ميساء احمد المواجدة
شكّلت الضريبة الخاصّة التي فرضتها الحكومة الأسبوع الماضي، على سيارات الكهرباء، ضربة كبيرة للراغبين بامتلاك هذه السيارات، التي تعد صديقة للبيئة.
الأسبوع الماضي "تلقفّ" المواطنين صدمة إقرار مجلس الوزراء، نظاماً معدِّلاً لنظام الضَّريبة الخاصَّة لسنة 2024، تمَّ بموجبه رفع الضَّريبة تصاعديًّا على الشَّرائح الأعلى سعراً من المركبات الكهربائيَّة، وتخفيض الضريبة الخاصَّة على مركبات البنزين.
وقالت الحكومة إن قرارات رفع الضرائب الأخيرة تهدف إلى تقليل الفجوة بين الضَّريبة الخاصَّة المفروضة على المركبات التي تعمل على الكهرباء والمركبات الأخرى، مع المحافظة على بقاء الضَّريبة الخاصَّة المفروضة على المركبات التي تعمل على الكهرباء أقلّ من الضَّريبة المفروضة على البدائل الأخرى من المركبات.
وأوضحت الحكومة أن أي سيارة كهربائية يكون سعرها أقل من 10 آلاف دينار (14 ألف دولار) لن يطرأ أي تعديل على الضريبة المفروضة عليها حاليا، فيما سيشمل التخفيض على سيارات البنزين المركبات التي يكون عمرها أقل من خمس سنوات.
غريب الأمر أن يأتي هذا القرار من الحكومة في وقت يفترض أن تشجّع المواطنين على اقتناء هذه المركبات التي تعدّ صديقة للبيئة، بدلاً من فرضّ ضريبة خاصة من شأنها أن تشجّع المواطنين على العزوف عن اقتناء هذه المركبات، وهو قرار من شأنه أن يحبط من معنويات المواطن الذي يتطلع لشراء مثل هذه المركبات، ودفعه لشراء مركبات البنزين أو الديزل المضرة بالبيئة.
عقب صدور القرار شهدت المنطقة الحرّة إنخفاضاً واضحاً في التخليص على هذه المركبات، إذ تشير الأرقام إلى إنخفاض التخليص من 350 سيارة إلى 60 سيارة خلال كل من يومي السبت والأحد.
اتفهم بأن الحكومة تسعى لتعويض الإنخفاض الكبير الذي طرأ على الضريبة الخاصة المفروضة على البنزين والديزل، وكأنها بهذا القرار تريد تعويض ذلك. لكنها في الواقع كبّدت تجّار مركبات الكهرباء خسائر فادحة جراء حركة الركود التي ستصيب هذا القطاع، وبالتالي تكدّس السيارات لدى تجّار السيارات لاسيما أصحاب الوكالات وبالتالي ستصبح في تعداد سيارات " الستوك" لدى الوكلاء خصوصاً وأن الشركات الصانعة أوشكت على طرح موديلات عام 2025، وبالتالي ستنخفض أسعار بيع سيارات موديلات 2024 وما قبل!
أعتقد بأن حكومة الرئيس المكلّف الدكتور جعفر حسّان، والتي يتوسم بها المواطن خيراً، نتيجة خبرته الاقتصادية سيدرك أهمية العدول عن هذا القرار، للحدّ من تبعاته على المواطن الأردني، انتصاراً للوطن والموطن.
كان بالأجدر على الحكومة أن تخفض الضريبة والرسوم الجمركية بشكل كبير على السيارات العاملة على البنزين والديزل، لتشجيع اقبال المواطنين عليها، وبالتالي ستحقق الحكومة عوائد مالية متحققة من الضريبة الخاصّة المفروضة على البنزين والديزل، وهي بذلك من الممكن أن يكون الإيراد المالي أكبر بكثير من قيمة التخفيض؛ إذ أن الحكومة ستخفض الرسوم الجمركية على لمركبة البنزين التي ستباع للمواطن لمرة واحدة؛ لكنها ستستمر ببيع الوقود للمواطنين وسيستمر رفد الخزينة العامة بالموارد المالية المتحققة من ضريبة المحروقات.
الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي دخلت قرابة 20 ألف مركبة كهربائية السوق الأردنية، بنسبة نمو التخليص على المركبات الكهربائية وصلت إلى 79% خلال الشهور الخمسة الأولى من العام 2024، وسط تخوفات من تراجع التخليص على مركبات الكهرباء بسبب المواصفات الجديدة.
واصل التخليص على المركبات الكهربائية سطوته على سوق المركبات المحلية محققا نموا بنسبة 79% ليصل إلى 19307 مركبات في الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، مقارنة مع 10803 مركبات للفترة ذاتها من العام الماضي 2023.
