شريط الأخبار
القلعة نيوز تهنىء رائد بيك الفايز حين يتحدّث فيصل الفايز فاستمعوا له ؛ الحكمة والإتزان والحرص على الوطن شركة البوتاس العربية ؛ صرح اقتصادي كبير يحظى برعاية ملكية وبجهود إدارة حكيمة السفيرة أمل جادو لنظيرها الإيطالي : ما يجري في غزة إبادة جماعية وفد من حماس يصل القاهرة السبت مندوباً عن رئيس الوزراء..المومني يفتتح مهرجان الأردن للإعلام العربي مساعدة.. يكتب: رسائل ملكية لبناء أجيال تحمل روح المسؤولية والولاء بوتين : يجب اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية الضمان" يوضح ما يتم تداوله حول تعيين مستشار إعلامي لديها براتب {3500} دينار الحنيفات: الغاء جميع الفعاليات الثقافية والفنية في مهرجان الزيتون تضامناً مع الأشقاء في فلسطين ولبنان قاسم: حققنا انتصارًا كبيرًا وتنسيقنا مع الجيش اللبناني سيكون عالٍ العضايلة يشارك في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول المرأة والسلام والأمن رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من أهالي صرفند العمار السفيرة أمل جادو تلتقي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي وتسلمه رسالة مهمتها كممثلة لفلسطين "انديبندنت عربيه" : المعارضة السوريه المسلحه تدخل حلب وتسيطر اليوم الجمعه على اكثرمن خمسين مدينة وقرية في الشمال السوري بتوجيهات ملكية.. رعاية صحية للحاجة وضحى الشهاب وتلبية احتياجاتها المعيشية مهرجان الزيتون.. نافذة تسويقية ومشهد تراثي ينبض بالحياة الاوقاف تنتقد الاستهزاء من الدعوة لصلاة الاستستقاء البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف حرب الإبادة في غزة شهداء وجرحى جراء قصف الاحتلال لمناطق في غزة والنصيرات

النواب يستمع إلى خطاب موازنة عام 2024

النواب يستمع إلى خطاب موازنة عام 2024

القلعة نيوز- استمع مجلس النواب، إلى خطاب الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024، الذي ألقاه وزير المالية، محمد العسعس.

جاء ذلك خلال جلسة، عقدها مجلس النواب اليوم الأربعاء، برئاسة رئيس المجلس أحمد الصفدي، وحضور رئيس الوزراء بشر الخصاونة، وأعضاء في الفريق الحُكومي.
وفيما يلي نص خطاب الموازنة:
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة الرئيس
حضرات النواب المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أتقدم لمجلسكم الكريم باسم الحكومة بمشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024 والذي يأتي إعداده في ظل ظروف غير مسبوقة، تقف فيها الأمة على أعتاب مرحلة خطيرة جراء العدوان السافر على أهلنا في غزة والاعتداءات الغاشمة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية تستهدف من خلالها وأد السلام وترسيخ الاحتلال القائم ومحاولة فرض الأمر الواقع.
هي حرب وصفها جلالة الملك المعظم بأنها "حملة شرسة ومرفوضة على مختلف المستويات، وعقاب جماعي لسكان محاصرين لا حول لهم ولا قوة، وانتهاك فاضح للقانون الدولي الإنساني، وجريمة حرب".
وفي هذا الفصل الجديد والمستمر من فصول القتل والتدمير والغطرسة الذي لم يشهد له التاريخ المعاصر مثيلا، فإن الموقف الثابت الذي يقفه الأردن بحكم ارتباطه الوجداني والتاريخي والعضوي بالقضية الفلسطينية يؤكد أن الأردن سيبقى، كما أكد سيد البلاد حفظه الله: " في طليعة المدافعين عن قضايا أمته العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وسيواصل الأردن القيام بواجبه ودوره التاريخي بدعم الأشقاء الفلسطينيين حتى يتمكنوا من استعادة حقوقهم، وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، ولن يقبل الأردن تحت أي ظرف من الظروف بأي تسوية للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، أو على حساب أي من مصالحنا الوطنية" .
وفي إطار توجيهات جلالة الملك المفدى حفظه الله لدعم الأشقاء في الضفة الغربية وقطاع غزة والوقوف إلى جانبهم وتوفير المساعدات التي يحتاجونها في ظل هذه الظروف القاسية، عملت وتعمل الحكومة على تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني الشقيق للتخفيف من معاناتهم وتثبيت صمودهم على أرضهم من خلال تسيير القوافل وطائرات المساعدات الإغاثية.
ولا يجب أن يفوتنا أن نتوجه جميعا بالشكر والعرفان والتقدير للجهود الكبيرة التي تبذلها قواتنا المسلحة وكوادرها الطبية لمساعدة الأشقاء في غزة والضفة الغربية من خدمات ومساعدات طبية وإغاثية سواء كانت من خلال المستشفيات الميدانية العسكرية القائمة منها أو الجديدة، لعلاج المصابين والجرحى والتخفيف من آلامهم، أو عبر عدد من عمليات الإنزال الجوي لكسر الحصار على غزة وإيصال مساعدات إغاثية وعلاجية عاجلة لتلبية الاحتياجات الملحة للأشقاء في غزة.
ويتعين علينا جميعا في هذا المقام أن نوجه تحية إجلال وتقدير لنشامى سلاح الجو الملكي والخدمات الطبية الملكية الذين نهضوا لتنفيذ توجيهات جلالة القائد الأعلى بكل احترافية وجاهزية .
وإذ توقن الحكومة بأن المحافظة على قدرات وجاهزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وتعزيزها يعتبر التزاما وطنيا ومصيريا، وركيزة أساسية لحماية الاستقرار الاقتصادي وتعزيز البيئة الإستثمارية، فقد أولت الحكومة جل الرعاية والاهتمام لتوفير أسباب القوة والمنعة لمفخرة الأردن ومدعاة أمنه وطمأنينته: أجهزتنا الأمنية والقوات المسلحة، لتعزيز ما وصلت إليه من احترافية مشهودة ومستوى رفيع للذود عن حياض الوطن وحماية أبنائه من كيد الحاقدين وتهديدات المخربين والمهربين الذي لا يرقبون في الأردن وأهله إلا ولا ذمة. ولقد بلغت المخصصات المالية لأجهزتنا الأمنية والقوات المسلحة أعلى مستوى تاريخي لها في موازنة عام 2024.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
التناغم السياسي والاقتصادي مطلب وواجب وطني تحتمه الظروف التي تمر بها البلاد، والناجمة عن العدوان الإسرائيلي على الأهل في غزة، تناغم نعني به أداء ماليا استقراريا مرنا، يواكب الأداء الدبلوماسي الرفيع للدولة الأردنية ويشكل رافعة له. إن موازنتنا لهذا العام تؤكد على أن الموقف المالي لن يكون إلا داعما للموقف السياسي، نعم هناك صعوبات وتحديات أملتها الأزمة الحالية، إلا أن موازنتنا هذه التي بين أيديكم تتحوط وتستشرف الخيارات وتتعامل مع الواقع ، وتتميز بالمرونة حتى تكون أداة قوة للموقف السياسي، ولن تكون خاصرة رخوة أو ضعيفة لا سمح الله. ما تقوله الحكومة لكم ليس مستحيلا أو عاطفيا فالأرقام محايدة لا تكذب، نحاول جعلها سلاحا كالإنزال نستعين بها في لحظات العسرة والصعوبة.
