القلعة نيوز- كتب كمال قطيشات
قد يسألُ غريب ماذا ترون في السلط ، ولماذا هذا الغزل بها قديمة وحديثة ،، وتتذكرون حجارة وأشباحاً تبنون عليها قصائدكم ،، ! هنا نحتاج للإجابة عمراً بأكمله ، فمن لم يعش السلط لا يملك أن يُجيب !!
السلط المكان ، والزمان كل وقت تكون فيها ، تُحس هواها ، وتتنفس فيه رائحة السنين ، تعرفها كما تعرف عروق يديك ، تمشي في شوارعها التي حفظت نمّو قدمك ، ورافقتْ أطوار عمرك ، حملتك طفلاً وشاباً وكهلاً ، وسمعت ثرثرتك وأحلامك وعتابك ، العتاب الذي في مرحلة ما وجدتها صغيرة عليك !!
في كل حي لنا ذكرى ومكان ، على كل شارع تسابقت أقدامنا لمدارسنا ، وعلى بعض الأشجار حفرنا حروف أحلامنا !
كانت السلط صغيرة فعلاً ، ورغم ذلك كانت دنيانا التي فيها ومنها خرجنا ! ولذلك يصعب علينا وصفها اذا سُألنا ، نتوه في الوصف اذا بدأنا ، ويتوه الخيال منا وما انتهينا !!
كان وسط السلط قلب البلد ، لم يكن عندنا سوق غيره ، ولا أماكن ترفيه ، فكان البلد ملتقى ومتنزّه ، وفيه كل ما نريد والمحلات والمكتبات والمطاعم ،،، قلب البلد النابض بحق !!
سينما نبيل كانت أقدم دار سينما في السلط
، وكانت تعرض أحدث الأفلام العربية والهندية وكان الجميع يتابعون الأفلام العربية ووقت عرضها ،
في السلط كانت المقاهي ملتقى المثقفين ، تجد النخبة منهم يتبادلون الحديث
في السلط أسواق متنوعة كان أشهرها - سوق الحمام والاسكافية والدير وسوق الشوام وبائعيها بوجوههم السمحة الضاحكة وعيونهم الدقيقة المرحبة ،
،، وسوق الوكالة الفخم وقتها ، وبضائعه الممتازة ،،
وحي الجدعة والخضر
وعائلاتهم العريقة ، وشارع الميدان وواد الاكراد
عندما كنت طفل ،، كنت أرى السلط كبيرة ، ولما كبرت صغرت الدنيا في عيوني وبقيت السلط الكبيرة
واذا سألوني الناس عن السلط كيف هي بلدك !! كنت أجيبهم السلط في عيوني لا أرى غيرها ،، فمهما وصفت لن يفهم الطريق الا من سار عليها