تحدثت قبل اسبوعين عن موضوع يخص صحة المواطن وكيف يتم هذا الموضوع بخصوص المراكز الصحية المنتشرة على أرض هذا الوطن سواء في المدينة أو البادية أو الريف .
واليوم أتحدث عن موضوع له ارتباط بالدواء وهو الغذاء وبالأخص ماذا يجري في المطاعم الشعبية المنتشرة أيضاً في كل حي وحارة وكيف وكيف تتعامل مع انتاجها في السوق المحلي (المجتمع) دون رقابة أو فحص أو متابعة بالتالي مادام هنالك لا رقيب ولا حسيب فإن صاحب المطعم له الحرية في انتاجه وتوزيعه بأي طريقة حتى لو كانت مؤذية للمواطن والأهم ثمن السلعة والغاية تبرر الوسيلة كما نشرها نيقولا ميكافيكي في كتابه الأميز على مدى العالم كله.
المطاعم التي تقدم الوجبات اليومية والضرورية للمواطن وهو غذاء شعبي يومي أو أسبوعي أو ممكن طيلة الشهر لبعض الأسر وهو الحمص والفول (أساساً) وتوابعه ولا يخلو حي في المدينة دون أن يكون هنالك مطعم لهذه المتوجات بالإضافة إلى وجبات الشاورما المعلقة أمام المطعم والتي يتم تجهيزها بطريقة لا يعرفها إلا من يكون مسؤولاً عن المطعم بعيداً عن رؤيا الناس وهذا المطعم كمستودع للمواد تسبح بداخله الصراصير والجراذين بكل أنواعها لأنها تبحث عن الأكل والأهم أن يتناول المواطن ساندويش الشاورما أمام عينيه أو صحن الحمص والفول من وراء الكاونتر والذي يقف وراءه موظف بلباس يتفق مع تقديمه ما يلزم المواطن وابتسامة عريضة لا تعرف ماذا تخفي وراءها وأمين الصندوق الذي لا يفكر إلا كيف يأخذ ثمن الوجبة ويرضي صاحب المطعم .
كل هذه السلوكيات السلبية يشاهدها المواطن يومياً وفي معظم المطاعم التي لا ترى إلا تحقيق أرباحها الشخصية على حساب المواطن .
كم يلزمنا من وقت لمعالجة مثل هذه الأمور ؟ وكم يلزمنا من وقت لنحصل على احترامنا كبشر في تناول الغذاء الصحي الصحيح ؟وكم يلزمنا من وقت لكي ينزل المسؤول إلى الميدان ليتابع ويرى بعينيه ويقوم بالعلاج ؟مع أننا بمجتمع نسبة التعليم فيه عالية جداً وثقافة مجتمعنا مستمدة من قيمنا الأخلاقية ودوافع الدين كثيرة ومتنوعة وهي حصن لكل مواطن كل في مجال عمله.
هل من المعقول أن معدة المواطن قد تعودت على الطعام الغير صحي أم أن هنالك مؤامرة على صحته من الذين يتحكمون في مافيا الغذاء والدواء ولماذا لا يحاسبهم أحد ؟ ولماذا يعملون بالخفاء لتمرير منتوجاتهم على حساب المواطن؟
إن حديث الشارع في المقاهي والبيوت والحارات وفي كل مكان يجتمع فيه مجموعة من الناس يتحدثون عن المطاعم وما تقدمه للمواطن بطريقة سيئة جداً لا يمكن السكوت عنها، وإذا أراد أن يعرف ويتأكد وزير الصحة أو أصحاب القرار أن يتوجه إلى أماكن مختلفة داخل المملكة ويشاهد بنفسه أو يرسل موظفيه للكشف عن ذلك وأن يكون هؤلاء الموظفين أمناء في تحقيق النتيجة الصحيحة ويراعوا ضميرهم في ذلك ،هذا إذا بقي هنالك ضمير يدفعهم لقول الحقيقة .
إن المشكلة انسانية يصنعها البشر أصحاب السمعة السيئة والمتآمرون على المجتمع ويكون بالمقابل فئة من المجتمع يملكون الضمير الحي في كشف هذه الأمور وتبيان الحقيقة ومعالجتها ، نحن لا نطالب بصناعة صاروخ متطور ولا قنبلة ذرية ، اننا نحاول حل مشكلة اجتماعية صنعها الأشرار لتحقيق أهدافهم على حساب المواطن والذي هو أساس المجتمع وتكوينه وتطوره.
المطاعم الشعبية موجودة في كل مكان في الحارات والجبال والمدن والقرى والبادية وإقبال المواطن على تناول هذا النوع من الغذاء يتكرر يومياً ،وفي كل عام تسمع عن مطاعم تم إغلاقها لوجود حالات تسمم وبعد فترة زمنية يتم فتح المطعم بحلته الجديدة تحت رعاية أحد المسؤولين وكأن لم يحصل شيئ وفي الدول المتطورة يضيع طير أو حيوان وتقوم الأجهزة بكاملها للبحث عنه ورعايته .
كيف يستطيع المسؤولين الإجابة على هذا الاستفسار وهم يملكون قوة في اتخاذ القرار لأن ذلك يصطدم مع مصالح العرابين الذين يسيطرون على الأسواق من جميع الاتجاهات .
