القلعة نيوز:
د.نسيم أبو خضير
نائب أمين عام حزب الأنصار الأردني
إن تطبيق الديمقراطية بشكل فعلي يمكن أن يكون تحديًا في ظل وجود تفاوت كبير في الموارد المالية بين الأحزاب . فالأحزاب الغنية قد تتمكن من تغطية كل متطلبات الوصول إلى مناطق المملكة ، كماانها تتمكن من الوصول إلى وسائل الإعلام ، وتنظيم فعاليات كبرى ، ودعم حملات انتخابية ضخمة ، مما يعطيها ميزة كبيرة على الأحزاب الأقل ثراءً .
ولتحقيق ديمقراطية حقيقية ، يجب أن تكون هناك إجراءات لضمان تكافؤ الفرص ، من خلال وضع الحكومات قوانين تحد من الإنفاق الإنتخابي ، وتوفير تمويل عام للأحزاب الفقيرة بناءً على معايير موضوعية . بالإضافة إلى ذلك ، يمكن تعزيز الشفافية في التمويل السياسي لمنع الفساد واستغلال النفوذ .
فالديمقراطية تتطلب بيئة تضمن المنافسة العادلة بين الأحزاب ، وتسمح للمواهب والكفاءات بالظهور بغض النظر عن الموارد المالية المتاحة لكل منها ، بحيث لايكون للمال الأولوية في تصدر أصحابها القوائم الإنتخابية للوصول إلى قبة البرلمان ، التي تخالف الرؤية الملكية في الوصول إلى حكومات برلمانية .
فالأصل في العمل الحزبي أنه عمل أيديولوجي فكري برامجي بعيد عن الطائفية ، وهو مخصص للقادرين وذوي القدرة والكفاءة على وضع برامج حزبية تؤثر في البلاد .
فالعمل الحزبي ، رغم إمكانياته في إحداث تغيير إيجابي ، يمكن أن يكون له تأثيرات سلبية أيضًا . فقد يؤدي إلى الإستقطاب السياسي ، حيث تصبح الأحزاب أكثر تطرفًا وأقل إستعداداً للتوصل إلى حلول وسط . وهذا يمكن أن يؤدي إلى الجمود السياسي ، مما يجعل من الصعب تمرير التشريعات . والذي يمكن أن يضع العمل الحزبي مصالح الحزب فوق إحتياجات الجمهور ، مما يؤدي إلى الفساد أو سياسات تخدم القلة بدلاً من الأغلبية . كما أن هناك خطرًا في خلق انقسامات بين الشعب ، مما يؤدي إلى تراجع الوحدة الوطنية.
مثلاً عندما تلتزم عشيرة معينة بدعم مرشحين محددين ، من خلال الإجماع العشائري يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على العملية الديمقراطية بعدة طرق .
أولًا : أن هذا الأمر مخالفاً للدستور .
ثانياً : أنه يؤدي إلى تقييد حرية الفرد في إختيار المرشح الذي يعتقد أنه الأفضل ، مما يعتبر بمثابة إغتيال لصوت الناخب .
ثالثاً : يعزز هذا التوجه الإنقسامات الاجتماعية والسياسية ، حيث يصبح الولاء للعشيرة أهم من الكفاءة أو البرامج السياسية للمرشحين .
رابعاً : قد يؤدي هذا إلى إنتخاب مرشحين غير مؤهلين أو غير أكفاء ، فقط لأنهم ينتمون إلى عشيرة معينة " مع إحترامي لكل العشائر " ، مما يضعف أداء الحكومة وفعالية السياسات العامة .
كما يمكن أن يؤدي الإلتزام العشائري إلى الفساد والمحسوبية ، بحيث يسعى المرشحون للفوز بدعم العشائر من خلال تقديم وعود أو مكاسب خاصة ، بدلاً من التركيز على المراقبة والتشريع و المصالح العامة والتنمية الشاملة .
فدور الأحزاب يجب أن يكون مركزًا على عدة جوانب أساسية .
أولًا : وضع برامج وسياسات تنموية تهدف إلى تحسين الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والصحية في الوطن .
ثانيًا : العمل على تعزيز الديمقراطية والشفافية من خلال المشاركة الفعالة في العملية السياسية ومراقبة أداء الحكومة.
فالأحزاب وُجدت لتكون وسيلة تنظيمية تجمع الأفراد حول أفكار وأهداف مشتركة ، وتتيح لهم التعبير عن آرائهم ، والمساهمة في صنع القرارات السياسية التي تخدم الوطن والمواطن .
