شريط الأخبار
الصفدي: الملك أعاد توجيه العمل العربي المشترك لمعادلة الردع نتنياهو: هجوم الدوحة عملية إسرائيلية "مستقلة تماماً" الملك يعود إلى أرض الوطن حمل الوطن على أكتافه فحملوه على أكتافهم ... استقبال مُهيب لمحبوب البادية الشمالية "العميد الركن عواد صياح الشرفات" ( شاهد بالصور والفيديو ) متحدثون : دعم أردني ثابت ومطلق لقطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي حزبيون وأكاديميون: خطاب الملك دعوة لموقف موحد وتحرك عملي الملك يلتقي في الدوحة ولي العهد السعودي الملك يعقد لقاءات في الدوحة مع قادة دول شقيقة نواب: خطاب الملك بـقمة الدوحة يمثل موقفا أردنيا ثابتا تجاه قضايا الأُمة الملك وأمير دولة قطر والرئيس المصري يجرون اتصالا مرئيا مع قادة فرنسا وبريطانيا وكندا البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية الطارئة المنعقدة في الدوحة جدول وتوقيت مباريات الجولة الأولى من مرحلة الدوري بدوري أبطال أوروبا ماسك يستثمر مليار دولار إضافية في "تسلا" وزير الدفاع الإيراني يتحدث عن "مؤامرة ضد العالم" تصريح صلاح بعد مباراة ليفربول وبيرنلي يثير تفاعلا واسعا انخفاض بورصة تل أبيب بعد تصريحات نتنياهو بريطانيا.. اتهامات برلمانية لماسك بالتحريض على العنف خلال احتجاجات لندن دوبلانتس يحقق المستحيل.. أول إنسان في التاريخ يكسر حاجز 6.30 مترا في القفز بالزانة الرواشدة يفتتح يومًا ثقافيًا في مدرسة النقيرة الثانوية للبنات الشرع : "ما اجتمعت أمة ولمّت شملها إلا وتعاظمت قوتها

المحامي الجبالي يكتب : "إلغاء حبس المدين… تقنين للتهرّب وتهديد لعمود العدالة "

المحامي الجبالي يكتب : إلغاء حبس المدين… تقنين للتهرّب وتهديد لعمود العدالة
القلعة نيوز:


بقلم: المحامي نور الدين الجبالي

في خطوة وُصفت من البعض بأنها "انتصار لحقوق الإنسان”، أقدمت الدولة الأردنية على تعديل قانون التنفيذ، بحيث تم تقليص صلاحيات حبس المدين إلى الحد الأدنى، بل وجرى إلغاء الحبس في الكثير من الحالات. ورغم النوايا الطيبة التي حملها هذا التعديل، إلا أن آثاره المجتمعية والاقتصادية بدأت تلوح في الأفق، مثيرةً مخاوف جدية حول مستقبل التعاملات المالية، والثقة في المنظومة القضائية، واستقرار السوق.

مجتمع بلا رادع… ماذا يحدث حين يفقد الدائنون ثقتهم بالقانون؟

الحبس في قضايا الدين لم يكن عقوبة بقدر ما كان أداة ضغط لضمان السداد. ومع غيابه، بدأ كثير من المواطنين يفكرون مرتين قبل تقديم قرض أو دين، حتى لو كان لأقرب الناس. الدائن بات يشعر بالعجز، والمدين بات مطمئنًا إلى أن القانون لن يمسه بسوء مهما تلكأ أو تهرب.

وهنا تبرز المخاوف من تحوّل المجتمع إلى بيئة تسودها شريعة الغاب، حيث يبدأ الناس بانتزاع حقوقهم بأيديهم، بعدما فقدوا الثقة بأن الدولة قادرة على حمايتهم أو إجبار المدين على الوفاء بالتزاماته. لا غرابة إذًا أن نسمع قصصًا عن مشاجرات، تهديدات، وحتى عنف جسدي بين دائن ومدين، في ظل غياب الحلول القانونية الفعالة.

الاستثمار يتراجع… لأن الثقة مفقودة

ما لا يدركه البعض أن الاستثمار – سواء كان داخليًا أو خارجيًا – يقوم أولًا على الثقة في القانون. حين يشعر المستثمر أن القانون لا يحمي حقه إذا أُخِلَّ بالعقد، فإنه يرحل إلى بيئة أكثر أمانًا، حتى لو كانت أقل ربحًا. من يضمن للمستثمر اليوم أن شريكه المحلي لن يماطل أو يتهرب من دفع مستحقاته ثم يلوذ بحماية "عدم الحبس”؟

بكل بساطة، حين يغيب الرادع، تتراجع الثقة، ومعها تتقلص دائرة التمويل، ويتقلص معها الاقتصاد. وقد بدأت بعض مؤسسات الإقراض الصغيرة في الأردن فعلاً بتقليص عملياتها أو تشديد شروطها إلى حد قد يجعلها غير عملية.