ولقد راكمنا في السنوات الماضية استقرارا واضحا في مالية الدولة، وهذه الموازنة تؤكد أن هذا الاستقرار بخير، وأن المؤشرات صاعدة، وأن التفصيلات تحتاج إلى قراءة موضوعية منصفة ، لنقول من خلالها أننا في الأزمات نواجه الرياح، وتحت الضغوط نساند الموقف السياسي ما استطعنا لذلك سبيلا .

سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
لقد جاء هذا المشروع ليعكس المعالم الرئيسية لخطة الحكومة للعام القادم مهتدية بالتوجيهات الملكية السامية في المضي قدما في تعزيز التعاون والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والانفتاح على الآراء والطروحات، وخاصة في هذه الظروف الحرجة من تاريخ أمتنا العربية والإسلامية.
وإذ تقدم الحكومة لمجلسكم الكريم مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024 في الموعد الدستوري، فإنها تتطلع إلى مجلسكم الموقر لإقراره لتتمكن الحكومة من مواصلة تنفيذ سياساتها وخططها لتعزيز استقرار الاقتصاد ومنعته، وتحقيق ما أمكن من تطلعات مواطنينا وتلبية احتياجاتهم.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن السياق المضطرب للاقتصاد العالمي لم يكن وليد الساعة، فقد توالت الصدمات بدءا بالتبعات الاقتصادية للجائحة، وانعكاسات السياسات التحفيزية للدول الكبرى التي أعقبت الجائحة، وما تلا ذلك من النزاع الروسي الأوكراني، مما أطلق العنان للضغوط التضخمية، ودخلت اقتصادات دول العالم على إثر ذلك في حالة من الركود التضخمي، مما دفع الدول لتبني سياسات انكماشية لاحتواء التضخم كأولوية متقدمة على تعزيز التعافي الاقتصادي، وشكلت حاجزا أمام الجهود الرامية للتعافي الكامل وأعاقت القدرة على العودة إلى مستويات النمو ما قبل الجائحة، على الرغم من مؤشرات النمو القوي التي ترجمت بوادر التعافي في العديد من دول العالم بفعل السياسات التحفيزية.
وقد دفع هذا المزيج من النزاعات الدولية والسياسات الاقتصادية غير المواتية نحو توقعات غير متفائلة لآفاق الاقتصاد العالمي، حيث أشارت التوقعات الدولية إلى أن نمو الاقتصاد العالمي سيشهد تباطؤا في عام 2024 بوتيرة غير متماثلة بين الدول، حيث يتوقع أن يبلغ معدل نمو الاقتصاد العالمي 3 بالمائة في عام 2023 مقابل 3.5 بالمائة في عام 2022، وليواصل تباطؤه في عام 2024 لينمو بنحو 2.9 بالمائة، علما بأن التباطؤ في نمو اقتصادات الدول المتقدمة سيكون أعلى منه مقارنة باقتصادات الدول الصاعدة والنامية.
كما تشير توقعات المؤسسات الدولية إلى نجاح السياسات الانكماشية في خفض معدل التضخم العالمي تدريجيا من 8.7 بالمائة في عام 2022 إلى 6.9 بالمائة في عام 2023 على أن يبلغ 5.8 بالمائة في عام 2024، مع تأكيد الفيدرالي الأميركي على الحفاظ على مستوى مرتفع لأسعار الفائدة لخفض التضخم إلى معدله المستهدف والبالغ 2 بالمائة.
إن ظاهرة الركود التضخمي مع ارتفاع مستويات الدين وتنامي تكلفة الاقتراض جراء ارتفاع أسعار الفائدة عالميا ولفترة ممتدة، تفرض ضغوطا وأعباء إضافية على موازنات الدول النامية. لذلك، فإن هذه التحديات وهذا المناخ العالمي المشوب بالتقلبات، تؤكد على أهمية الإصلاحات الهيكلية الجذرية للوصول إلى قواعد اقتصادية قوية سليمة مستندة إلى سياسات مالية ونقدية حصيفة تمكن الدول من تحصين اقتصاداتها من مخاطر الأزمات وتعزيز الاستقرار الاقتصادي الذي يعتبر عاملا حاسما للنمو الاقتصادي، ويحول دون تآكل دخول المواطنين في ظل الضغوط التضخمية أو الهزات الاقتصادية، وهذا في الواقع ما انتهجته هذه الحكومة وسعت لتحقيقه إدراكا منها أن حماية الاقتصاد وتحصينه وتحقيق أهدافه لا يتم عبر تغييرات شكلية أو زائفة أو مؤقتة.
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
إن الأزمات والتحديات التي واجهت مسيرتنا لم تقف يوما عند العواصف الاقتصادية العالمية التي كانت عاملا مؤثرا في الاقتصاد الوطني، ذلك أن موقع الأردن الصامد في هذا الإقليم المضطرب كان ولا يزال يرتب علينا أعباء وتداعيات سياسية واقتصادية لا يمكن إغفالها. لذلك فإن الظروف التي أعدت فيها هذه الموازنة، والعوامل المحيطة المؤثرة بها كان لها انعكاساتها على حجم الموازنة ومرونتها وتوجهاتها بواقعية ودون تهويل.
وعلى الرغم من حالة التشدد التي تشهدها الأسواق العالمية، إضافة إلى ما يشهده الإقليم من ظروف سياسية معقدة جراء الحرب على غزة، وما قد يتبع ذلك من تداعيات على اقتصادات المنطقة بشكل عام، وعلى الاقتصاد الأردني بشكل خاص، فسنتمكن - إن شاء الله - من تجاوزها.
