
*الرواشدة: الأردن يمثل أنموذج للتنوع الثقافي واللغوي ربط الملف الثقافي بملف التحديث الاقتصادي والتنمية المستدامة
القلعة نيوز- برشلونة- اسبانيا
قال وزير الثقافة مصطفى الرواشدة: إن الأردن يمثل أنموذجا للتنوع الثقافي واللغوي بسبب عمقه التاريخي وتعدد الحضارات التي مرت على أرضه، وكذلك استيعابه للكثير من الهجرات التي وفدت إليه باختلاف لغاتها وألسنتها، وكان الحكم الهاشمي بتسامحه قد شكل حاضنة لاستيعاب هذا التنوع الذي عمل على تقوية النسيج الاجتماعي.
وأضاف الرواشدة خلال مشاركته في المؤتمر العالمي لليونسكو الذي يقام في برشلونة بإسبانيا حول "الحقوق الثقافية واقتصاديات الثقافة" أن ضمانة الحقوق الثقافية تتأتى من خلال تطوير التشريعات التي تتصل بالحقوق الثقافية وتحديثها، ووضع الخطط الاستراتيجية الثقافية التي تهدف إلى توطيد الهوية الوطنية ومشتركاتها الإنسانية، ونشر الثقافة وفعالياتها في جميع المناطق والفئات الاجتماعية.
*ربط الصناعات الثقافية بالتنمية الاقتصادية
بين الرواشدة أن الحقوق الثقافية تجيء أيضا من خلال بناء إطار مؤسسي قوي ومستدام لإدارة العمل الثقافي، والذي يقوم على بناء شراكات استراتيجية مع جهات رسمية ومؤسسات من القطاع الخاص والمجتمع المدني، وربط الصناعات التراثية الإبداعية بالتنمية الاقتصادية.
وأكد الرواشدة أن الحقوق الثقافية تعد من أهم وأبرز الحقوق الإنسانية، لارتباطها بالحرية وهوية الإنسان، وعلاقتها بالتنمية الشاملة وكرامة الإنسان واحترام التنوع الثقافي، وصون حقوق الأفراد والجماعات.
وأشار الرواشدة إلى أن الترجمة الحقيقة جاءت من خلال عدد من المشاريع التي تعزز المشاركة المجتمعية في الثقافة التي تختارها، التعبير عنها، وتطويرها، انطلاقًا من أن الثقافة هي انعكاس للوعي والسلوك بين المجموعات المختلفة.
وقال الرواشدة إن تعزيز الحقوق الثقافية لا يقتصر على الارتقاء بالوعي في البعد المعرفي والسلوكي والوجداني، وإنما في ربط الثقافة بالإنتاج الإبداعي والابتكار، واعتبار الثقافة ملفًا اجتماعيًا، وأن الثقافة هي المحرك الخفي لقطاعات الإنتاج.
*تعزيز دور الثقافة في السلوك الاقتصادي
شدد الرواشدة أن أهمية الثقافة والفنون تكمن في تغيير المزاج العام للمجتمعات، وهي ـ الثقافة ـتقود التغيير والإصلاح، وبالنسبة للأردن، فقد تم ربط الملف الثقافي بملف التحديث الاقتصادي، والذي من شأنه تعزيز دور الثقافة في السلوك الاقتصادي وتوليد فرص جديدة.
وبين الرواشدة أن الأردن من خلال رؤى قيادته كان دائما وما يزال داعية للوئام والتعايش في المجتمع الإنساني بالعمل على المقتربات الإنسانية، ومن هنا جاءت رسالة عمان التي أطلقها الملك عبد الله الثاني ابن الحسين من الأردن عام 2004، داعيا إلى التسامح والوحدة في العالم الإسلامي.
كما بين أنها تجلت كذلك في "أسبوع الوئام العالمي بين الأديان"، والتي أطلقتها الأمم المتحدة لتعزز التفاهم المتبادل والانسجام بين أتباع مختلف الأديان، وقد اقترحها الملك عبد الله الثاني من الأردن عام 2010. يشمل هذا المفهوم أيضاً مؤتمرات محلية مثل المؤتمر الدولي حول الوئام بين أتباع الديانات الذي نظمته الإيسيسكو، ومؤتمرات أقيمت في الأردن مثل مؤتمر "الرعاية الهاشمية للمقدسات الدينية".
