شريط الأخبار
وزير الإدارة المحلية يتفقد بلدية الموقر القضاة ووزير الصناعة العراقي يبحثان ملفات التعاون والفرص المتاحة ولي العهد السعودي وترامب يوقعان وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية رئيس الديوان الملكي يلتقي فعاليات شبابية وثقافية "الخارجية" تشارك باجتماع حول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية القوات المسلحة الأردنية : عودة 17 طفلا إلى قطاع غزة بعد تلقيهم العلاج في مستشفيات المملكة المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على واجهتها الحدودية الحنيطي يزور كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية وزير الزراعة يطلق حملة لترقيم الأغنام الفايز يلتقي عددا من سفراء الدول الصديقة لدى المملكة الرواشدة : لواء الشوبك يزخر بتاريخ عريق وإرث حضاري يمتد عبر العصور وزيرة النقل تبحث مع السفير التركي تعزيز التعاون مدير الأمن العام يرعى حفل تخريج دورة اعداد وتأهيل المستجدين المومني يستقبل وفدًا صحفيًُا ألمانيًا ويؤكد الحوار المنفتح مع الأصدقاء في العالم يشكّل ركيزة أساسية في رسالتنا الإعلامية الرئيس الأميركي يصل إلى السعودية الشملان : ممارسات غير نزيهة أرهقت قطاع المخابز وزير التربية يفتتح مدرستين جديدتين في قصبة اربد وزير التربية: حوسبة امتحانات الثانوية العامة تسهم في تحسين كفاءة العملية التعليمية الأردن يرفض ويدين قرار إسرائيل باستئناف ما يسمى تسوية الحقوق العقارية وتسجيل الأراضي تعرف على من يرافق ترامب في السعودية

بين الواقع والأرقام: هل حقًا يرضى الأردنيون عن أداء الحكومة بنسبة 74%؟))

بين الواقع والأرقام: هل حقًا يرضى الأردنيون عن أداء الحكومة بنسبة 74؟))
((بين الواقع والأرقام: هل حقًا يرضى الأردنيون عن أداء الحكومة بنسبة 74%؟))