إن الهدف النبيل من إنضمام الأعضاء إلى الأحزاب هو العمل على تحقيق المصلحة العامة ، والمساهمة في رفاهية المجتمع ككل ، وذلك من خلال تقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الوطن ، وتمثيل تطلعات وآمال المواطنين بشكل عادل وفعال .
من خلال هذه الأدوار ، تسهم الأحزاب في تعزيز الإستقرار السياسي وتطوير البنية التحتية ، وتحقيق العدالة الإجتماعية ، وبالتالي دفع عجلة التنمية نحو الأمام .
ولاننسى ان رؤية تمكين الشباب وإشراكهم في الأحزاب تعتبر خطوة مهمة نحو بناء مستقبل أفضل وأكثر استدامة ، لأن تمكين الشباب يمكن أن يسهم في تجديد الدماء داخل الأحزاب السياسية ، وجلب أفكار جديدة ووجهات نظر مختلفة تعزز من حيوية وديناميكية العمل الحزبي .
إن إشراك الشباب في الأحزاب يساعد على بناء قادة جدد يمتلكون القدرة على التفاعل مع تحديات العصر الحديث بفعالية . كما يسهم في تعزيز الشعور بالإنتماء والمسؤولية بين الشباب ، مما يزيد من مشاركتهم الفاعلة في العملية السياسية والاجتماعية.
بالإضافة إلى أن تمكين الشباب يعزز من التنوع داخل الأحزاب ، ويدعم التوازن بين الأجيال المختلفة ، ويساهم في خلق بيئة سياسية شاملة تتبنى جميع الأصوات والآراء . وهذا يمكن أن يؤدي إلى سياسات أكثر شمولية واستجابة لإحتياجات المجتمع ككل .
لكن هناك مشكلة قد تشكل عقبة كبيرة أمام إنخراط الشباب في العمل الحزبي . وهي عدم توفر الموارد المالية اللازمة للأحزاب الفقيرة للتنقل والمشاركة في الفعاليات السياسية ، إضافة إلى إنتشار البطالة بين الشباب العاطلين عن العمل. ، وعدم قدرتهم المالية من الوصول الى أحزابهم والمشاركة في فعالياتها ونشاطاتها والذي يمكن أن يحد من قدرة الشباب على التفاعل والمشاركة الفعالة .
بينما يمكن للأحزاب السياسية الثرية تجاوز هذه العقبة ، من خلال عدة إجراءات تتخذها لدعم الشباب .
أولًا : يمكنها توفير وسائل نقل مجانية أو منح تغطية مالية للنفقات المتعلقة بالتنقل والإقامة .
ثانيًا : يمكن تنظيم فعاليات محلية في مختلف المحافظات بدلاً من التركيز فقط على العاصمة ، مما يسهل الوصول ويزيد من المشاركة.
بهذه الطريقة ، يمكن تخفيف العوائق المالية أمام الشباب وتمكينهم من الإنخراط في العمل الحزبي بفاعلية ، مما يعزز من تمثيلهم ومشاركتهم في العملية السياسية والتنموية ، لكن هذا قد ينحصر في أحزاب معينه ، ذات توجهات وأفكار معينه ، يُحرم منها الشباب العاطلين عن العمل ممن لديهم توجهات تتفق وأفكار أحزابهم ، وهذا الأمر يحرم هؤلاء الشباب من التعبير عن أفكارهم ورغبتهم في الإنتماء الحزبي بسبب العجز المالي .
الشباب جميع الشباب لاتتم عملية إنخراطهم في الأحزاب إلا إذا كانت هناك إرادة قوية والتزام فعلي بدعم الشباب من الدولة بتوفير الموارد المالية اللازمة للأحزاب الفقيرة من خلال الدعم المالي واللوجستي للشباب ، وتطوير سياسات تضمن مشاركة الشباب من مختلف الخلفيات ، بإرادة قوية وخطط استراتيجية واضحة ، يمكن تجاوز هذه العقبات وتمكين الشباب من الإنخراط بفاعلية في العمل الحزبي . نعم يمكن تحقيق ذلك إذا كانت هناك إرادة قوية من الأحزاب والتزام فعلي بدعم الشباب.
لكن لتحقيق هذا الهدف بشكل كامل، يجب على الحكومات توفير الموارد اللازمة للأحزاب الفقيرة ، وتطوير سياسات تضمن مشاركة الشباب من مختلف الخلفيات . بالإضافة إلى ذلك، التعاون مع منظمات المجتمع المدني .
والحكومات يمكن أن تسهم في توفير الدعم المالي واللوجستي للشباب.
بإرادة قوية وخطط إستراتيجية واضحة ، يمكن تجاوز هذه العقبات وتمكين الشباب من الإنخراط بفاعلية في العمل الحزبي.