وإذا كان اقتصادنا على الدوام في مرمى التحديات، فقد استطاع الأردن أن يتجاوز كثيرا من الأزمات الاقتصادية العالمية والإقليمية، وأن يستوعب جانبا كبيرا من الصدمات في ظل تمتعه باستقرار سياسي واجتماعي، وأسس متينة يستند إليها اقتصاده تدعمها عناصر القوة الكامنة فيها، يعتلي قائمتها حكمة القيادة الهاشمية والمكانة التي يحظى بها جلالة الملك المعظم حفظه الله على المستوى الإقليمي والدولي التي جعلت من الأردن عنصر استقرار ومحط أنظار العالم سياسيا واقتصاديا.
كما أن امتلاك الحكومة للرؤية السديدة، والقدرة على إنجاز الإصلاحات الهيكلية، وإعادة النظر في السياسات والإجراءات لتصبح أكثر حصافة وعدالة واهتماما بالجوانب الاجتماعية، والابتعاد عن فرض الضرائب، وتعزيز كفاءة توجيه الدعم لمستحقيه، وإعادة الاعتبار للدور التنموي للنفقات الرأسمالية خاصة في فترات التراجع الاقتصادي تحقيقا للسياسة المالية المعاكسة للدورة الاقتصادية، كما تبنت الحكومة إصلاحات جريئة وإجراءات محكمة ومدروسة لتصحيح التشوهات الضريبية وتعزيز الإيرادات المحلية عبر محاربة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
لقد أثبتت المراجعة الأخيرة لصندوق النقد الدولي إتمام الحكومة بنجاح لمتطلبات المراجعة السابعة لبرنامجها الوطني للإصلاح المالي والنقدي في وقتها دون تأخير، ومؤكدة على أن الأردن تمكن وبشكل استثنائي من تلبية كافة الأهداف الرئيسية في البرنامج، شاهدة على حصافة السياسات المالية والنقدية، وأن الاقتصاد يخطو بثقة في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية رغم الصعوبات الراهنة. وقد كانت هذه الشهادة، التي تتوق الكثير من الدول لها خاصة في أوقات الأزمات والاضطرابات العالمية، قد ساعدت على حصول الأردن على معدلات فائدة في أسواق رأس المال العالمية أفضل من مثيلاتها من الدول النامية التي تعاني من ارتفاع كلف التمويل ومحدوديته جراء ضعف الاستقرار المالي والنقدي .
وفي هذا السياق، فقد تمكن الأردن من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج جديد للإصلاح المالي والنقدي بقيمة 1.2 مليار دولار يمتد لعام 2028، يستمد مكامن قوته من كونه برنامجا أعد بأيد أردنية، ويمثل خيارا استراتيجيا أردنيا للبناء على ما تحقق من إصلاحات هيكلية وتعزيز استدامتها. ويستند البرنامج إلى مقومات عدة أساسها عدم رفع الضرائب، وتعزيز الإنفاق الرأسمالي، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، وعدم المساس بالمقومات الأساسية لمواطنينا، وحماية دخولهم ومعيشتهم من أي تداعيات مستقبلية مفاجئة.
كما يهدف البرنامج إلى وضع الدين العام على مسار هبوط تدريجي ليصل إلى نحو 79 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028 . ويمثل البرنامج قوة دعم كبيرة للأردن في هذه الظروف، ويقدم رسالة لا لبس فيها للمستثمرين حول منعة واستقرار الإقتصاد الأردني أمام الصدمات الخارجية، والمصداقية التي يتمتع بها في وفائه بالتزاماته، وجديته في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وقدرته على تحقيق ما عجزت عنه دول كثيرة.
كما يتيح البرنامج المساحة اللازمة للتكيف ومواءمة الأهداف والإجراءات في ضوء المستجدات. كما يشكل البرنامج ضمانة أساسية لحصول الحكومة على التمويل اللازم لمتطلبات تحفيز النمو بكلف أقل مما هي عليه في الأسواق المالية.
ومن جهة أخرى، فقد جاء إعلان مؤسسات التصنيف الائتماني مجتمعة حول تثبيت التصنيف الائتماني لاقتصادنا الوطني مع نظرة مستقبلية إيجابية أو مستقرة، تأكيدا منها على استقرار ومنعة الاقتصاد الوطني على الرغم من المخاطر التي أثرت على اقتصادات أكبر حجما وأدت إلى تراجع تصنيفها الإئتماني. ومن الجدير بالذكر أن الأردن هو الدولة الوحيدة في المنطقة المستوردة للنفط التي حافظت على تصنيفها الائتماني كما كان قبل جائحة الكورونا والحرب الروسية الأوكرانية والركود التضخمي. حيث تمكنت وزارة المالية والبنك المركزي من إدارة السياسات المالية والنقدية بحصافة والدفاع عن استقرار الاقتصاد الوطني، الأمر الذي مكن الأردن من تحييد الضغوط السياسية والتعاطي مع البرنامج والإصلاحات بطابعها الاقتصادي خاصة في ظل التطورات الجارية في غزة. لذلك كان تقييم المؤسسات الدولية بأن ما حققه الأردن من إنجازات يمثل قصة نجاح، أكدت قدرته على استيعاب الصدمات المتتالية. كما أثبتت مصداقية الأردن في التصدي للاختلالات ومعالجة التشوهات، وكشفت عن مرونته التي تمده بالقدرة على التكيف، دون اللجوء إلى رفع الضرائب أو خفض الإنفاق الرأسمالي أو خفض الإنفاق على الحماية الاجتماعية، وهذا بذاته يمثل نجاحا كبيرا للسياسة المالية التي حافظت على الاستقرار المالي الذي سمح للاقتصاد أن يستعيد زخم النمو، ليشكل ضامنا أساسيا لحماية الطبقة الوسطى والمحافظة عليها .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وفي ضوء ما سبق، فهناك جملة من الدلالات التي تشير إلى أننا تجاوزنا مرحلة الترقب خلال فترة قصيرة عقب الجائحة، وبدأنا نلمس النتائج الإيجابية لنهج الحكومة الإصلاحي وأثره في تعزيز الإستقرار المالي والنقدي، وبناء جسور الثقة جراء تنفيذ الخطط المعلنة وتحقيق النتائج المستهدفة التي جاءت منسجمة مع طروحات برنامج الإصلاح المالي، حيث من المتوقع أن يحقق الإقتصاد الوطني في عام 2023 نموا بنسبة 2.6 بالمائة بالأسعار الثابتة مقابل 2.4 بالمائة لعام 2022. وعلى الرغم من عدم كفاية هذا النمو لتحسين مستويات المعيشة للمواطنين بشكل ملموس، إلا أنه يؤكد أن الأردن قادر على أن يتجاوز بثبات تداعيات الأزمات العالمية والإقليمية، وفي الوقت ذاته، يتطلب المضي قدما في السياسات المالية والنقدية التي تحافظ على متانة الإطار الكلي