النائب السابق فيصل الاعور
القلعة نيوز- نسلم ان حرية الرأي وحرية التعبير هي احدى اهم الحقوق التي نص عليها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهي التي تلتصق بصفة الانسان وتشكل وسيلة من وسائل تكريمه وهي أداة من ادوات الرقابة ومعالجة مواقع الخلل في مسيرة الدول.
ونسلم ان التعبير عن الرأي هو نموذج ديمقراطي تعتمد عليه الدول المتقدمة في معالجة القضايا العامة وهو احد الركائز الهامة في العمل الوطني الذي يساهم في تقدم الدول وحماية شعوبها .
إن مشروع قانون الجرائم الالكترونية لسنة ٢٠٢٣ المعروض على مجلس النواب في دورته الاستثنائية قد جاء بعد مرحلة ارتفعت فيها جرائم النيل من كرامة الاسرة والتطاول على اعتبارها والمساس بشرف الافراد وتعريضهم للاساءة في الجانب المعنوي والانساني.
لقد بات العالم يلمس مرحلة جديدة من الاجرام الذي بدأ في الانتشار وصولاً الى تشكيل عصابات دولية غايتها الابتزاز الالكتروني واختراق خصوصية الفرد واقتحام حياته ومنزله ومقر اعماله والدخول الى تفاصيل حياته في حياكة سوداء تغرز السموم في جسد الانسان لتحوله الى جحيم يترك الرهبة في قلوب الاسرة ويدمرها دون رحمة..
تعديلات قانون الجرائم الالكترونية ووضع نصوص رادعة هي مسألة في غاية الضرورة باعتبارها جرائم عابرة للقارات ترتكب بتخطيط وسرعة ودون كلفة، وهي جرائم تؤدي الى آثار وخيمة وتهدد أمن الدول وسلامة المجتمع في حال تهاون القانون في فرض عقوبات رادعة تتناسب مع جسامة الفعل وخطورته .
هناك من يطور اجرامه، وهناك من يعبث بالمجتمع، وهناك من يرسم خيوط حارقة تهز اركان الاسرة ليتهدم بناء مبني على قاعدة الدين والاخلاق على ايادي ملوثة لا تخشى عقوبه ولا يهتز لها جبين .
التسليم بأهمية العقوبات المشددة لا يعني ابداً استخدام القانون لتحصين الاداء السياسي او لفرض طوق النجاة للموظف العام، ولا نريد ان يشكل قانون الجرائم الالكترونية اي ضرر على حرية الرأي لتصويب الاداء ومراقبة الافعال، لذلك ندعو الى شطب المواد ١٦ و ١٧ و ١٨ والابقاء على العقوبات المغلظة لباقي المواد .
ان الغاء العقوبات المشددة او تخفيضها بشكل كبير هو فتح الابواب امام مرحلة اجرامية جديدة اكثر فتكاً من السابق، وهي بطاقة تهنئة لهولاء المتابعين من فئة القتلة عن بعد وتسبب في انفلات كبير في وقت يتوجب ان ينعم الوطن والمواطن بأمن مجتمعي لتحصين الانسان وتكريمه.
وعلى كل مسؤول ان يدرك انه تحت الرقابة وانه يؤدي عمل عام، وعليه ان يحسن التصرف ويتقبل الانتقاد وان يترفع عن الاخطاء طالما هو في الوظيفة العامة وتحت رقابة المجتمع، ولا يجوز ادراج مواد قانونية لقهر المجتمع وتكميم الافواه تحت بند اغتيال الشخصية او النيل من حرية الرأي لكون المكان الطبيعي لهذه الجرائم هي قانون العقوبات وإن زجها في قانون الجرائم الالكترونية يفوت فرصة تغليظ العقوبة على جرائم الشرف وكرامة الاسر وحماية العرض والمال وحماية ذات الموظف في حال النيل من عرضه او كرامته او شرف اسرته .
وبقراءة في مواد مشروع القانون وما ورد به من غرامات نجد ان التشديد المقبول يتعلق بالافعال التي تنال من امن المجتمع وكرامة الانسان والتي تنال من شرفه وعرضه وماله وما يحرص على صونه هو تشديد مقبول ومطلوب، ومثال ذلك تدمير او اتلاف معلومات امنية او مصرفية او شخصية تعرض المواطن للضرر في ماله وانشاء مواقع لاستغلال الاحداث ومن يعانون من مرض نفسي وعجز جسدي ونشر صور فاضحة او تصوير مواقع العفة او تركيب صورة مزيفة بقصد الابتزاز وغيرها من الافعال الشاذة والمسيئة.
إن الغرامات والعقوبات المشددة هي ادوات ردع لمنفعة الاسر الشريفة التي تتعرض لاجرام جديد من نوع جديد وخطورته انه يهدد عموم ابناء المجتمع ويدمر أمنه الاسري والمعيشي .
إن وجود بعض المواد التي تحتاج الى شطب وليس الى تعديل وهي المواد ١٦ و١٧ و١٨ ووجود بعض الغرامات التي تحتاج الى تخفيض لا تقلل من شأن القانون وضرورته واهمية اقراره وخطورة سحبه ليكون سيفاً مسلطاً على من تسول له نفسه النيل من كرامة المجتمع وأمنه النفسي والمالي .
وختاماً.. إن مشروع القانون قد جاء في وقت هام وبعد انتشار الاجرام الالكتروني وما تسبب به من ازمات اجتماعية ومشاكل اسرية وتدمير للنسيج الاجتماعي من قبل عصابات اجرامية من نوع آخر سلاحها وادوات اجرامها وسائل الكترونية تحرف وتدمر وتزيف الحقائق لتصيب اهداف آمنة مستقرة مطمئنة لتقلب حياة الاسر والافراد الى جحيم، وهي جرائم من اقسى الجرائم فتكاً وخطورة ومهما ارتفعت العقوبة فأنها اقل بكثير مما يستحقه مرتكب هذه الجرائم الذي يجب تصنيفه بالمجرم شديد الخطورة.
النائب السابق
المحامي فيصل الاعور