بينما أن التخليص على مركبات البنزين وصل إلى 2239 مركبة، ليتراجع 58% عن الأشهر الخمسة الأولى من العام الماضي، حيث كان 5365 مركبة آنذاك. كما تراجع التخليص على مركبات الهايبرد بنسبة 35% حتى نهاية أيار الماضي، ليصل عددها إلى 4305 مركبات مقارنة مع 6581 مركبة للفترة ذاتها من 2023.
فيما شهد التخليص على مركبات الديزل نموا بنسبة 10% خلال فترة المقارنة، ليصل عددها إلى 3020 مركبة مقابل 2755 مركبة بنهاية أيار من العام الماضي. وبشأن المركبات الهجينة (الهايبرد)، انخفض عدد المركبات المخلص عليها إلى 2,540 مركبة في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة مع 2,782 مركبة للفترة ذاتها من 2023، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 8.7%. أما التخليص على المركبات العاملة بالبنزين، فانخفض بنسبة 59% في الربع الأول من 2024 ليسجل 1355 مركبة ، مقابل 3309 مركبات في الربع الأول من العام الماضي. فيما سجلت المركبات العاملة بالديزل زيادة طفيفة بنسبة 2.3%، لتصل إلى 1,757 مركبة في الربع الأول من عام 2024، مقارنة بـ 1,717 مركبة للفترة نفسها من العام 2023.
الطلب المتزايد على المركبات الكهربائية، حفّز المنافسة بين التجار والتي انعكست على أسعار بيع المركبات.
الحكومة المكلّفة تدرك تماماً أهمية انعكاسات اقتناء المواطنين لمركبات حديثة وصديقة للبيئة على السلامة العامة للمواطنين، والتي هي هاجس الدولة الأردنية، لحماية المواطنين من حوادث السير التي طالما تهدد حياة المواطنين.
وهنا لابد أن اشير إلى تأثيرات صناعة السيارات الكهربائية احتلت أهمية كبيرة وجاذبية في الوقت الذي يشكل فيه الحد من التلوث وانبعاثات الكربون مصدر قلق عالمي واسع، وخصوصاً أن الأبحاث أظهرت أن السيارات الكهربائية أفضل للبيئة لأنها أقل تلوثاً للهواء من حيث الغازات وبالتالي تحسين نوعية الهواء، ما يترك المجال واسعاً للتساؤل حول كيفية تأثير السيارات الكهربائية على المناخ؟ وهل يؤدي انتشارها إلى تراجع انبعاثات الكربون؟
بدأت صناعة السيارات الكهربائية عام 1884 على يد المخترع توماس باركر، وفي عام 1912 كان 38 بالمئة من السيارات في الولايات المتحدة تعمل على الكهرباء ثم اندثرت هذه الصناعة نهائياً عام 1938 بسبب قصر المسافة وانعدام محطات الشحن، في حين أُنتجت في العصر الحديث أول سيارة كهربائية عام 1997 من شركة تويوتا ليظهر بعدها أول إنتاج كهربائي مميز من شركة تسلا في الألفية الجديدة.
نحو 65 بالمئة من إنتاج النفط العالمي اليومي يذهب الى وقود وسائل النقل، ويجوب العالم 1.3 مليار سيارة تخرج منها انبعاثات كربونية عالية جداً تشكل ثلث انبعاثات الكربون في الكوكب، ما يعني أن زيادة انتشار السيارات الكهربائية تؤدي إلى تراجع انبعاثات الكربون، ذلك أنه من فوائد السيارات الكهربائية أنها تقلل الانبعاثات الكربونية وتوفر في فاتورة الطاقة، وبالتالي هنا تكمن أهمية التراجع عن الضريبة المفروضة على سيارات الكهرباء لحماية المواطنين من خطر انبعاثات الكربون. وبالتالي فإن الحد من هذه الانبعاثات قد يبطئ أو حتى يوقف التغيرات المناخية، وفقاً لدراسات علمية مؤكدة.
تقديرات هيئة الطاقة الدولية تشير إلى أن انبعاثات الكهرباء في المتوسط أقل بمعدل مرتين من انبعاثات محركات الاحتراق الداخلي للسيارات العادية، وهذا ليس كافيا لتحقيق الأهداف المناخية حيث ستلعب السيارة الكهربائية دوراً كبيراً في إزالة الكربون من وسائل النقل في المستقبل.
وبالتالي فإن رئيس الحكومة المكلف الدكتور جعفر حسان صاحب الرؤية الاقتصادية، يدرك تماماً ما أشرت إليه، وهنا فإن المسؤولية الوطنية تتطلب التراجع عن هذه الضريبة الخاصة، وتخفيض الرسوم الجمركية على السيارات الهايبرد والبنزين بشكل واضح، لتشجيع المواطنين على اقتنائها، وبالتالي تعويض قيمة التخفيض من الضريبة الخاصّة المفروضة على المحروقات، لأن مبيعات المحروقات سترتفع بشكل واضح خصوصاً بعد الانخفاض الكبير الذي أصابها، جراء انتشار سيارات الكهرباء.