للإقتصاد الوطني، وإيجاد البيئة الملائمة للقطاع الخاص لتعزيز دوره الريادي في زيادة معدلات النمو وتعميم منافعه في كل رقاع الوطن. ولقد أسهمت السياسة المالية والنقدية والإجراءات الإستباقية الحصيفة للحكومة، وتعزيز المخزون الإستراتيجي للسلع الأساسية في الحفاظ على المستوى المعتدل في ارتفاع الأسعار وحماية القوة الشرائية لدخول المواطنين. وقد جاء التقرير الصادر عن البنك الدولي مؤكدا في سياقه على أن أسعار المواد الغذائية في الأردن حافظت على استقرارها حيث لم تتجاوز نسبة ارتفاعها 1.7 بالمائة خلال الشهور العشرة الأولى لعام 2023 ، في الوقت الذي ما زالت فيه أسعار الأغذية في معظم دول العالم تشهد ارتفاعات متفاوتة وصلت في لبنان إلى 218 بالمائة، و 72 بالمائة في تركيا، و 71 بالمائة في مصر، و 13 بالمائة في تونس، و 10 بالمائة في المملكة المتحدة، و 9 بالمائة في المغرب واليابان، و 3.3 بالمائة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الإيجابية وتحسن النشاط الاقتصادي الذي وفر مزيدا من فرص العمل ووضع معدل البطالة على منحنى انخفاض، حيث بلغ معدل البطالة خلال الربع الثالث لعام 2023 نحو 22.3 بالمائة بانخفاض مقداره 0.8 نقطة مئوية عن مستواه في الربع الثالث لعام 2022 البالغ نحو 23.1 بالمائة ، إلا أنه ما زال بعيدا عن المستويات المقبولة، وتعمل الحكومة جاهدة لخفضه، موقنة أن السبيل الرئيس لذلك لن يكون إلا باستعادة زخم النمو وبمعدلات مرتفعة وعبر الإستقرار المالي والنقدي.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وبعد عام آخر من الإصلاحات الهيكلية، تؤكد المراجعة السريعة لأداء المالية العامة لعام 2023 نجاح السياسة المالية في تعزيز زخم الإيرادات المحلية التي ارتفعت بنحو 584 مليون دينار أو ما نسبته 7 بالمائة عن مستواها لعام 2022. ومما يجدر ذكره أن إيرادات ضريبة الدخل المعاد تقديرها لهذا العام قد تجاوزت مستواها المقدر لعام 2023 بنحو 80 مليون دينار في مؤشر واضح على فعالية الإصلاحات الضريبية التي نفذتها الحكومة خلال أربع سنوات [في الحد من الإختلال في الهيكل الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية دون فرض أي زيادة على المعدلات الضريبية أو فرض ضرائب جديدة، إضافة إلى فعالية إجراءات مكافحة التهرب والتجنب الضريبي وتطبيق أفضل الممارسات في التدقيق والتفتيش والتحصيل الضريبي]، وهذا حق الوطن والمواطن في إيرادات لم تحصل سابقا بسبب تهرب هذا أو تجنب ذاك، ردته الحكومة للخزينة مبتعدة عن حلول سهلة وظالمة متمثلة بالمغالاة على الطبقة الوسطى. وتجد الحكومة لزاما هنا أن تشيد بالمواطن الملتزم بواجبه الوطني في تأدية ما عليه من مستحقات ضريبة، مؤكدة في الوقت ذاته على أن الحكومة ستستمر في فرض سيادة القانون وملاحقة المتهربين من تأدية ما عليهم من حقوق تجاه الوطن .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
ومن جانب آخر، فقد حرصت الحكومة على مواصلة سياسة الضبط المالي وعدم تجاوز النفقات المقدرة ، في ضوء إجراءات ترشيد وضبط النفقات والتزام الحكومة بأحكام قانون الموازنة العامة . ومن المهم الإشارة إلى أن التحدي الحقيقي الذي شهدته الموازنة هذا العام ، مثل باقي دول العالم، يتمثل بارتفاع فاتورة فوائد الدين العام عن المستوى المقدر بنحو 126 مليون دينار بسبب استمرار الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة حتى شهر تموز لعام 2023 الأمر الذي انعكس سلبا في زيادة نفقات بند الفوائد على الرغم من حنكة إدارة الدين العام التي نجحت في الحفاظ على التصنيف الإئتماني الأردني ومكنت الأردن من الحصول على التمويل اللازم بتكلفة أكثر انخفاضا. [وقد واصلت الحكومة نهجها في الوفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية دون المساس بمقتضيات تحسين الأداء الإقتصادي، مما جعل الأردن نموذجا يحتذى به بين الدول في المصداقية والوفاء بالالتزامات]، وجعلنا نزن بتجرد قوة ومتانة استقرار الإقتصاد الأردني وسط بيئة إقليمية هشة واقتصادات شهدت مراجعات سلبية لتصنيفاتها الإئتمانية، مما عزز مكانة الأردن في الأسواق المالية العالمية، وقدم تفسيرا للطلب الذي فاق الحجم المستهدف بستة أضعاف على سندات " يوروبوند " التي أصدرها الأردن بقيمة 1.25 مليار دولار في الثلث الأول لعام 2023 ، اعترافا من الأسواق العالمية بصلابة الاقتصاد الأردني وبحصافة السياسات المالية والنقدية. وفي ضوء التطورات المذكورة في الإيرادات والنفقات، فقد تراجع العجز الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 ليصل إلى 2.6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بنحو 2.7 بالمائة لعام 2022، ونحو 5.6 بالمائة لعام 2020.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وقد كان الأداء الإيجابي لمختلف القطاعات الإقتصادية خلال النصف الأول من العام الحالي بمثابة شهادة على فعالية السياسات المالية والنقدية التي نفذتها الحكومة والبنك المركزي. فلقد هيأت هذه السياسات بيئة مواتية لتحفيز النشاط الإقتصادي واتساع قاعدته، وعززت استقرار الإقتصاد الوطني وعمقت الثقة به وفي بيئة الإستثمار السائدة. إذ ارتفع حجم تدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر إلى المملكة بنسبة 21 بالمائة خلال النصف الأول من عام 2023 ، مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2022 ، ليصل إلى 776 مليون دولار، مما ساهم في تغطية عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات الذي انخفض إلى 7.