام الله، ربما تعبّر عن همومه «الصغيرة» التي كادت أن تغرق في بحر الحديث عن التضحية والبطولة، في حين لم تدع مساحة للحديث عن الألم والضعف والشوق، رغم أن هذه المفردات هي الحجج الأقوى في «المرافعة الإنسانية» بعيدة المدى أمام جبروت الجلاد.

اعتقل أبو حميد لأول مرة قبل أن يكمل عامه الـ13، لكن هذا لم يثنه عن مشواره النضالي، فتكرر اعتقاله خلال الإنتفاضة الأولى، آخرها بعد مطاردة طويلة العام 1990، وحملت شعار «ناصر أبو حميد.. المطلوب حيّاً أو ميتاً» وفي خضم إنتفاضة الأقصى العام 2000، أسس مع ثلة من رفاقه كتاب شهداء الأقصى، ليعاد اعتقاله إبّان الإجتياح الإسرائيلي الشهير للمدن الفلسطينية العام 2002، ويقضي حكماً مؤبداً.

ولأن الاحتلال الآثم، يأبى إلا أن يُمعن ويتمادى في غيّه وغطرسته، واستعلائه المقيت، فلا يترك من شروره وآثامه وسوءاته، صغيرة ولا كبيرة، إلا ويمارسها، فإن هذا السلوك المُشين، تجلّى بكل الحقد والكراهية، ضد الأسير أبو حميد، تعذيباً وعزلاً، لكنهم لم ينالوا من عزيمته أو معنوياته، وهو المعروف لديهم بصلابته.

مع دخوله عامه الـ50 في هذه الأيام، يبرز مع الأسير ناصر أبو حميد، الوجه الآخر للبطولة، وهو يضع يداه على المواطن المؤلمة من ثمنها الباهظ جداً، إذ طرأ تدهور جديد على وضعه الصحي، فيعاني ارتفاعاً في الحرارة، ناهيك عن الآلام القاسية الناتجة عن إصابته بالسرطان، ليقدم من سجنه حديثاً مختلفاً، يعدّ بمثابة كشف حساب إنساني، بعد محاولات متكررة لقتل الروح والجسد.

لك أن تسأل ناصر: كيف أمضيت كل هذه السنوات خلف القضبان؟.. ألم تشعر بطول المدة؟.. وكيف تعايشت مع سجانك؟.. وكيف لك بهذا الصمود الأسطوري؟.. فيض من الأسئلة المشروعة، التي يواجهها أبو حميد، لكنها سرعان ما تتبخر وتتوارى لمجرد أن تعرف أن ناصر من عائلة أدمنت النضال، ضمّت شقيقه عبد المنعم شهيداً، وإخوانه الأربعة نصر وشريف ومحمـد وإسلام رهن الإنتظار المؤبد لمعانقة الحرية.

والحرية ليست كلمة جوفاء في حياة أبو حميد، ما دام رهين أصفاده، وهي ليست شعاراً ولا تعبيراً خاوي المضمون، إنها حالة إنسانية تُعاش، تُلمس، وتُستنشق.. وطالما هناك المئات من رفاق ناصر أسرى لدى الاحتلال، فلن نستطيع القول أن هناك حرية.

يرتكز صمود أبو حميد على شيئين: أولهما تجدد القناعة اليومية بصدق وعدالة ما قام به من فعل وطني، وعدم الندم عليه، إضافة إلى الإعداد اليومي للحظة التحرير مهما طالت مدة اعتقاله، وثانيهما عدم الانفصال أو التساوق مع هذا الفصل القسري عن نبض الحياة اليومية خارج السجن، فيقاوم محاولات التحطيم المعنوي الذي يتعرض له عبر متابعة الأحداث اليومية، أكان من خلال الصحف أو الراديو أو التلفزيون، أو عبر السؤال خلال الزيارات عن الأحوال العائلية، وكأنه يعيش في الخارج.

وليس هناك أغلى من الحرية بالنسبة لأبو حميد، الذي عاشت عائلته التشريد إبّان النكبة، إذ ينحدر من قرية السوافير الشمالية قضاء غزة، ويعدّ الخروج من واقع الأسر إلى عالم الحرية أمنيته التي لا زال يتمسك بأهدابها، وإذا نظرنا إلى التحرر بالمفهوم الشخصي الأُسري الصغير، فلن تجد كلمات يمكن أن تصف سعادة أبو حميد «المُحرّر» عندما يعود بعد طول غياب، إلى بيته الذي هدمه الاحتلال مرات ومرات، أو يعانق أمه «خنساء فلسطين» كما يحلو للفلسطينيين أن يسمّونها.

في انتظار حريته يبدو كل شيء معقّدا ومركّبا في تفاصيل الحياة اليومية لناصر، فالاحتلال يرفض الإفراج عنه أو إدراج اسمه ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى، وما جرى خلال الصفقات الأخيرة، خير دليل على صحة هذا الكلام، إذ مورست وتمارس بحقه أساليب تعذيب نفسية، بناء على توصية من جهات تُسمّى زوراً «قضائية»، ولا تعير أي اهتمام، للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، التي تحرّم استخدام أساليب نفسية، خصوصاً ضد الأسرى المرضى كحال ناصر.

ولا يمكن بحال، حصر معاناة ناصر أبو حميد، دون التطرق لزنازين العزل الإنفرادي، التي استهدفت النيل من صموده، وهزّ عرش معنوياته، لكن هيهات أن تحقق مبتغاها.

ناصر أبو حميد دخل السجن بحالة صحية مثالية، لكنه سيخرج منه مثقلاً بالأمراض، وآثار التعذيب، ما يعني أنه لن يكون في مأمن حتى في حال تحرره، إذ يُنذر ما تعرض له من تعذيب قاس، والمصحوب بإهمال طبي متعمّد، عن ترجمة فعلية لاستهدافه أسيراً أو محرّراً، لا لشيء إلا لأنه كان في طليعة النضال الفلسطيني.