نيڨين العياصرة
عدت من المدرسة منزعجة من معلمتي التي أهانتني أمام زميلاتي باجابتها: "اقعدي أنطمي، بلا فلسفة"، عندها بدأت دقات قلبي تتسارع، وملأني الغضب، لأصرخ بشراسة عند وصولي للبيت منتقده ذلك النص في كتاب التربية الوطنية فردت والدتي :"هووص، هسا بسمعوكي"وكأنها خائفة منهم ، أدرت رأسي لم أرى احدًا حولنا، سألتها:من هم؟، قالت:الحيطان، وذهبت رافضة أن تسمعني.
ما زلت مصممة أن أتحدث، ذهبت لجدتي وقلت لها أن ذلك النص في كتاب التربية الوطنية غير.... ، فما كان منها الإ أن تضع يدها على فمي وتتجمد ملامحها وتقول:" الحيطان إلها آذان! ".
جلست بجانب الحائط ، وابتلعت الحديث، لكن عيناي تغرف منه وتذرف الدمع،
هنا بدأت أتمعن الحائط وتلك التشققات باحثة عن الداخل الذي يسمعنا، ثم أضع أذني عليه لعل أسمع صوتًا يخرج منه، لكنه كان ساكن الصوت والصورة .
جاء أبي، ركضت مسرعة اليه لأخبره عن رد معلمتي و أمي وجدتي، وعندما وصلت لذلك النص في كتاب التربية الوطنية، احتضنني وقال:"بكره بتروحي ورا الشمس"!.
ردودهم صنعت أكوام من التساؤلات والكثير من القهر، فأنا لم اتفلسف بل كان نقد لواقع لا يشبه ما نقرأ، ضاقت عروقي وضقت بالصمت، فضربت برأسي الحائط وسقطتُ ارضًا وتناثر الدم، لكنه شعور غير سار، الحائط لم يتأذى ولم يصرخ آلمًا، بل أنا من تألمت وتأثرت ، ربطت جرحي وقاومت الألم، وخرجت الى الشرفة أتنفس بعض الهواء لعلِ ارتاح ، وإذا بجارنا أبو مازن يقول لي :"الحمدلله على سلامتك يا نيفين، سمعت انه راسك مفشوخ".
استغربت كيف عرف بهذه السرعة، سألته:من أخبرك؟
أبتسم وقال:الحيطان!.
أنا بغرابة :الحيطان، الحيتان، الحيطان!.
دخلت مسرعة وقبلت الحائط واعتذرت منه بدل المره مرات، وقلت له :أن ذلك النص في كتاب التربية الوطنية ضمن لي حقي، حقي في السكن، حقي في العمل، حقي في التعبير عن الرأي، ارتفعت قهقهاتي التي اختلطت بالبكاء وتابعت: نعم يا سيدي الحائط أخطأت النقد، المعذرة منك، المعذرة تتلوها الأخرى، والكثير من التعليلات، ولكنه بقي ساكت،والساكت عن الحق شيطان أخرس.
ومن يومها بمشي الحيط، الحيط، ويارب الستيره.