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من هذا العام ، مقابل 13 بالمائة لنفس الفترة من العام الماضي. علاوة على ذلك، حافظت الإحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي على مستوياتها المرتفعة وسجلت ارتفاعا ملموسا حسب آخر البيانات المتاحة لعام 2023 لتبلغ 18 مليار دولار مقابل 17.3 مليار دولار في نهاية عام 2022، وتغطي هذه الإحتياطيات مستوردات المملكة من السلع والخدمات مدة تزيد عن ثمانية أشهر. هذا فضلا عن احتواء الضغوط التضخمية، إذ أمكن السيطرة على معدل التضخم ضمن مستويات معتدلة وملائمة للنشاط الاقتصادي، فقد بلغ معدل التضخم 4.2 بالمائة في عام 2022، وهو يعد بين أقل معدلات التضخم المسجلة في المنطقة كما أنه يقل كثيرا عن معدل التضخم العالمي البالغ 8.7 بالمائة خلال نفس السنة. وواصل معدل التضخم الشهري انخفاضه خلال العام الحالي ليصل إلى 1.3 بالمائة في شهر تشرين الثاني من عام 2023 ، وليبلغ بذلك معدل التضخم المسجل خلال الشهور الأحد عشر الأولى من العام الحالي 2.1 بالمائة . وبالمجمل، تؤكد هذه المؤشرات على صلابة الإقتصاد الوطني ومرونته، وثقة المستثمرين ببيئة الإستثمار السائدة، فضلا عن قوة الدينار الأردني وجاذبية الودائع بالدينار، مدعومة بجهاز مالي ومصرفي راسخ ومتين .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
] وفي الوقت الذي تمكنت فيه الحكومة من تعزيز الإستقرار المالي والنقدي وتحقيق مستهدفاتها، فلا زالت هناك الحاجة إلى الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية والمالية وضبط أوضاع المالية العامة]. ورغم حالة عدم اليقين الجيوسياسية الإقليمية إلا أن الحكومة استندت إلى فرضيات مبنية على قراءة واقعية ودقيقة للتطورات الإقتصادية والسياسية. وقد جاء مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2024 منسجما مع المسار الصحيح للإصلاحات الإقتصادية والمالية الذي انتهجته الحكومة منذ تشكيلها وأتت منسجمة مع السياق الوطني وخصوصياته بعيدا عن التصورات والحلول الجاهزة أو المرحلية أو تلك المعدة في الخارج. [ولا يخفى على حضراتكم أن التوصيف الدقيق المتجرد لواقع الإقتصاد والفهم العميق للتحديات المالية قد مكن الحكومة من تحديد ما يحتاج إليه الإقتصاد الوطني من إصلاحات هيكلية وما نسعى لتحقيقه والوصول إليه]، فالإستقرار الإقتصادي لم يتأت بشكل عفوي وإنما هو نتاج سياسات الحكومة الحصيفة .
إن إيمان الحكومة العميق بالإصلاح المالي يتطلب الموازنة الواقعية بين متطلبات المحافظة على استقرار الإقتصاد وضبط الإنفاق العام من جهة، وبين تلبية الإحتياجات وتوفير الخدمات الحيوية، في إطار من المرونة اللازمة للتعامل مع التحديات في شتى المجالات، من جهة أخرى.
وفي هذا المجال، فإن المسؤوليات الجسام التي نتحملها تملي علينا التأكيد على أن تبني سياسات مالية توسعية أو إجراء تخفيضات غير مدروسة على الضرائب سيترتب عليها في الوقت الحالي تفاقم عجز الموازنة وارتفاع الدين العام إلى مستويات غير مستدامة، مما سيزيد الإنفاق على خدمة الدين العام، ويضطر الحكومات في المستقبل إلى فرض الضرائب التي ستثقل كاهل المواطنين وخاصة الطبقة الوسطى، وهذا ما لن تسمح به هذه الحكومة.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
تشير توقعات المؤشرات الإقتصادية الرئيسية لعام 2024 إلى استمرار تعافي اقتصادنا الوطني مدفوعا برؤية التحديث الإقتصادي ومدعوما بالإصلاحات الهيكلية الرامية إلى حفز النمو. فعلى الرغم مما تشهده المنطقة من أحداث اعترتها، إلا أننا نتوقع استمرار الإقتصاد الوطني بالنمو في عام 2024 بنحو 2.6 بالمائة بالأسعار الثابتة في ضوء مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
ومن جانب آخر، يتوقع استمرار معدل التضخم المعتدل في عام 2024 بحيث لا يتجاوز 2.7 بالمائة ليشكل دعامة رئيسية للإستقرار المالي والنقدي، ومؤشرا على نجاح الحكومة في الحيلولة دون تراجع القوة الشرائية للمواطنين والحفاظ على الطبقة الوسطى التي كانت ستعاني بشكل كبير لو ارتفع معدل التضخم لمستويات أعلى . كما تشير التوقعات إلى تراجع عجز الحساب الجاري إلى 6.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مع تراجع عجز الميزان التجاري وارتفاع تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج وزيادة الإستثمارات الخارجية. ومع ذلك، فلا بد من الإشارة إلى أن بعض المخاطر ما زالت تهدد مسار تعافي النمو خاصة مع تطورات الأحداث في منطقتنا بالإضافة إلى التوترات العالمية وتأثيراتها على سلاسل الإمداد وأسعار المواد الأساسية والطاقة وانعكاساتها على معدلات التضخم وأسعار الفائدة]. وفي الواقع ، فإن حالة عدم اليقين الإقليمي شكلت التحدي الأكبر الذي واجه الحكومة في وضع فرضيات هذه الموازنة ضمن إطار مالي واقتصادي دقيق في ظل وجود احتمالات مفتوحة لتطور واتساع الأحداث في المنطقة – لا سمح الله- وتداعيات ذلك على النمو واستقرار الإقتصاد .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وتأسيسا على ما تقدم من معطيات سياسية واقتصادية، وانطلاقا من التوجهات الأساسية التي استندت إليها الحكومة في إعداد الموازنة العامة للسنة المالية 2024 ، أرجو أن أعرض لحضراتكم ملامحها الرئيسية وعلى النحو التالي :
أولاً: لقد شكلت الإصلاحات في النظام الضريبي والإدارة الضريبية في بعدها الإقتصادي القاعدة الرئيسية للحفاظ على الإستقرار النقدي لتحفيز النمو وزيادة الإعتماد على الموارد الذاتية لتغطية النفقات العامة. ومن هذا المنطلق، فإن مشروع موازنة عام 2024 يحمل في ثناياه الإستمرار بنهج الإصلاح المالي واستدامة الأداء الإستثنائي للأردن في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية في مجال المالية العامة بشكل تصاعدي وعادل، والتي حمت الأردن خلال السنوات الماضية من ويلات أطاحت باقتصادات دول أخرى.
