الدكتور سلطان محمود عارف الشياب
فوز الإسلامية، أو الحركة الإسلامية أو جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات النيابية التي جرت مؤخراً في الأردن أو العودة القوية للمشهد السياسي الأردني بهذا الزخم القوى يعد حدثًا مهمًا في المشهد السياسي الأردني لا بد من الوقوف عنده طويلاً، فما هو يا ترى سبب الفوز الكبير، والعودة التي لم تكن متوقعة، حتى للإسلاميين أنفسهم.
خصوصًا في هذا الجو الملتهب سواء إقليميًا أو عربيًا وحتى دوليًا ولماذا الأردن بقي الحاضن الذي ربما يكون الوحيد في المنطقة الذي يتعامل مع الإسلاميين، بسياسة مزدوجة ومرنة تختلف عن الآخرين.
أعتقد أن فوز الاسلاميين يعود إلى الشعبية الخارقة عند أغلب المواطنين وأن لديهم قاعدة وتنظيم داخلي مميز ولديهم خطاب شعبوي مقبول يتحدث عن الفساد ويدعو إلى الإصلاح والعدالة الاجتماعية وكلها عناوين تجذب الشارع الأردني الذي أصبح يعاني الكثير كذلك مشاركة الأخوان أو الحركة الإسلامية في معظم الانتخابات الماضية مع أن الحكومات المتعاقبة تقوم بمحاولة إقصائهم ومع ذلك كانوا يتواجدون ويحاولون قدر الإمكان داخل الحاضرة الشعبية أو النقابات ومجالس الأمة عبر تاريخها الطويل.
أعتقد أن الدولة نفسها مسؤولة عن ازدياد هذه الشعبية وهذا الفوز الكاسح لدى كافة مكونات الشعب الأردني فالدولة عندما تضع مسؤولاً وأنا هنا لا أعمم ولكن في أغلب الأحيان تضع مسؤولاً فاسدًا لا يستطيع أن يتخذ قراراً يمس الحالة الجماهرية الوطنية لا بل يكون هذا المسؤول تحوم عليه أكثر من علامة استفهام في الفساد والمحسوبية والشللية ومع ذلك تسر الدولة على أن يكون مسؤولاً متنفذًا وتكون قراراته عبء على الدولة نفسها وهنا أكثر من حالة عبر مسيرة الدولة منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
وعندما يراقب المواطن نفسه مسيرة الحركة الإسلامية يجدها ثابتة متوازنة ذات بعد وطني بالرغم من بعض الهزات التي أصبتها (وبالمناسبة أنا لست عضوًا في أي تنظيم سياسي) لكني أقول ويقول معي الكثيرين ماذا لو تسلم الأخوان أو أصحاب الحركة الإسلامية مقاليد بعض مؤسسات الدولة ربما لكان الإبداع والإنجاز ولتراقب الدولة ذلك فلو كان هناك انحراف عن المسار الوطني على الدولة أن تحاسبهم أولاً بأول.
على امتداد التاريخ الوطني الأردني ومنذ الأربعينات من القرن الماضي ومن يقرأ تاريخ الوطن يقر ويعترف بينه وبين نفسه أن الحركة الإسلامية كانت مع الوطن منذ أن افتتح الملك المؤسس (عبدالله الأول) طيب الله ثراها مؤتمرهم الأول في عمان عام (1947) وحتى الآن أعتقد أن الحركة الإسلامية لم تنحرف كثيراً عن ثوابت الوطن ربما لها طريقة مختلفة مع التعامل مع الحكومات المختلفة من مدٍ وجزر وبين تعاطي سلبي وتعاطي إيجابي لكن مع المحافظة على الثوابت الوطنية والكثير من رموز الحركة الإسلامية القدامى عليهم رحمة الله وحتى الوقت الحاضر أعتقد لا بل أجزم أن تعاطيهم مع ثوابت الدولة واحد فهم يعرفون أكثر من غيرهم أن هذا الوطن بقيادته الهاشمية هو الحضن الدافئ الذي يأويهم ويتعاون معهم وأجزهم أنهم يتعاملون مع النظام والحكومة والدولة على هذا المقدار وعلى هذا الأساس عكس غيرهم الذين تجمعوا في ليلة واحدة وأغلبهم لا يعرفون لا يعرفون بعضهم وكانت أموالهم وأجندتهم الضيقة هي المسيطرة على تفكيرهم ومنهجهم في التعاطي مع المرحلة التي يمر بها الوطن وسمعنا الكثير والدولة تعرف وسمعت وسربت بعض القصص والحكايات عن بعضهم وما طرحتهم تلك الفئة على المواطن لم يكن يرقى إلى مستوى التفكير فإنجازاتهم عندما كانوا أصحاب قرار يعرفها المواطن فكان الرد القاسي المتوقع الدولة عليها أن تضع مسؤولين أكفاء أصحاب أجندات وطنية وليست أجندات خاصة حزبية أو إقليمية فأوية أو شللية يعملون من أجل مصلحة الوطن فقد نخر الفساد العديد من أجهزة الدولة وسبب ذلك العديد من المسؤولين الفاسدين وهنا أنا لا أعمم الذي لا هم لهم سوى نهب خيرات ومقدرات الوطن والأمة.
عندما يشاهد ويلمس المواطن الأردني المسحوق ذلك المسؤول وذلك المتنفذ وصاحب القرار غير قادر على أن يكون مواطنًا شريفًا صالحًا يعطي الوطن يبحث هنا المواطن عن البديل مهما كان نوعه.
وأجزم أن المواطن الآن سيراقب المشهد وسيراقب التجربة الجديدة من العملية الانتخابية وسيحكم بنفسه فإن كان هناك تعاون وتآلف بين أجهزة الدولة المختلفة عندها سيبارك المواطن للوطن.
وإن تغير البوصلة وبدأت مراحل التصادم بين الحكومة والبرلمان ربما في الانتخابات القادمة ستكون النتيجة الغير متوقعة للجميع فالمواطن يراقب المشهد في عناية والأيام حتى وإن كانت أربع سنوات قادمة فهي قصير.
نعم سيراقب وسيحكم على فوز الإسلاميين لهم أو عليهم وأقول للحكومة من باب الحب للوطن أولاً لا تجبر المواطن الأردني المسحوق أو يتوجه إلى أماكن أخرى أنتم تعرفونها أكثر مني وأقول للحركة الإسلامية من باب النصيحة بكل مكوناتها ضعوا نصب أعينكم أن الوطن بحاجة إلى كل الجهود من أجل النهوض به فمرحلة التسعينات تغير والمنطقة فيها الكثير من المفاجآت فلا تجبرونا أن نبحث عن غيركم والأيام بيننا.
حفظ الله الوطن وقائد الوطن