والحق يقال ويجب أن نذكره هنا بوجود مطاعم تلتزم بأخلاقيات المهنة وضميرها يمنعها من التجاوز ولو بشيئ بسيط وعلى سبيل المثال (مطعم رائد حمادة) المنتشرة في جميع أنحاء المملكة بكل امكانياته الملتزمة والدقيقة في تقديم المأكولات الشعبية ويحرص ذات مستوى عالي جداً ناتج عن ثقافة صاحب هذا المطعم وقناعاته الأخلاقية في تقديم الأفضل دائماً ومن يريد أن يعرف أكثر يستطيع التأكد من ذلك .
أنا لا أمدح مطاعم حمادة وإنما أردت أن أبين الجانب الآخر الإيجابي لأصحاب المطاعم وعل وتيرته إيضاً مطاعم أبو جبارة ، مطاعم الكلحة وكلهم يعملون ضمن قاعدة منضبطة سواء بالنسبة للمواد أو الإدارة لهذه المطاعم .
ومثال ما رأيت في بعض المطاعم يوم الجمعة حيث ذهبت لشراء صحن حمص وفول وفلافل وتفاجأت بأحد العاملين في هذا المطعم يرتدي فانيلا يكسوها الزيت الأسود وحين سألته :هل تغيرون زيت الفلافل كل فترة؟ أجابني: مش معجبك ما تشتري ، ما هذا الاستهتار بصحة الناس وعدم الاكتراث لأمعائهم ومرة أخرى ذهبنا مجموعة إعلامية لتناول الأكل الشعبية الفوارغ والرؤوس ودخلنا القاعة وجاء وقت الصلاة فطلبت من أحد العاملين أن يدلني على مكان للصلاة فأشار إلى غرفة بجانب الصلاة ، وهي مخزن للمواد التي يتم طبخها وتفاجأت بجراذين داخل الغرفة والصراصير تتحرك في كل مكان إلى آخر ، ولم أخبر زملائي وأكلنا الوجبة وغادرنا المطعم ولم يحصل معنا أي ألم في المعدة على أساس أننا نتقبل الأسوأ.
أما صناعة الشاورما والتي تصف المواطن بالطابور للحصول عليها ،فإنك ترى العجب العجاب ودائماً بحاول أتحرك داخل المطعم دون أن يشاهدني أحد وبالصدفة أحد العاملين يقوم بجر سيخ الشاورما على الأرض ونقله ليتم شواؤه ويتم صناعته داخل المطبخ والمجلى مليء بالدهون وتوابعها ويلمسه أكثر من شخص والمواطن لا يعرف وليس له علاقة بماذا يجري في داخل المطبخ والأهم أن يتناول الوجبة وهي على النار ، لماذا كل هذا الاستهتار وعدم احترام شخصية هذا المواطن ؟وأين فرق البحث والتدقيق والمعالجة؟
وبالتالي يصاب المواطن بالمرض حسب نوعية الغذاء ويذهب إلى المراكز الصحية للحصول على الدواء وأغلبية المرات يتم إخباره أن المستودعات لم تصرف الدواء ويهرول إلى البيت راجعاً مع أن هذا مسؤولية وزارة الصحة في توفير الدواء في كل وقت من باب أن الوزارة تأخذ من المواطن التأمين اللازم والمقتطع في كل شهر .
وأما الحلويات فلها مقالاً خاصاً لأنها من أساسيات ومتطلبات الفرد الغذائي وهي لا تقل عن المطاعم الشعبية في سوء استعمالها ومستودعاتها المليئة بالحشرات وعدم جاهزية موظفيها في تقديم الأفضل.
كل هذه الأمور وكأنها مرسومة ومخطط لها من أجل الكسب المادي الذاتي بغض النظر عن الوسيلة سواء كانت إيجابية أو سلبية .
المطلوب بأصحاب القرار وكل في مجال عمله الرقابة العامة والاستمرار بها ومحاسبة كل من تسول له نفسه العبث بغذاء ودواء المواطن .
وعلى أصحاب القيادات العليا أن يترجموا ما طلبه منهم سيد البلاد في العمل ميدانياً وباستمرار لكشف هذه المخاطر ومعالجتها أو التخفيف منها على الأقل حتى يكون المواطن في حال من الأمان والاستقرار وتبقى لديه الرغبة بالاستمرار والمواطنة.
اتقوا الله واحترموا هذا المواطن يامن تبيعون وتشترون بغذائه ودوائه
اتقوا الله يامن تتآمرون على حياته
انعشوا ضمائركم وكفى تنكيلاً بحياة المواطن
أنا لدي استعداد المرة القادمة أن أقدم كشفاً بأسماء المطاعم والحلويات والتي هي بمثابة وسيلة ضاغطة على حياة المواطن ، ويجب أن يتخذ المسؤولون عن الأمور قرارات رادعة وقوية .
وأتذكر قول المغفور له الملك حسين بن طلال في إحدى السنوات وهو يتكلم عبر التلفزيون وقال بالحرف الواحد :(سأضرب بيد من حديد لكل من يتآمر على المواطن واحتياجاته )
رحمك الله ومثواك الجنة يا سيد الأسرة الأردنية
أ..د. فائق فراج