لذلك، ستواصل الحكومة إجراءاتها الهادفة إلى توسيع القاعدة الضريبية وترشيد الإعفاءات الضريبية مقابل تعزيز الحوافز والمزايا وخلق البيئة الجاذبة للمستثمرين، وتطبيق الإصلاحات التشريعية التي أقرها مجلسكم الكريم في الأعوام الماضية، والتطبيق الكامل لنظام الفوترة الإلكتروني ونظام التتبع، وفرض رقابة صارمة على التهريب عبر الحدود. وتأسيساً على ما تقدم، سترتفع إيرادات ضريبة الدخل في عام 2024 بنحو 325 مليون دينار أو ما نسبته 20 بالمائة في ضوء الجهود الهادفة للتركيز على رفع الإيرادات الضريبية دون رفع الشرائح الضريبية.
كما سترتفع إيرادات ضريبة المبيعات بنحو 286 مليون دينار أو ما نسبته 6.4 بالمائة مدفوعة بالنمو الإسمي للناتج البالغ 5.1 بالمائة . وفي ضوء ذلك ، سترتفع مساهمة ضريبة الدخل في الإيرادات الضريبية في عام 2024 إلى 27 بالمائة مقارنة بنحو 22.3 بالمائة في عام 2020 ، في حين ستتراجع مساهمة إيرادات ضريبة المبيعات إلى نحو 66 بالمائة في عام 2024 مقابل 71 بالمائة في عام 2020 ، ويأتي ذلك تحقيقا للتوجيهات الملكية السامية بـ " تحسين الإيرادات عبر مكافحة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي دون مغالاة على المواطن والقطاع الخاص، وهذا يتطلب الإستمرار في تطوير المنظومتين الضريبية والجمركية وأدواتهما، بشكل يضمن حقوق الخزينة العامة ، ويمكنها من تقديم الخدمات المثلى التي يستحقها المواطن".
ثانياً: التزاما بالتوجيهات الملكية السامية للحكومة لتعزيز تقدم سير العمل في تنفيذ رؤية التحديث الإقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام وبناء القدرات في الجهات الحكومية المعنية، فقد تم رصد 348 مليون دينار للمشاريع ذات العلاقة في موازنة عام 2024 .
ثالثاً: ولأن توفير مصادر أردنية مستدامة للمياه يعتبر أولوية إستراتيجية أردنية، وتحقيقا للإستقلال المائي للأردن، والتزاما بالتوجيهات الملكية السامية، ستستمر الحكومة في إيلاء مشروع تحلية ونقل المياه ( الناقل الوطني) أولوية خاصة تم عكسها في موازنة عام 2024 باعتباره من أهم المشروعات الإستراتيجية في رؤية التحديث الإقتصادي .
رابعاً: في الوقت الذي يؤدي فيه الإنفاق العام دورا هاما في تحفيز النشاط الإقتصادي، فهو يوضح في الوقت ذاته الكلفة اللازمة لتحقيق الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي والوفاء بمتطلباتهما. لذلك تسعى هذه الموازنة في بعدها الإجتماعي إلى تعزيز العدالة الإجتماعية والتهيئة لحياة أفضل للمواطنين، وهذا يعكس التطور في وظيفة السياسة المالية من حيث استنادها إلى العدالة الإجتماعية في تحقيقها لمستهدفاتها. وقد توخت موازنة عام 2024 توفير المخصصات المالية لتعزيز الحماية الإجتماعية في مختلف مجالاتها، حيث تم زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنية / الدعم النقدي الموحد لتصل إلى 262 مليون دينار ]لدعم الأسر ذات الدخل المحدود. ولأن صدمات جانب العرض في الأسواق العالمية قد تمتد لفترات طويلة، وحرصا من الحكومة على ضمان استقرار أسعار السلع وخاصة الغذائية الأساسية في السوق المحلي، فستواصل الحكومة العمل على تعزيز الرصيد الإستراتيجي من القمح والشعير لفترات زمنية كافية، وزيادة السعة التخزينية لمستوعبات الحبوب، وتسريع الإنجاز في محاور الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي . وستستمر الحكومة في تثبيت سعر مادة الخبز وأسطوانة الغاز. وقد بلغت مخصصات دعم السلع الإستراتيجية في موازنة عام 2024 نحو 289 مليون دينار، منها 63 مليون دينار لدعم أسطوانة الغاز .
ولأن طلابنا هم عنوان مستقبلنا، فقد أولت الحكومة اهتماما كبيرا لرفع مستوى التعليم، حيث تم زيادة مخصصات التعليم في عام 2024 بارتفاع مقداره نحو 91 مليون دينار عن عام 2023 لتبلغ نحو 1436 مليون دينار، مؤكدا في هذا السياق على أنه تم مضاعفة مخصصات دعم التعليم الجامعي لأبنائنا غير المقتدرين (صندوق الطالب المحتاج) والإستمرار في دعم الجامعات الحكومية والمكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين والمعلمين، ودعم مخصصات التغذية المدرسية.
ولأن التطوير النوعي لخدمات الرعاية الصحية يعتبر رافدا للتوسع الكمي في هذه الخدمات لجميع المواطنين في شتى بقاع الوطن، فقد تضمنت موازنة عام 2024 نحو 1275 مليون دينار لمخصصات الصحة متضمنة وزارة الصحة ومستشفى الأمير حمزة والخدمات الطبية الملكية بارتفاع مقداره 156 مليون دينار أو ما نسبته 14 بالمائة عن عام 2023 . ومن الجدير ذكره، أن مخصصات الحماية الإجتماعية بلغت في عام 2024 نحو 2349 مليون دينار بزيادة قدرها 128 مليون دينار عن عام 2023 أو ما نسبته 6 بالمائة .
