" القيادات المتحكِّمة في تنظيم الاخوان المسلمين اليوم هي نفسها منذ عشرين عامًا وأكثر، أو من سلالتها من داخل نفس العائلة، ولا عزاء لأفراد التنظيم المساكين الذين عليهم السمع والطاعة ودفع الاشتراكات...وقد وصلت الصراعات حدّ التخوين، وتبادل الاتهامات بين الاجنحة المتصارعه التي ا نبثقت كلها من رحم التنظيم. هناك فضائل، نريد أن نذكَّر الإخوان المسلمين بها
لقد كانو ا ركيزة استقرار الوطن ، وقفوا في صفِّ الدولة الأردنيَّة، وفي عام 1970 رفضوا أن يتمَّ الزجّ بهم ضدّ بلدهم وكانوا الأوفياء للقيادة والوطن. أضف على ذلك دورهم الإيجابي في تنشئة الشباب الأردني...لأنَّنا نحبّ جماعة الإخوان المسلمين، نطلب منها ومن القائمين عليها"إعلان موتها ودفنها "
================================
القلعه نيوز - بقلم -د. أسامة أبو الرب*
-------------------------------------
خلال تصفُّحي للمواقع الإخباريَّة الأردنيَّة صادفني تقرير يتحدَّث عن تحضيرات جماعة الإخوان المسلمين للمشاركة في الانتخابات البرلمانيَّة القادمة. ما أذهلني أنَّ غالبيَّة الأسماء التي عرضها التقرير هي لأسماء إخوانيَّة تقود الجماعة منذ عشرين عامًا أو أكثر!
في علم الاجتماع والسياسة، هناك مصطلح معروف اسمه "دوران النخبة”، وهو يعني أنَّ النخبة السياسيَّة والاجتماعيَّة التي تقود تنظيمًا أو جماعة أو دولة، تتغيَّر، ممَّا يمنع أو يقلِّل خطر الفساد الناجم عن تحكُّم فرد معيَّن أو أفراد بالمنظومة لسنوات طوال، كما يضخُّ دماءً شابة في القيادة، ويعطي أملًا للجيل الأصغر بأنَّ لديه فرصة للدخول في الحلبة السياسيَّة والاجتماعيَّة.
جزء من الخطاب الإخواني الناقد للسلطة -داخل الأردن وخارجه- كان مبنيًّا على انتقاد عدم سماحها بدوران النخبة، وهو أمر -لسخريَّة الأقدار- طبقته جماعة الإخوان أيضًا في الأردن وخارجه، ونحن نرى أنَّ القيادات المتحكِّمة في التنظيم هي نفسها منذ عشرين عامًا وأكثر، أو من سلالتها من داخل نفس العائلة، أي ابن القيادي أو نسيبه. فالقيادي الإخواني ينجب قياديًّا، ولا عزاء لأفراد التنظيم المساكين الذين عليهم السمع والطاعة ودفع الاشتراكات.
هناك الكثير من الحقائق التي يمكن سردها حول تجربة الإخوان المسلمين خارج الأردن قبل داخله، والتي لا متَّسع للحديث عنها في هذا المقال. ولكن الحقيقة الأهم هي الفشل. ففي كل بلد تصدَّر فيه التنظيم، كان حصاده حربًا أهليَّة كما في السودان، أو انقسامًا كما في فلسطين، أو اضطرابات شعبيَّة حادَّة كما حصل في مصر وتونس.
إحدى أبرز مشاكل الإخوان هو أنَّ التنظيم لا يعترف أنه تنظيم سياسي، هدفه السلطة، والنتيجة إحاطة نفسه بهالة، وكأنَّ من ينتقده ويواجهه يواجه الإسلام. الحقيقة هي أنَّ الإخوان المسلمين -ككل الأحزاب- طلاب سلطة -، وهذا ليس عيبًا، العيب هو اخفاء هذه الحقيقة عن الناس وإيهامهم بعكس ذلك.
في الأردن شهد التنظيم انشقاقات حادَّة، بين ما يسمَّى بتياري الصقور والحمائم، تطوَّر لإشهار جمعيَّة جماعة الإخوان المسلمين، وصراعها مع الجماعة الأقدم.
هذه الصراعات وصلت حدّ التخوين، وتبادل الاتهامات بين الاجنحة المتصارعه التي ا نبثقت كلها من رحم التنظيم !
في الحقيقة لم يكن هناك يوما شيء اسمه تيَّارات في الإخوان، فكل تيار له هدف يسعى لتحقيقة بغض النظر عن اسباب الخلافات ..ولكن في جماعة الإخوان المسلمين، فإنَّ الصقور لم "تجرح” يومًا، والحمائم لم "تبِض”!
وجميع المختلفين يهربون دوما الى استغلال القضيَّة الفلسطينيَّة للحصول على شعبيه .. أمَّا ملفَّات مثل الاقتصاد والأمن، فهو أمر خارج نطاق الجماعة وإمكانيّاتها.
الخلافات التي عصفت بجماعة الإخوان بعد 2013 كان مردّها -وفقا للعديد من المراقبين والشواهد- لاعلاقة لها بالمباديء والمصلحة الوطنية ، بدليل إنَّ الجانب الأساسي في الصراع بين الجماعة والجمعيَّة كان السيطرة على أصول الجماعة وممتلكاتها.
للإخوان المسلمين في أردننا الحبيب فضائل كثيرة، وهم كانوا ركيزة استقرار، وقفوا في صفِّ الدولة الأردنيَّة، وفي عام 1970 رفضوا أن يتمَّ الزجّ بهم ضدّ بلدهم وكانوا الأوفياء للقيادة والوطن. أضف على ذلك دورهم الإيجابي في تنشئة الشباب الأردني.
هذه كلُّها فضائل، نريد أن نتذكَّر الإخوان المسلمين بها.
لأنَّنا نحبّ جماعة الإخوان المسلمين، نطلب منها ومن القائمين عليها" دفنها". فكل ما رأيناه من تراشقات واتِّهامات بأقذع الألفاظ بين أفراد التنظيم ومن انشقَّ عنهم هي إرهاصات ما قبل الموت، التي تشوِّه صورة جماعة الإخوان، وتؤذي ذكراها.
إن كنتم أوفياء لجماعة الإخوان فأعلنوا موتها .. أمَّا إذا أردتم غير ذلك فلتستمرُّوا في صلبها تحت الشمس الحارقة، حتى يتفسَّخ منها الجسَد
*راديو النجاح