
القلعة نيوز- خرجت الطفلة سوار عاشور ذات السبعة شهور من رماد الحرب، زهرة يحملها حضن واحد وتنتظرها خلف الحدود قلوب كثيرة تملؤها الرحمة.
"سوار" التي تعاني من سوء في التغذية حتى أصبحت بحجم كف اليد، ولم تر من الدنيا سوى دخانها، ولم تكن تعرف ما معنى الوطن، لكنها عرفت أن الأيادي الدافئة التي استقبلتها من الأردن الوطن الكبير الذي لا يُقاس باتساع أرضه بل بسعة قلوب قيادته وشعبه، وطن يحمل على راحة كفيه أملا سلبته نيران الحرب من أحلام أطفال لم يروا ولم يعرفوا ماهي الحياة.
فعلى جسر الملك الحسين، تجددت أيام العيد لدى أطفال قطاع غزة القادمين للعلاج رغم انتهاء أيامه الأربعة باستمرار الممر الإنساني لاستقبال المصابين المشمولين بمكرمة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي أوعز بمساعدتهم للنجاة والشفاء منذ لحظة وصولهم الى أرض الأردن، بممر شهد استقبال الدفعة الرابعة من أطفال القطاع برفقة ذويهم الذين اكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، أن العيد في غزة هذا العام كان بلا ملامح وبلا ضحكة وبهجة لكنه ولد من جديد في عيون أبنائهم لحظة دخولهم أرض الأردن الذي لم يخذلهم يوما وشكل ملاذا آمنا وسندا لأبناء فلسطين ولم يتراجع يوما عن موقفه الداعم لأشقائه وعن تقديم يد العون والمساعدة لهم.
من جهته، قال رامي الكيلاني المصاحب لابنته "الين" ذات السبع سنوات المصابة بكتلة سرطانية، إن ابنته تعيش في معاناة مستمرة مع المرض وعدم توفر العلاج في غزة زاد من المها ومعاناتها ولم يعد جسمها يتحمل الآلم واصبحنا نعاني جميعا معها لعدم مقدرتنا على عمل اي شيء للتخفيف عليها إلا الدعاء لها بالرحمة والشفاء.
وأكد أن شمول ابنته بالممر الطبي الإنساني للعلاج بمستشفى الحسين للسرطان بمكرمة ملكية أعاد لهم الأمل بتجاوز محنة "الين"، لافتا الى ان تعامل الأشقاء الأردنيين طول فترة الإجلاء من غزة كانت بمهارة ومهنية عالية.
أما ضحى الهسة التي رافقت طفلها عمر ابن السنتين والنصف ويعاني من مرض السرطان ويحتاج الى جلسات علاج كيميائي، شكرت جميع الكوادر الطبية والقوات المسلحة الأردنية على جهودهم التي يبذلوها من أجل تقديم الرعاية الطبية والإنسانية لأبناء غزة، مؤكدة أن سمعة القطاع الصحي في الأردن أعطاها الأمل الكبير بشفاء ابنها، متمنية عودة البسمة لهم رغم الالم في ظل ممارسات الاحتلال وعدوانه المستمر على غزة.
بدورها، قالت ربى علي الغولة بنبرة حزن وهي تحمل ابناءها الثلاثة يوسف ووائل وأحمد، كل له حالته ومتوجهين الى مركز الحسين بعد ان تم تشخيصهم بالاصابة داخل الأراضي المحتلة ولكن مع عدم توفر الإمكانيات تم تنسيبهم ضمن المكرمة الملكية من خلال الممر الطبي الانساني الذي اصبح ملاذا لهم بالعبور الى الشفاء، مشيدة بالتعامل الإنساني للقوات المسلحة والكوادر الطبية مع الاطفال منذ انطلاقهم من الأراضي الفلسطينية حتى وصولهم الى ارض الأردن.
وبالرغم من المعاناة والحزن الذي تحمله أم "محمد خالد" وعمره سبع أعوام، الذي فقد عينه اليمنى وأصيبت عينه الاخرى بضمور نتيجة إصابته بجسم مشبوه من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، عبرت عن فرحتها التي لاتوصف عند تبلغها بخبر سفر ابنها الى الأردن لعلاجه، مشيرة الى انها منذ تبليغها وهي ترفع اكفها بالدعاء للأردن قيادة وشعبا والكوادر الطبية في أن يمدهم الله بالقوة ليبقوا سندا لأطفال فلسطين وأهلها في معاناتهم المستمرة.
وأكدت أنها منذ اللحظة الاولى لدخولها الاراضي الاردنية، شعرت بالطمأنينة والراحة وثقتها بالله ثم بالقطاع الطبي الأردني وسمعته المشهود لها بعلاج مافقده ابنها من نعمة البصر.
وهذا حال ليلاس ابو مطير الذي لايختلف عمن سبقها، حيث أكد والدها احمد ابو مطير، أن الاوضاع الطبية في القطاع صعبة ونعاني من نقص كبير في الأدوية والمعدات الطبية التي حالت دون تقديم العلاج لابنته ليلاس التي تعاني من سرطان في الغدة وشخصت حالتها انها صعبة جدا ومن المستحيل علاجها في فلسطين، مبينا أن شمولها بالممر الطبي الإنساني اعاد لهم الأمل بعلاجها بمركز الحسين بسمعته المتطورة.
وعبرت ام سيف لافي عن فرحتها بدخول الأردن لعلاج ابنها سيف ابن العشر سنوات الذي يعاني من سرطان الدم بعد معرفتهم بمرض ابنها بعد اجراء فحص للدم، حيث أكدت أن اجراءات ابنها كانت سريعة للقدوم الى الأردن للعلاج وهذا من مكارم الأردن في التسهيل على ابنائه من اطفال غزة.
وفور وصول الدفعة الرابعة من مرضى غزة الى محطة مدينة الحجاج على جسر الملك حسين، بادرت كوادر ومرتبات الجسر من الأمن العام والقوات المسلحة الاردنية بتوزيع الحلويات والعصائر والتحدث مع الاطفال وتهنئتهم بسلامة الوصول في لفتة لاقت استحسان ذويهم.
وكانت القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، نفذت امس الأربعاء، عملية إجلاء طبي شملت 16 طفلا من قطاع غزة للعلاج في المستشفيات الأردنية برفقة 48 مرافقاً من ذويهم، ضمن دفعة جديدة من مبادرة "الممر الطبي الأردني.
وتم استقبال المرضى ومرافقيهم بالتنسيق مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وفقا لأعلى درجات الرعاية الطبية.
يذكر ان عدد الأطفال المرضى الذين تم إجلاؤهم إلى الأردن منذ انطلاق المبادرة 57 طفلًا إلى جانب 113 من ذويهم نقلوا براً وجواً لتلقي العلاج من خلال خطة الإجلاء الطبي التي يقودها الأردن لدعم الأشقاء في قطاع غزة التي انطلقت مطلع شهر آذار الماضي بتوجيهات ملكية سامية.
-- (بترا)