شريط الأخبار
الإفراج عن الداعية السعودي الشيخ بدر المشاري الحكومة تتوقع إصدار جدول تشكيل الوحدات الحكومية منتصف العام الحكومة تطلب "احتساب المكافآت" لـ ممثليها في مجالس الإدارة إيفانكا ترامب تذهل الجميع بفستانها الأنيق في حفل تنصيب والدها - شاهد بالصور الصفدي ⁦‪‬⁩يعقد لقاءات موسعة مع نظرائه وزراء خارجية دول أجنبية وعربية ومسؤولين أمميين في دافوس ولي العهد: خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الصفدي: أمن الأردن يحميه الأردنيون وتفجر أوضاع الضفة يؤثر على المنطقة ولي العهد يلتقي رئيس الوفد البحريني المشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي وزير الخارجية: المنطقة تحتاج أن نتقدم فعلا في إنهاء الحرب على غزة والضفة الغربية ترامب يتوعّد روسيا بعقوبات إذا لم تتوصّل "فورا" إلى حل للنزاع مع أوكرانيا مبعوث ترامب: سأذهب لغزة للتحقق من وقف إطلاق النار "النواب" يُحيل مشاريع قوانين إلى اللجان النيابية المُختصة وزير الشؤون السياسية: مسيرة التحديث حصنت الأردن وجسدت أهم عناصر قوته إدارة ترامب تقبل استقالة السفيرة الأمريكية لدى الأردن الشيباني: رفع العقوبات الدولية هو مفتاح استقرار سوريا وزير الطاقة: 13 مذكرة لاستخراج الثروات الطبيعية في الأردن ولي العهد يشارك في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الموعد والقنوات الناقلة لمباراة مصر وأيسلندا في مونديال كرة اليد بوتين يعلن ارتفاع عائدات روسيا غير النفطية بنسبة 26% في عام 2024 إسرائيل تعرض تسليم أسلحة روسية استولت عليها من غزة ولبنان إلى أوكرانيا

الشياب يكتب : النووي (رياض الصالحين)

الشياب يكتب : النووي (رياض الصالحين)

د. سلطان محمود عارف الشياب

ونحن في شهر الخير، شهر رمضان، شهر البركات والقرآن وليلة القدر، لا بد للواحد منا أن يقرأ بالإضافة إلى القرآن الكريم كلام الله، أن يقرأ بعضاً من كتب الصالحين الذين أناروا لنا الدرب، وشرحوا لنا الكثير من مناهج أحاديث سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام.

فالقراءة بحد ذاتها من الأمور التي لا بد أن يحرص الإنسان عليها، ليست في رمضان، الذي هو أصلاً لقراءة للقرآن، ولكن في غير رمضان، ففيها فوائد عظيمة عندما تكون متأصلة في النفس البشرية حتى وإن كانت مكتسبة، فالقراءة تعرفنا على تجارب الآخرين، وعلوم الأمم السابقة، وتعطي الإنسان مهما كانت منزلته القدرة على الإبداع والابتكار وهي كذلك أداة من أدوات التواصل، ونقل وتحصيل المعرفة، فهي تعلم الصبر والهدوء، صحيح أن القراءة مع تطور التكنولوجيا، أصبحت أقل وأسهل، لكنها غير ممتعة، على العموم الكتاب هو الوحيد الذي يتحملك مهما كانت ظروفك، ونحن هنا لسنا في مجال تعداد فوائد القراءة أو كما قيل المطالعة وهذا له وقت آخر.

وأنا أفتش عن كتاب أقرأه، وقع في نفسي كتاب قديم جديد، عتيق ممتع، يصلح لأغلب الأوقات، رياض الصالحين كتاب يشرح فيه المؤلف رحمة الله الكثير من أحاديث النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام ويعلق عليها، وهي أحاديث صحيحة متواثرة، تغطي أغلب شؤون حياة الفرد المسلم من معاملات وطهارة، وعقيدة، وصوم وصلاة، وزكاة، وصبر وبر الوالدين، وجهاد في سبيل الله.

بعبارة أخرى، الكتاب شامل جامع، يعرضه المؤلف المرحوم بأسلوب ممتع قصير، وأجزم أنه ذو فائدة عظيمة، ومتعة كبيرة، وهذا سر انتشاره في أغلب الدول الإسلامية، وأجزم أنه لا يوجد مسجد في أي قطر عربي أو اسلامي، إلا وفيه نسخة منه، وأن علماء الإسلام، ومشايخ الأمة، وخطباء المساجد والوعاظ والدارسين لا بد وأن رجعوا إليه وتعلموا منه، ودرسوه فهو جامع شامل رحم الله المؤلف النووي رحمة واسعة وأسكنه جنات النعيم.