القلعة نيوز:د:إبراهيم النقرش



في الوقت الذي يعاني فيه المواطن الأردني من ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة، أعلنت إحدى مراكز الاستطلاع أن نسبة رضا المواطنين عن أداء الحكومة تجاوزت 74% ((,, لم يصل99,,)). رقم كهذا، للوهلة الأولى، يبدو مبشرًا، بل استثنائيًا في السياق الإقليمي والدولي. غير أن هذا الإعلان أثار موجة من التساؤلات والدهشة، ليس فقط بين المراقبين، بل داخل الشارع الأردني نفسه، الذي يجد صعوبة في التوفيق بين هذا الرقم المرتفع وبين واقع يومي يزداد قسوة، تتخلله البطالة، وارتفاع المديونية، وتردي الخدمات، وشعور عام بالضيق الاقتصادي وفقدان الأمل.
بشكل عام عند تناول موضوع رضا الشعوب عن حكوماتها، لا يجوز الاكتفاء بإطلاق أرقام مجردة، بل لا بد من التحقق من مدى اتساقها مع المنهجيات العلمية المعتمدة عالميًا في إجراء استطلاعات الرأي. فالمعيار الأول لقياس رضا المواطنين هو استقلالية الجهة التي تنفذ الاستطلاع، ومصداقية منهجيتها. يجب أن تكون العينة ممثلة لمختلف الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية، وأن يتم اختيار المشاركين عشوائيًا دون توجيه، مع ضمان بيئة تتيح التعبير الحر عن الرأي دون تخوف. كما يجب أن تكون الأسئلة محايدة وغير موجهة، وأن تُجرى الاستطلاعات في ظروف لا توظف سياسيًا أو إعلاميًا. من دون هذه الشروط، تصبح نتائج الاستطلاع أداة لتجميل الصورة، لا قياس الحقيقة.
وإذا ما انتقلنا من الإطار النظري"(( تسفيط الكلام))" إلى الواقع الأردني المعاش، تظهر الفجوة بين ما يعلنه الإستطلاع وما يعيشه المواطن. فحسب الأرقام الرسمية وغير الرسمية، تشهد البلاد ارتفاعًا مقلقًا في معدلات الفقر والبطالة، ولا سيما بين الشباب. الدين العام بلغ مستويات قياسية، والقدرة الشرائية تتآكل أمام موجات الغلاء ورفع الدعم. في المقابل، يعاني المواطن من تراجع في جودة الخدمات الأساسية، من التعليم إلى الصحة إلى النقل، فيما تتراكم شكاوى يومية تتعلق بالبيروقراطية والفساد الإداري وانعدام العدالة في الفرص. فكيف يستقيم إذن أن تصل نسبة الرضا العام إلى هذا الحد المرتفع؟ هل يعقل أن يكون ثلاثة أرباع الشعب الاردني راضين عن هذا الواقع المتأزم؟
وإذا قارنا الوضع الأردني بدول متقدمة اقتصاديًا واجتماعيًا، تتكشف مفارقة إضافية. في دول مثل السويد وألمانيا والولايات المتحدة ..... ، حيث يتوفر للمواطن مستوى عالٍ من الرفاه المعيشي والحقوق والحريات "والبحبحات" التي ((" ما ان مفاتحه لتنؤ بالعصبة أولي القوه"))، نادرًا ما تتجاوز نسب الرضا الشعبي عن الأداء الحكومي 60%. ورغم توفر الشفافية والحكم الرشيد والمساءلة، لا تتورع ولا تتوانى شعوب هذه الدول عن التعبير عن استيائها، وهو ما يظهر في نتائج الاستطلاعات التي تعكس آراء حرة وواعية. جوهر الأمر أن المواطن هناك لا يخشى قول الحقيقة، ولا يُستدرج لتأييد وهمي تحت الضغط أو بدافع الولاء، بل يقيم أداء الحكومة بميزان المصالح العامه للدوله ومواطنيها لا الشعارات.
من هنا، تبدو نسبة الرضا البالغة 74% غير منسجمة مع المؤشرات الميدانية للواقع المعاش، بل وتطرح علامات استفهام حول طبيعة الخطاب الإعلامي والمؤسسي الذي يسعى إلى تضخيم الإنجازات وتجميل الأداء. ((سحسلة الأرقام))، أو دغدغتها لإضحاكها، لا يخدم إلا تعزيز فجوة الثقة بين الدولة ومواطنيها. بل إنه قد يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يفقد المواطن إيمانه بجدوى المشاركة في الحياة العامة، ويغدو ساخرًا أو لا مباليًا، ما يضعف روح المواطنة والمساءلة.
لا أحد ينكر صعوبة المرحلة وتعقيد التحديات التي تواجهها البلاد. لكن الحل لا يكون بطلاء الواقع بأرقام براقة، بل بالصدق والمكاشفة. المطلوب ليس إعلان نسب رضا مرتفعة، بل تمكين المواطن من قول رأيه بحرية، والاستماع لصوته بإنصاف, وعدم الاستخفاف بعقله وفكره. المطلوب هو استطلاعات مستقلة، تُدار بشفافية وصدق، وتعرض نتائجها بكل أمانة، لتكون مرآة حقيقية للواقع ، لا مجرد وسيلة إعلامية لتهدئة الشارع أو كسب الثقة الزائفة.
إن المواطن الأردني، في نهاية المطاف، لا يبحث عن وهم ولا يطلب المستحيل , ويعلم أنه "متمدد في قعر الزجاجه" ولا زال يأمل بالخروج منها, ويوقن بأنى القادم ليس أجمل ,, مقولات لازالت تطاردنا,,. بل يريد أن يرى سياسات تلامس معاناته، وأن يشعر أن حكومته ترى ما يراه، وتعيش ما يعيشه. حينها فقط، ستكون نسب الرضا مهما بلغت، صادقة وجديرة بالاحترام.