وبحسب الوزير فقد حضرت الحقوق الثقافية من خلال تنظيم مهرجان التنوع الثقافي في المدينة الأثرية "جدارا .. أم قيس"، الذي يأتي ضمن احتفالات العالم باليوم العالمي للتنوع الثقافي الذي يصادف 16/5 من كل عام، ويهدف هذا المهرجان إلى الحفاظ على النسيج الاجتماعي الاردني وتعزيز الترابط بين سائر أفراد المجتمع الأردني وإبراز نسيج الحضارة الأردنية وجماليات التنوع الثقافي في الأردن والتعريف بالهوية الثقافية المتميزة لدى الأردن ودعم القدرات الإنتاجية للحرف التقليدية والأشغال اليدوية، والنهوض بالمستوى الاقتصادي لأصحاب الحرف لأبناء المنطقة ومساعدتهم في تسويق منتوجاتهم، كما يساهم في دعم حركة السياحة الأردنية.
*استثمار طاقات المبدعين في الأدب والفنون
وعن أهمية الصناعات الثقافية الإبداعية/ الإنتاجية أشار الرواشدة إلى تجسدها في انسجامها مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي، مبينا أن الأردن يسعى إلى تنويع مصادر دخله، والانفتاح على الاقتصاد المعرفي، واستثمار طاقات المبدعين في الأدب والفنون والسينما والموسيقى والحرف التقليدية.
وأكد الرواشدة أن الصناعات الثقافية والإبداعية تمثل جسراً بين الهوية الوطنية والتنمية المستدامة، فهي ليست مجرد إنتاج فني أو تراثي، بل قطاع اقتصادي متكامل الوطني.
وأشار الرواشدة إلى أن الأردن لتعزيز الحقوق الثقافية عبر استراتيجيات وطنية متعددة، أبرزها برنامج: تطوير التشريعات الناظمة للقطاع الثقافي، وتعزيز التعاون الدولي من خلال اتفاقيات ثقافية متعددة، الملكية الفكرية/ قانون حماية حق المؤلف، وقانون براءة الاختراع، قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.
*ترجمة الحقوق الثقافية من خلال تنوع النشاطات
ذكر الوزير الرواشدة أن ترجمة الحقوق الثقافية وربطها بالصناعات الثقافية من خلال عدد من البرامج، ومنها:
مدن الثقافة الأردنية: الذي يهدف لنقل الحراك الثقافي من العاصمة إلى المحافظات وتفعيلها ثقافيًا، وإنشاء البنى التحتية وصيانتها، والاهتمام بالميزة النسبية لكل محافظة فيما يتصل بإرثها في الصناعات والفنون.
مراكز تدريب الفنون: والتي تهدف إلى تطوير مهارات الشابات والشباب في عدد من الحقول الفنية، ومنها: الموسيقى والفن التشكيلي والخط العربي والزخرفة والخزف والنحت والدراما..
مبادرات رقمية: التي تتيح الحوار والتواصل والتعريف بالفنانين والكتاب الأردنيين والتعريف بالمنتج الثقافي والحضاري، وحماية التراث المادي وغير المادي، من خلال إطلاق عدد من المنصات الرقمية، ومنها: منصة ثقافة، منصة تراثي، منصة الكتبا، وكذلك مشروع الترجمة، والأسابيع والأيام الثقافية، ومهرجان جرش للثقافة والفنون الذي يمثل مؤتمرا فنيا وثقافيا وحضاريا للحوار بين ثقافات العالم وفنونها في اجتماعهم على مدرجاتها التاريخية بالموسيقى والغناء والشعر والفنون الحرفية والفلكلور وثقافة الطعام وجناح السفارات الذي يعرض تاريخ بلدانهم الحضاري والفني..
وختم الرواشدة في المؤتمر الذي يحضره عدد من وزراء ثقافة دول اليونسكو إن الأردن الذي يقع في قلب العالم، بما يحمل الموقع من دلالة ورمزية، وما ترك ذلك على تكوينه من تنوع، قد انعكس في خطابه ورسالته التي تقوم على التسامح والقيم الإنسانية ودور الثقافة في تعزيز الحوار بين الشعوب.