خامساً: وبهدف توفير الدعم للقطاعات الرئيسية في الإقتصاد الوطني وتحفيز الأنشطة الاقتصادية الداعمة للنمو وخاصة القطاعات الصناعية والتصدير،] فقد تم رصد مبلغ 40 مليون دينار لصندوق دعم الصناعات، ونحو 9 مليون دينار لتزويد المدن الصناعية بالغاز الطبيعي لخفض كلف الطاقة في عمليات الإنتاج، كما تم رصد المخصصات المالية لتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتصدير [. ونظرا لما تتمتع به المملكة من إمكانيات سياحية جاذبة، ولأهمية هذا القطاع كصناعة رئيسية في النمو الإقتصادي وتوفير فرص العمل، فقد تم رصد مبلغ 74 مليون دينار ضمن موازنة وزارة السياحة لتحفيز وتنشيط السياحة، ولإتمام جاهزيتها لانطلاقة جديدة بعد التعافي من الظروف الإقليمية التي ألقت بظلالها على هذا القطاع .
سَادساً: لوضع الإجراءات في أقنيتها الصحيحة وتعظيم الفائدة المتوخاة منها ، وانطلاقا من إيمان الحكومة بأن جذب الإستثمار الأجنبي والمحلي يعتبر الركن الأساس لتعزيز النمو. ولاعتقادنا بأنه ما زال هناك تحديات تواجه هذا القطاع تحد من قدرتنا على جذب الإستثمار، فستواصل الحكومة إجراءتها لمواجهة هذه التحديات وتحفيز الإستثمار الخاص وحمايته وتمكينه من أداء دوره في تعزيز النمو الإقتصادي.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
في ضوء المعطيات سالفة الذكر، قدرت النفقات الجارية لعام 2024 بمبلغ 10642 مليون دينار لترتفع بنحو 854 مليون دينار أو ما نسبته 8.7 بالمائة مقارنة بعام 2023، ويعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة على مخصصات الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة العامة بنحو 143 مليون دينار، وزيادة رواتب الجهاز المدني بنحو 109 مليون دينار، وزيادة رواتب المتقاعدين العسكريين والمدنيين بنحو 78 مليون دينار .
كما يعزى الارتفاع في النفقات الجارية إلى زيادة مخصصات فوائد الدين العام في عام 2024 بنحو 277 مليون دينار مقارنة بعام 2023 في ضوء استمرار الارتفاع في أسعار الفائدة العالمية جراء السياسات الهادفة إلى احتواء التضخم عالميا. كما قامت الحكومة بتخصيص مبلغ 100 مليون دينار للنفقات الطارئة في موازنة عام 2024 ، حيث سيتم التعامل مع المتطلبات المالية في حال حدوث أي تطورات أو مستجدات في حينه.
وفي ضوء ما تقدم، شكلت مخصصات رواتب الجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والسلامة ومخصصات التقاعد المدني والعسكري ما نسبته 61 بالمائة من إجمالي النفقات الجارية . وفي حال إضافة مخصصات فوائد الدين العام تصبح النسبة 80 بالمائة من إجمالي النفقات الجارية .
وترجمة لسياسة الحكومة في ضبط وترشيد النفقات، فقد بلغت النفقات التشغيلية للجهاز المدني لعام 2024 نحو 559 مليون دينار أو ما نسبته 5 بالمائة فقط من إجمالي النفقات الجارية ، علما بأن نفقات القطاع الصحي استحوذت على نحو 41 بالمائة من النفقات التشغيلية التي تشكل الأدوية واللوازم والمستهلكات الطبية نحو 58 بالمائة منها . وعليه فإن النفقات التشغيلية لباقي الجهاز المدني تبلغ ما قيمته 331 مليون دينار فقط، وهي تعكس كفاءة الحكومة في إدارة المال العام .
وأما على صعيد النفقات الرأسمالية فقد قدرت بنحو 1729 مليون دينار في عام 2024 بزيادة مقدارها 182 مليون دينار أو ما نسبته 11.8 بالمائة عن مستواها لعام 2023 وهي القيمة الأعلى في تاريخ الموازنات العامة. وقد شكلت مخصصات مشاريع رؤية التحديث الإقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام ما نسبته 20.2 بالمائة من هذه النفقات، في حين شكلت مشاريع الجهاز العسكري وجهاز الأمن والسلامة 16.9 بالمائة ، ومشاريع تنمية وتطوير البلديات ومشاريع اللامركزية 18 بالمائة. وفي ضوء ذلك قدرت النفقات العامة بنحو 12371 مليون دينار بارتفاع مقداره 1035 مليون دينار أو ما نسبته 9.1 بالمائة عن مستواها لعام 2023 .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وأما على صعيد الإيرادات، فقد قدرت الإيرادات المحلية لعام 2024 بمبلغ 9579 مليون دينار بزيادة مقدارها 873 مليون دينار أو ما نسبته 10 بالمائة عن مستواها لعام 2023 حيث سترتفع الإيرادات الضريبية بنحو 673 مليون دينار أو ما نسبته 10.2 بالمائة دون رفع المعدلات الضريبية. ومن جهة أخرى، سترتفع الإيرادات غير الضريبية في عام 2024 بنحو 200 مليون دينار أو ما نسبته 9.4 بالمائة . ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الأحداث الإقليمية قد ألقت بظلالها على تحقق الإيرادات في عام 2023 رغم نجاحنا في تحقيقها. لذلك، فإن الإيرادات المقدرة لعام 2024 ترتكز إلى عدة فرضيات أبرزها استمرار الوضع الإقليمي على حاله دون حدوث تطورات كبيرة ضمن السياق الجغرافي والزمني .
كما تم تقدير المنح الخارجية في عام 2024 بنحو 724 مليون دينار أو ما نسبته 7 بالمائة من الإيرادات العامة البالغة 10303 مليون دينار.
وفي ضوء ما تقدم ، سترتفع الإيرادات العامة بنحو 844 مليون دينار أو ما نسبته 8.9 بالمائة عن مستواها لعام 2023 .
وتظهر التطورات المتوقعة للإيرادات حدوث تحسن في مستوى الإعتماد على الذات، حيث سترتفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية لتصل إلى 90 بالمائة في عام 2024 مقابل 88.9 بالمائة في عام 2023 و 74.4 بالمائة في عام 2020 .
ومن هذا المقام، تتقدم الحكومة بجزيل الشكر والتقدير للدول والمؤسسات الدولية التي ساهمت في دعم الإقتصاد الأردني.