التجارة بالأجل تموت… والنقد يعود قسرًا

منظومة التجارة بالأجل، التي تعتبر أساسًا للحركة الاقتصادية في المجتمعات، تتلقى ضربة قاسية من هذا التعديل. فمن سيبيع بالأجل أو يُموّل مشروعًا، وهو يعلم أن القانون لا يمنحه ضمانًا قويًا باسترداد أمواله؟

المجتمع بدأ يعود قسرًا إلى نظام الدفع النقدي المسبق، وهو نظام يعطل حركة المال ويمنع النمو، ويجعل الوصول إلى التمويل مقتصرًا على نخبة محدودة، ويقضي على روح الريادة والمبادرة.

من يحمي القانون إذا تراجعت هيبته؟

القانون بلا تنفيذ مجرد حبر على ورق. وعندما يشعر المواطن أن سلوكًا مثل المماطلة في السداد لا يعقبه أي تبعة قانونية حقيقية، فإنه يستخف بالمنظومة القضائية برمّتها. إن أخطر ما يواجهه المجتمع ليس المدين الهارب، بل شعور الناس بأن القانون لا يكترث للحق، وأن العدالة باتت انتقائية أو ضعيفة.

وهنا يبدأ الناس في البحث عن بدائل قد تكون عشائرية، أو فردية، أو حتى خارج القانون، مما يقوض هيبة الدولة ويزرع بذور الانقسام والفوضى .

الحل ليس في التساهل… بل في بدائل تحفظ الحق وتردع التهرب

القول بإلغاء الحبس نهائيًا دون بدائل عملية ليس إصلاحًا، بل تهديد لاستقرار المنظومة المالية والاجتماعية. وإذا كانت الدولة تسعى لتكون أكثر إنسانية وعدالة، فإن عليها أن تقدم حلولًا واقعية تحمي حقوق الدائن وتحفظ كرامة المدين. ومن أبرز هذه البدائل:

1. حجز الأرصدة والممتلكات فورًا وبشكل مباشر

ينبغي تسريع وتسهيل إجراءات الحجز على الحسابات البنكية والعقارات والمركبات بمجرد ثبوت المديونية، دون الحاجة لمراحل قضائية طويلة. فالأموال موجودة، لكن البيروقراطية تجعل تحصيلها مستحيلًا.

2. نظام تصنيف ائتماني وطني

كما هو معمول به في دول متقدمة، يجب إنشاء سجل ائتماني واضح، يتم من خلاله تصنيف الأشخاص وفق التزامهم المالي. كل مدين متهرب يُسجل، وكل دائن يستطيع الاستعلام قبل التعاقد. هذه الشفافية تخلق بيئة أكثر أمانًا واستقرارًا.

3. المنع من السفر ووقف التراخيص

بدل الحبس، يمكن تقييد المدين بإجراءات إدارية فعالة مثل منع السفر، أو تعليق رخصة القيادة، أو حتى تجميد أي معاملات حكومية حتى يتم تسوية الدين. هذه الإجراءات تضغط دون أن تسلب الحرية.

4. جدولة الدين بإشراف قضائي صارم

يمكن السماح للمدين بدفع الدين على أقساط، ولكن تحت رقابة المحكمة، وبعقوبات تصاعدية في حال عدم الالتزام. هذه الآلية تحفّز السداد وتمنع المماطلة.

5. إنشاء صندوق ضمان ديون

تشارك فيه الدولة والبنوك ومؤسسات التمويل، بحيث يُعوّض الدائن مؤقتًا عن الدين المتعثر، ويجري لاحقًا ملاحقة المدين من قبل جهة ضامنة محترفة تملك أدوات فعالة.

بكلمة أخيرة، الإصلاح لا يكون على حساب الطرف الأضعف – وهو الدائن الصغير غالبًا – ولا على حساب الثقة بالنظام. لا أحد يطالب بسجن الفقراء أو المساكين، ولكن في المقابل، لا يمكن للمجتمع أن ينهض إذا شعر الناس أن العقود لم تعد مُلزِمة، وأن القانون لا يكترث إن أُكلت أموالهم.

‏عاشت الأردن شامخة في ظل حضرة صاحب الجلاله الملك عبدالله الثاني المعظم .