
القلعة نيوز -
في مدرستنا القديمة، كان هناك طالب ضخم الجثة، مهيب بلا مبرر، بعقلٍ لا يستوعب حتى جدول الضرب، لكنه كان يملك موهبة خارقة:
يأخذ الخاوة… بالفلافل.
كل يوم، لا بد أن يأكل من ساندويشك، ليس لأنه جائع، بل لأنه مقتنع تمامًا أن "هاظ حقه الطبيعي”.
كنا نقاوم أحيانًا، نحاول نتهرب، نناور، لكن نظرة واحدة من عيونه تكفي تجعل الساندويش يطير من إيدك لحاله.
المُضحك في الأمر؟ إنه ما كان يضرب ولا يهدد،
بس عنده قدرة غريبة على الإقناع…
إقناعك إنك مدين له، رغم إنك مش فاهم ليش أصلاً!
مرت السنوات، وكل واحد فينا شق طريقه ونسينا "أبو الفلافل”.
لكن قبل كم شهر، ظهر في الأخبار "رجل كبير”، بشَعر غريب، ووجه مش غريب علينا، جالس يتلقى الهدايا من كل حدب وصوب:
طائرات خاصة، صفقات بمليارات، شيكات ضخمة، ومؤتمرات كلها تصفيق وتطبيل.
الناس صارت تطلع عليه بإعجاب،
في اللي بيقول عنه "قائد فذ”،
وفي اللي بيضحك ضحكة خفيفة ويهمس: "والله لساتو هو… ما تغيّر.”
هو نفسه "أبو الفلافل”،
بس اليوم بيحكيها بصوت عالمي:
"وين الهدية؟ وين الصفقة؟ وين الطيارة؟”
من ساندويش فلافل بسيط… إلى خزائن لا يُعرف ما بداخلها،
والتصفيق ما زال مستمرًا… بحرارة.
والمُحزن؟
إنّا إحنا، طلاب الأمس، ما زلنا كما كُنّا: متفرّقين، خائفين، نهابه من بعيد،
وإذا اجتمعنا، لا نخطط لمواجهته، بل نقعد نتحاور ونتجادل:
"كيف نرضيه؟ كيف نخفف من زعله؟ شو ممكن نقدّم له حتى يرضى عنا؟”
كلّ واحد فينا صار عنده شهادات وخبرات ومناصب،
بس لما نسمع صوته…
ترتجف الفلافل في أيدينا،
ونمدّها له من جديد، وكأن شيئًا لم يتغيّر.