وفي ضوء التطورات على جانبي النفقات والإيرادات، فتشير البيانات إلى التحسن التدريجي في استدامة المالية العامة والدين العام ، حيث سيتراجع ، وللسنة الرابعة على التوالي، العجز الأولي للموازنة الذي يقارن بين الإيرادات المحلية والنفقات العامة مستثنيا منها خدمة الدين العام إلى نحو 2.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 مقارنة بـ 5.6 بالمائة في عام 2020 وبتراجع نسبته 62 بالمائة . ومع استمرار الإنضباط المالي دون الإضرار بالنمو، ومواصلة تنفيذ برنامج الحكومة للإصلاح المالي والنقدي، فسوف تتمكن الحكومة من الوصول إلى نقطة الإنعطاف في العجز الأولي وتحقيق أول فائض في عام 2028 إن شاء الله . وترتيبا على ما سبق، سينخفض إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للسنة الثالثة على التوالي ليصل إلى نحو 88 بالمائة في عام 2024 ، وليواصل الهبوط التدريجي إن شاء الله في السنوات اللاحقة وصولا إلى 79 بالمائة في عام 2028.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
أما فيما يتعلق بالوحدات الحكومية، فقد جاءت تقديرات الإيرادات والنفقات لعام 2024 على النحو التالي :
أولا: قدر إجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية بنحو 852 مليون دينار مقابل 790 مليون دينار في عام 2023.
ثانيا: قدر إجمالي النفقات للوحدات الحكومية بنحو 1662 مليون دينار موزعا بواقع 1097 مليون دينار للنفقات الجارية و 565 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 1408 مليون دينار لعام 2023 .
ثالثا: وترتيبا على ما تقدم، قدر صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية في عام 2024 بحوالي 810 مليون دينار مقابل 618 مليون دينار في عام 2023 . وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 851 مليون دينار، فإن صافي العجز يتحول إلى وفر بنحو 41 مليون دينار .
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
تلكم هي الخطوط العريضة للسياسات والتوجهات التي تلتزم الحكومة بإنجازها في إطار الموازنة العامة لعام 2024 . حيث تتشابك الأطر الإقتصادية بالمالية والسياسية والإجتماعية في ظل حالة من عدم اليقين الجيوسياسي إقليميا . ويستدعي هذا منا جميعا النظر للأمور بواقعية دون مغالاة أو تفريط، والوعي العميق بالتغيرات والتطورات التي يشهدها العالم والإقليم وتأثيراتها المحتملة على اقتصادات دول المنطقة بما يدفعنا للتحوط والإستعداد لكافة الإحتمالات .
والحكومة على ثقة بأن مجلسكم الكريم يدرك حجم التحديات التي تواجه الأردن وعظم المسؤوليات التي تتحملها الحكومة في هذه المرحلة، وقد اجتهدت الحكومة للتوفيق بين الإحتياجات الملحة والإمكانات المتوفرة ، كما كانت حريصة على تحقيق طرفي المعادلة الصعبة : النمو الإقتصادي والانضباط المالي، حماية لأركان الإستقرار المالي والنقدي وتعزيز دعائمه وهو الضامن الرئيسي للحفاظ على الطبقة الوسطى .
وستواصل الحكومة نهجها في تحقيق الإنجازات المالية التي سطرتها منذ تشكيلها من إصلاحات هيكلية حقيقية مبنية على ستة مستهدفات وثوابت مالية انتهجتها الحكومة: عدم رفع الضرائب أو فرض ضرائب جديدة، ومحاربة التهرب والتجنب الضريبي، ورفع الإنفاق الرأسمالي إلى مستويات غير مسبوقة، وتعزيز الإنفاق على الحماية الإجتماعية والمحافظة على المقومات الأساسية للمواطنين، ورفع نسبة تغطية الإيرادات المحلية للنفقات الجارية، وتراجع العجز الأولي والدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. هذا ما قد وعدت به الحكومة بشفافية في بداية كل عام من خلال توقعات مبنية على تحليل دقيق وأسس علمية، وهذا تماماً ما انجزته الحكومة وبدقة في كل عام. إدارة إقتصادية علمية تحمي الطبقة الوسطى وتعزز استقرار الإقتصاد الكلي رغم العواصف.
سعادة الرئيس ،
حضرات النواب المحترمين ،
وفي اللحظة التي أقف فيها أمامكم لأعرض مشروع موازنة عام 2024 فلا يزال العدوان الإسرائيلي الإجرامي والممارسات المتجردة من كل معاني الإنسانية قائمة على إخواننا في فلسطين، الذين يسطرون في كل يوم ملحمة تدرس في الإستمساك بصمودهم وبقائهم على أرضهم، وإجهاض كل محاولات دفعهم خارجها، يبذلون المهج والأرواح للدفاع عن حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم. ولا يزال الأردن وسيبقى على التزامه ووفائه لعهده لأشقائه في فلسطين ودعمهم في إفشال مخططات تهجيرهم وابتلاع أراضيهم. إن ما يقدمه الأردن لأشقائه في فلسطين من دعم سياسي واقتصادي على اختلاف أشكاله وصوره لا يعادل ما في وجداننا وضميرنا من مشاعر جياشة تعبر عن وحدة الشعبين الشقيقين وترابطهما بنسيج اجتماعي لا مثيل له.
وسيبقى الأردن مع أشقائه قولا وعملا داعما لصمودهم أينما وجدوا في الأراضي الفلسطينية ، مستذكرا كلمات جليلة للقائد المفدى حفظه الله ورعاه : " وستبقى بوصلتنا فلسطين، وتاجها القدس الشريف، ولن نحيد عن الدفاع عن مصالحها وقضيتها العادلة ، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة، لتنعم منطقتنا وشعوبنا كلها بالسلام الذي هو حق وضرورة لنا جميعا".
سعادة الرئيس،
حضرات النواب المحترمين،
وفي الختام ، إن الحكومة على ثقة بأن الحوار البناء والمناقشات الهادفة مع مجلسكم الموقر لمشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2024 سيكونان خير معين للحكومة في تنفيذ برامج عملها وتحقيق ما يصبو إليه الأردن من خير ومنعة.
وسنكون قادرين -بإذن الله- على تحقيق تطلعاتنا بكفاءة واقتدار، وسيبقى الأردن قويا شامخا مهما كانت التحديات، فهو الذي لم يعرف عبر تاريخه الطويل معنى للضعف والإستكانة، وسيبقى المواطن الأردني هو المبتدى والمنتهى، ومعه ولأجله تمضي المسيرة في ظل حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم حفظه الله ورعاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
--(بترا)
م خ/ أ م/ب ط