القلعة نيوز : الدوحة - كما يضع رب الأسرة بصماته على مسيرة أبنائه يفعل المدرب فيليكس سانشيز مع لاعبي منتخب قطر.
ويستعد «العنابي لخوض أولى تجاربه في كأس العالم التي تحتضنها بلاده للمرة الأولى في الشرق الأوسط، بدءا من 20 تشرين الثاني الحالي، حتى 18 كانون الأول المقبل.
تلك المقاربة التي يقدمها المعلق المصري أحمد الطيب عن المدرب الإسباني، يؤكدها المدرب المحلي عبدالله مبارك إذ قال «الفترة الطويلة التي أمضاها سانشيز في قيادة هذه المجموعة من اللاعبين ساعدت على خلق علاقة ودية وعائلية».. يذهب الطيب أكثر من ذلك بقوله إن «الإشارة أصبحت تكفي لكي يدير سانشيز نظام اللعب أو يغير استراتيجية».
مبادئ برشلونة
تدرج فيليكس سانشيز باس الذي سيبلغ 47 عاما في 13 كانون الأول المقبل، كمدرب في فرق الشباب في برشلونة منذ عام 1996 عندما كان بعمر 11 عاما فقط.
أسوة بلويس إنريكي مدرب منتخب إسبانيا وبيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، تشرب سانشيز خلال سنواته العشر في أكاديمية لاماسيا مبادئ أسلوب «تيكي تاكا» للاستحواذ والتمرير السريع.
التحق بعدها بأكاديمية أسباير القطرية عام 2006، بدعوة من مدير مركز التكوين السابق في برشلونة جوسيب كولومير المسؤول الجديد عن التعاقدات في أسباير.
عن الفارق بين أسباير ولا ماسيا، يوضح سانشيز، لمجلة كرة القدم «بانينكا» عام 2019 «في برشلونة، شعرت بالامتياز، لكنني رأيت أنني لا أستطيع أن أتطور أكثر كمدرب».. يضيف «وجدت في أسباير فرصة للتقدم».
وراهنت قطر على المدرسة الإسبانية، ممثلة بسانشيز ومساعديه الثلاثة سيرجيو أليغري، ألبرتو مينديس-فيلانويفا، وكارلوس دومينيك مونفورتي، لتأسيس جيل يبلغ المستوى العالمي.
يقول أحمد الطيب الذي يقدم أيضا برنامجا مختصا بالتكتيك الكروي في قنوات الكأس الرياضية منذ عام 2006 «المدرسة الإسبانية لم تأت لتضع تفاصيلها الأخيرة على الكرة القطرية، لكنها بدأت مع اللاعبين، من صفوف الحضانة وصولا للجامعة، بالمعنى الكروي طبعا».
بعد تعيينه مدربا لمنتخب دون 19 عاما، قاد سانشيز العنابي الشاب للفوز بكأس آسيا 2014.
كان المنتخب يضم وقتذاك، 5 من لاعبي أول فريق قاده الإسباني مع أكاديمية أسباير التي يديرها منذ عام 2011 مواطنه إيفان برافو، مدير الاستراتيجية السابق في نادي ريال مدريد.
يعتبر برافو، في فيديو بثته أسباير تحت عنوان «بلا حدود»، أن شخصية سانشيز هي واحدة من العوامل الرئيسة التي ساهمت في تسريع نجاح الأكاديمية.
وقال «سانشيز هو المدرب الذي حقق تدرجا مع الفئات السنية وعمل مع هذا الجيل عندما كانوا شبانا إلى أن رفعوا اسم البلاد عاليا، وساهموا في نجاح منتخب قطر، لذا فإن شخصيته كانت أساسية في النجاح».
تابع سانشيز صعوده مع الكرة القطرية حتى أصبح مدربا للمنتخب الأول في 2017، فقاد قطر بعدها بعامين إلى تحقيق لقب كأس آسيا في الإمارات، لأول مرة في تاريخ البلاد على هذا المستوى.
راكم سانشيز الخبرات أيضا عبر الاختلاط بمدارس متنوعة، فشارك «العنابي» مدعوا في كوبا أميركا، الكأس الذهبية، والتصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال، قبل أن يختتم ابن مدينة برشلونة تحضيراته بـ»عزل» اللاعبين عن أنديتهم والإعلام، بمعسكر صيفي بين إسبانيا والنمسا، تخلله وديات عدة وامتد خمسة أشهر.
تيكي تاكا وكاتيناتشو
ترى صحيفة موندو ديبورتيفو الكتالونية أن «نجاح سانشيز، تحقق بنفس الأسلوب الذي اعتمده لمدة 10 سنوات مع فئات الشباب في برشلونة»، وتضيف «المدرسة القائمة على حيازة الكرة، وتحرك اللاعبين مع وجود جناحين لفتح الملعب قدر الإمكان».
لكن الطيب (60 عاما) الذي لعب ودرب سابقا العديد من الأندية في مصر، يرى أن «سانشيز وضع بصمته الخاصة من حيث الاستحواذ، لكنه كان يغير أحيانا إلى الكاتيناتشو أو المدرسة الإيطالية عبر الدفاع المتأخر والهجوم المعاكس، وقد نجح في المزج بين الطريقتين جيدا».
يعلل الطيب «قطر فازت بكأس آسيا ولم تكن الأكثر استحواذا، مما يؤكد إمكانية التخلي عن الاستحواذ في بعض المباريات لإتمام المهمة، وهذه قيمة المرونة عند سانشيز».
يبتعد عن الرسميات
بخلاف تفضيله الملابس الرياضية، يعيش مدرب «العنابي» حياة هادئة، ويقضي الوقت القليل المتاح خارج كرة القدم مع أسرته. لا يبالغ في مظهره، إذ كان ارتداؤه لافتا لقميص رياضي أسود خاص بالجهاز الفني، أثناء المباريات، وفي بطولات متعددة بين عامي 2019 و2021.
كما جذب الانتباه بانتعال حذاء رياضي رمادي خلال كأس آسيا للشباب 2017 وكأس آسيا للكبار 2019، على سبيل التفاؤل، قبل أن يقرر مؤخرا الاحتفاظ به للذكرى.
يشدد سانشيز على الانضباط في المعسكرات كما يحرص أن ينام الجميع باكرا.. يقول الطيب إنه «يتمتع بشخصية متزنة في الخسارة أو الربح، وبعد الأداء الجيد أو المتراجع». وفيما يرى نجم المنتخب القطري السابق عبد الله مبارك (60 عاما) أن وجود اللاعبين مع بعضهم البعض لفترة طويلة، جعل كل لاعب يحفظ دوره ودور زميله، يزيد الطيب بأن «اللاعبين يعرفون بعضهم البعض بنظرة العينين فقط». يشير الطيب إلى أن النجاح الذي حققته هذه المجموعة ضاعف الثقة عند اللاعبين بقدراتهم أولا، وبقدرات مدربهم ثانيا.. وقال «تشعر أثناء المباراة بوجود سانشيز داخل كل واحد منهم، بل تشعر كأنه بالفعل أحدهم». (وكالات)