تقول كتب التراجم والسير أن الإمام أبو زكريا الفقيه النووي، والمحدث اللغوي، ولد عام 631م في مدينة (نوي) ونوي لأن هي ناحية إدارية تتبع محافظة درعا في القطر العربي السوري، وهي قرية من قرى سهل حوران، تبعد عن العاصمة السورية حوالي 90 كيلومتر، قريبة من حدود فلسطين، وكانت نوى على مر العصور، مدينة ذات أهمية فيها الكثير من الشواهد التاريخية والحضارية التي تدل على تعاقب الحضارات عليها من رومانية، وقارسية، وبيزنطينية وإسلامية، ويقال أن فيها قبر الصاحبي الجليل (سعد بن عبادة) والفقيه المجتهد (يحي الدين شرف النووي).

هو أبو زكريا يجي بن الشيخ أبي يجى شرف بن محمد النووي، والده لم يكن ميسور الحال، ولا ذو جاه ولا منصب، فقد ورد أنه كان يملك دكانًا وكما تروي كتب التراجم كان ورعاً زاهدًا عندما بلغ ابنه السابعة من العمر، كان يساعده في البيع والشراء في دكانه المتواضع.

لم يكن يختلط بأقرانه من شباب القرية، لا يلعب معهم كثيراً، وعندا بلغ السادسة عشرة أتم حفظ القرآن الكريم.

وبعد حفظ كتاب الله أراد أن يستزيد، فقرر أن يسافر إلى دمشق بلد العلم وكبار المحدثين، فنزل جامعها الكبير، وتتلمذ على يد مفتي الشام في ذلك الوقت.

(تاج الدين عبدالرحمن ابن إبراهيم الفزاري المعروف بالفركاح) والذي أعجب به ومن شدة حرصه على عدم اضاعة الوقت والجد في طلب العلم فأعطاه غرفة بالقرب من المسجد، وبدأ يتعلم ويسهر ويتابع كل صغيرة وكبيرة حتى نال الاستحسان من أغلب مشايخه في اللغة والأدب والعلم الشرعي، وقد عاش النووي في أواخر عصر الأيوبيين، وبداية عصر المماليك وبداية عصر الظاهر بيبرس، والتي شهدت البلاد الإسلامية نوعًا من الاستقرار.

فبلغت الدولة مرحلة متقدمة في العلوم والفقه والتاريخ وظهر العديد في عصره من العلماء والأدباء ونوابغ الأمة، فكان (ابن خلكان) وكان (ياقوت الحموي) وكان (ابن أبي اصبيعة) (وشاعر الزهد والتصوف محي الدين ابن العربي)، فكان لا بد له من أن يجتهد ويسهر ويتعلم حتى يكون ذو شأن فأقبل بهمة ونشاط، فكان لا يضيع وفتًا، وقليل ما يهتم بأمور الدنيا، وقرر عدم الزواج، فكان جل اهتماماته القراءة، والتحصيل، وكان له ما أراد، فكان محط التقدير من علماء عصره ولفت انتباههم في حلقات البحث.

عندما بلغ من العمر الثلاثين، بدأ يكتب ما تعلم ويضع له نصيب في عالم الفكر والتأليف، في مختلف أمور العلم الذي تعلمه، فكثرت عناوينه، وتصانيفه، في أمور الفقه والعبادات والحديث، وأمور السنة المطهرة والتحقيق لعشرات الكتب، والتي أضافت للمكتبة العربية الكثير من الفائدة، واستفاد طلاب اللغة والفقه والعلم الشرعي، وحتى بسطاء الأمة فكان رياض الصالحين في كلام السيد المرسلين واحدًا من النفائس العظيمة.

تقول سيرته العطرة أن كان زاهدًا في الدنيا قوي الحجة يقول الحق في المسائل ولا يخاف أحدًا تعرض كثيرًا للحسد والوشايات ضد أصحاب القرار فكان لا يخاف في الله لومة لائم، ولا قوة حاكم عارض الظاهر بيبرس في كثير من المسائل فقرر الملك بيبرس أن لا يبقيه في دمشق فتركها وبقي في نوى مسقط رأسه حتى وفاه الأجل، وورد أن له العديد من الكرامات له ولمن حوله وشهد له العديد بذلك,

توفي رحمة الله في رجب من عام 676 بعد أن بلغ من العمر 46 عامًا قضاها في أعمال التقوى وطلب العلم والتأليف، فقد ورد أنه عندما سمع أهل دمشق بخبر وفاته أرتخت دمشق ونعاه العلماء وطلاب العلم ومن يعرفه ومن لا يعرفه، وتوافد العديد من العلماء والفقهاء إلى نوى مسقط رأسه وشيعه الآلاف بعد أن صلى عليه، قاضي دمشق ومفتي الديار الشامية العلامة (عز الدين محمد بن الصائغ) ودفن في نوى المدينة التي أحبها وتمنى أن يدفن فيها رحمه الله ورحم الله علماء الأمة الذين لا يخافون من قول الحق في كل زمان ومكان.