
القلعة نيوز- يشهد الأردن والعالم، مساء الأربعاء المقبل، ظاهرة فلكية نادرة مع اكتمال بدر شهر حزيران عند الساعة 10:45 صباحًا بتوقيت الأردن، رغم كونه تحت الأفق حينها.
وأوضح رئيس الجمعية الفلكية الأردنية،الدكتور عمار السكجي، اليوم الأحد، أن شروق القمر في العاصمة عمان سيكون مساء اليوم نفسه عند الساعة 8:14 مساءً، بزاوية سمتية تبلغ 114 درجة نحو الأفق الجنوبي الشرقي.
وبيّن، أن ما يميّز هذا البدر ليس فقط اكتماله، بل موقع شروقه المنخفض وغير المعتاد في السماء، وهو ما يشكّل ظاهرة فلكية نادرة لا تتكرر إلا مرة كل 18.6 سنة، تُعرف في الفيزياء الفلكية باسم "الانقلاب القمري الرئيسي" (Lunistice).
وأضاف السكجي، أن هذه الظاهرة تنتج عن تفاعل معقّد بين جاذبية الأرض والشمس والقمر، إلى جانب ميل مدار القمر بنحو 5 درجات عن مدار الأرض، وميل محور دوران الأرض نفسه، ما يؤدي إلى تغيّر موقع القمر في السماء تدريجيًا على مدى سنوات، ليصل في هذه الدورة إلى أقصى انحراف شمالًا وجنوبًا بمقدار 28.5 درجة عن خط الاستواء السماوي.
وأشار إلى أنه خلال هذه المرحلة، يمكن للقمر أن يشرق أو يغرب من نقاط بعيدة جدًا نحو الشمال أو الجنوب، وهي أماكن لا يصلها إلا في هذه الدورة النادرة. ويُعد عام 2025 ذروة هذه الدورة، التي لم تحدث منذ عام 2006، ولن تعود إلا بعد نحو عقدين.
ولفت السكجي إلى أن هذه الظاهرة تأتي قبل عشرة أيام فقط من الانقلاب الصيفي، حيث يُعرف البدر في بعض الثقافات باسم "قمر الفراولة"، وهو اسم لا علاقة له بلونه، بل لموسم حصاد الفراولة في بعض المناطق.
وتابع: "سيظهر البدر في تلك الليلة بمنطقة منخفضة جدًا في السماء جهة الجنوب، بعلو أقل بنحو خمس درجات من أدنى نقطة تصل إليها الشمس في فصل الشتاء، وهو أمر نادر للغاية".
ونوّه إلى أن موقع الأردن الجغرافي، ضمن متوسط خطوط العرض، يجعله مثاليًا لرصد هذه الظاهرة، فسواء من أسطح المنازل في عمان، أو من البتراء، أو صحارى وادي رم، سيكون بالإمكان مشاهدة القمر وهو يشرق منخفضًا على الأفق الجنوبي، وكأنه يلامس التلال والجبال.
كما بيّن، أن مرور ضوء القمر عبر طبقات كثيفة من الغلاف الجوي أثناء الشروق المنخفض يتسبب في تشتت الضوء، ما يجعل القمر يبدو بألوان دافئة تتدرج بين البرتقالي والأحمر، ويضفي مشهدًا بصريًا ساحرًا يستهوي المصورين وهواة السماء.
وأوضح، أن الحضارات القديمة أولت اهتمامًا كبيرًا لمواقع القمر القصوى، فبُنيت معالم، مثل أحجار كالانيش في اسكتلندا ووادي شاكو في أميركا وفق محاذاة دقيقة مع هذه الظواهر، وفي منطقتنا، شكّلت دورات القمر ركيزة لتحديد مواسم الزراعة والتقاويم، وربما أثرت في مواقع بعض الآثار ذات التوجه الفلكي.
وفي هذا السياق، أعلن السكجي أن الجمعية الفلكية الأردنية ستنظم فعاليات مفتوحة لهواة التصوير الفلكي لالتقاط صور توثيقية للبدر من مواقع أثرية وسياحية، في إطار جهودها لتعزيز السياحة الفلكية وربط السماء بالتراث.
ودعا المصورين للتخطيط المسبق لرصد القمر قرب الأفق لتحقيق أقصى تأثير بصري، مؤكدًا أن الظاهرة تمثّل أيضًا فرصة تعليمية مميزة للمدارس والجامعات.
وأردف، أن المشهد سيكون مغايرًا تمامًا في نصف الكرة الجنوبي، إذ سيشاهد البدر مرتفعًا في السماء الجنوبية ليضيء ليالي الشتاء في دول، مثل جنوب إفريقيا وتشيلي ونيوزيلندا، بينما سيغيب القمر تمامًا في مناطق مثل آيسلندا وألاسكا لوجوده تحت الأفق.
كما كشف، أن الانقلاب القمري هذا العام سيجعل مسار القمر أعرض من المعتاد، مما يجعله يعبر في كوكبات سماوية بعيدة عن دائرة البروج التقليدية، وسيظهر القمر في هذا اليوم ضمن كوكبتي الحواء والقوس، إضافة إلى مروره بـ18 كوكبة وبرجًا تشمل الأبراج الـ13 المعروفة، إلى جانب كوكبات السدس، الجبار، ممسك الأعنة، الباطية، والغراب.
وختم بالإشارة إلى أن العديد من المراصد العالمية، مثل مرصد غريفيث في لوس أنجلوس، تستعد لتنظيم فعاليات خاصة بهذه الليلة النادرة، لما تحمله من طابع علمي وثقافي وفني.
--(بترا)