
القلعة نيوز: المحامي معن عبداللطيف العواملة
عندما وصل
المغفور له، بأذن الله، الملك
المؤسس (الامير انذاك) الى عمان في 2 اذار من عام 1921 قادما من معان وقف خطيبا في
جموع المستقبلين في المحطة فقال: "اعلموا ان ما جاء بي الا حميتي و ما تحمله
والدي من العبء الثقيل، فانا ادرك ان الواجب علي، و لو كان لي سبعون نفسا لبذلتها
في سبيل الامة، و ما عددت نفسي فعلت شيئا، كونوا على ثقة باننا نبذل النفوس و
الاموال في سبيل الوطن". و قد كان ان وهب حياته، رحمه الله، فداء للوطن في
المسجد الاقصى و القدس الشريف.
الحمض النووي DNA ، و هو الشيفرة الوارثية الفريدة لكل انسان، تمثل عصارة تاريخ و
تجارب و خبرات تشكل شخصية الفرد. و كذلك يمكننا ان نستخدم هذه الرمزية لمعرفة
"شخصية" الوطن و عناوين تفرده. من اهم مدخلات الحمض النووي الاردني هو
القيم الي تزرعها القيادة، و الاقتباس السابق من خطاب المغفور له، باذن الله،
الملك المؤسس يمثل حجر زاوية لفهم الشخصية الاردنية من حيث نظرتها للوطن و مسؤولية
ارثه الحضاري، و علاقته بامته، و امتداده الثقافي و التاريخي.
قبل
ان يكون الاردن ارضا و جغرافيا، هو منظومة قيم، و تاريخ شعب، و قيادة، و ثقافة.
الاردن بلد رسالة مؤهلة ان تقود في منطقتها. التاريخ الحديث اكبر شاهد على صحة و
استدامة و ميزة هذا النموذج. الضمير الجمعي للشعب الاردني مجبول على الحق، و العدل،
و التنوع، و التسامح، والانفتاح بصدق و نقاء على الاخر. الفرد الاردني كان و لا
يزال نبراسه حب الخير لجميع الناس و للانسانية كافة، مع التركيز على البناء و
العمل الايجابي، و على مبادىْ المساواة في المواطنه في ظل قاعدة لكل مجتهد نصيب،
مع احترام كامل للتنوع العرقي و الثقافي و الديني. حب الخير للجميع و الايمان باولوية
السلام لكل الشعوب هما خصلتان لم يجتمعا في اقليمنا كما اجتمعا في الاردن و
الوقائع شاهده.
اول
صحفية صدرت في الاردن الحديث حملت اسم "الحق يعلو"، فعقيدة الاردن منذ
تكوينه مبنية على قوة الحق لا حق القوة. تعرض الاردن و قيادته و شعبه على مر
العقود لمحن و مصاعب جمة هدد بعضها سيادته و وحدة ترابه و سلامة مواطنيه. و لكنه
كان دائما بوعي شعبه و يقظة مؤسساته و مناعته الذاتية، اقوى من المحن و المصاعب.
هذا
الوجدان الاردني الواحد الذي توارثناه عن اجدادنا، و تعززه العائلة الهاشمية الشريفه،
و يتبناه الشعب بكل اطيافه، هو ما يجمعنا في السراء و الضراء، انه الDNA الوطني الذي
يواصل زخم العطاء، و هو الثروة الاردنية الحقيقية.