الدكتور سلطان عارف محمود الشياب
أخطأت الحركة الإسلامية في بيانها الأخير حول حادثة البحث الميث، وكنت أتمنى كما هم الكثيرون من أبناء الوطن أن لا تنزلق الحركة بهذه الحركة، وهذا البيان نحن نعرف حجم الحزن الهائل لدى أبناء الشعب الأردني تجاه ما يحدث هناك في أرض غزة العز والمجد وفلسطين الصمود والتصدي، ونعرف مقدار الشعور بالقهر تجاه ما تقوم به آلة الحقد الصهيوني في لبنان، ويعرف كل الناس مقدار الغطرسة والوحشية الصهيونية الإسرائيلية الحاقدة. ومن يقف معها ونعرف أن ما يصيب غزة وما أصابها يدمي القلب فالشعور الوطني والقومي والإسلامي والإنساني واضح، ولا مجال للمساومة حوله. لكن نحن هنا في هذا الوطن الصابر المرابط وضعنا حساس، وموقفنا دقيق، ولا بد أن نحسب، وأن نوازن بين كل الذي يجري، الكل يعرف أن الذين استشهدوا في حادثة البحر الميت أخيرًا هم أبناء وطن لهم الرحمة، وأبناء عقيدة، وتوجههم اسلامي وطني، لكن أن تتبنى الحركة موقفهم، فهذا يوقعنا في الوطن بدوامة فيها الكثير من الأسئلة، والكثير من الحسابات المفتوحة على كل الاحتمالات.
على عقلاء الحركة الإسلامية، وهم كثيرون أن يكونوا أكثر تعقلاً، وأكثر انضباطاً، فالوطن لا يحتمل، نحن معهم بكل عقولنا، وعواطفنا، عندما يعملون مع الوطن ويقولون هنا خلل، هنا فساد، هنا خطأ وندعمهم وندافع عنهما.
أما أن يتعرض أمن الوطن بسببهم، ومن خلال موقفهم، ولكلمات بعضهم، وتصرفات القليل منهم، فهذا مرفوض مرفوض، سنقف ضدهم سنقف في خندق الوطن الذي يدافع عن فلسطين وعن غزة، أكثر بكثير من كل الشعارات، ومن كل الهتافات، ومن كل الخطب هنا، وهناك هذا الوطن وعبر امتداد تاريخه الناصع البياض قدم ويقدم وما زال يقدم لفلسطين القضية أكبر بكثير من كل الذين يهتفون، وهذا ليس منه، بل هو واجب ديني وأخلاقي، وقومي وانساني تجاه الأخ والشقيق.
والحركة الإسلامية تعرف أكثر من غيرها أن هذا الوطن هو آخر معاقلهم، وآخر نقطة يمكن أن تحويهم فكل بقاع الدنيا ضاقت عليهم، وهناك تحالف دولي ضدهم، بقي هذا الوطن الداعم لهم والحاضن لهم، أتمنى أن لا ينزلق الراشدون في الحركة بكثير من البيانات، ونحن نعرف عبر امتداد تاريخهم الطويل منذ الأربعينات عندما احتضنهم الملك المؤسس، وقفوا في خندق الوطن، ومع قضايا الوطن، وهذه نقاط تحسب لهم، والدولة بكل مكوناتها كانت تكافئهم، أعتقد أن الأمر في الحركة الإسلامية اليوم فيه بعض التغير، والتبديل فالبعض من رموزها مع شديد الاحترام يحتاج إلى إعادة تأهيل في أبجديات علم السياسة، وقرأت الواقع بشكل دقيق وواقعي، نعم على العقلاء في الحركة، والراشدون منهم أن لا يحولوا البوصلة تجاه أجندات غير محسوسة ومحسوبة، وأن يعيدوا قرأت المشهد المحيط بكل عناية، وأن لا يتحمسون كثيرًا، فالكل محسومة والكل متعطش للدفاع عن فلسطين، لكن كذلك أن تكون القلعة الداخلية لوطننا الأردن قوية متماسكة عزيزة تكون عونًا وحصناً للأهل هناك حيث فلسطين.
ما حدث في البحر الميت، وقبله وبعده ولا أعتقد أن الأمر سيتوقف عند تلك الحادثة، فالدماء الأردنية ومنذ بداية تكوين الدولة منذ العبيدات وحتى الحازي وشباب البحر الميت دماء غالية، وأحداث تعطي الجميع أن الهدف واحد والهم مشترك، ولكن الحذر الحذر.
نتمنى على قوي الشد العكسي، وقوي التدخل السريع أن لا يدسوا السم في العسل، وأن لا يكون هناك أي تفسير، أو تهويل أو الصيد بالماء العكر وهذا نداء لكل القوى السياسية والحزبية,
ندعو الحركة الإسلامية في هذا الوطن أن تراعي مصلحة الوطن فوق كل مصلحة وفوق كل اعتبار وأن يكون جهدهم منصب في سبيل خدمة الوطن العزيز، ونتمنى عليهم وعلى كل القوى السياسية والحزبية والوطنية أن تتكاتف بكل جهودها من أجل العمل بروح الفريق الواحد وتعزز صلابة الجبهة الداخلية التي هي صمام الأمان ليس للأردن فحسب ولكن لفلسطين وأن تفوت على الجميع فرصة الدخول على مكونات الوطن، ونطلب من الحركة الإسلامية ممثلة بالعقلاء والراشدون منهم وهم أبناء وطن وكثيرون أن يتحلوا بروح المسؤولية فمستقبل الأردن أمانة في أعناق الجميع، والأمن والاستقرار مطلب الجميع والحذر الحذر من الانزلاق في مسارات قد تضر بمصلحة الوطن وأن تكون الحكمة والبصيرة هي نبراسكم في كل هتافاتكم وبياناتكم وندعو كل القوى السياسية كذلك أن يكون خطابهم عقلاني ينبع من حب الوطن وحب أبناء الوطن، ونعلمكم أن استقرار الأردن خط أحمر وقواتنا المسلحة خط أحمر فوق كل الخطوط ونحن كمواطنين سنقف في خندق الوطن، صد كل واحد أحزاب وجماعات وأفراد يحاول أن يمسه بسوء، بهتاف، أو بيان، أو حتى لكلمة وندعو الحكومة، وكل القوى، أن لا تقف عند أحداث البحر الميت، ولا بيانات الحركة، فالكثيرون يحاولون، أن يفسروا الأمور على هواهم فالحذر الحذر والهدواء الهدواء والاستقواء على الوطن مرفوض، مرفوض.
حمى الله الوطن من كل شر، وعاش الأردن حرًا عزيزاً منبعاً في وجه كل الذين يحاولون زعزعة أمنه واستقراره. ورحم الله كل شهداء الوطن عبر تاريخه الطويل