شريط الأخبار
وزير الثقافة يرعى حفل التهنئة السنوي لجمعية الهدف التعاونية ( صور ) الارصاد تحذر: عواصف رعدية ونشاط في البرق الملك يلتقي المستشار الألماني في العقبة لبحث سبل توطيد الشراكة الاستراتيجية وأبرز تطورات الإقليم تسجيلات للأسد: لا أشعر بالخجل فقط بل بالقرف المجلس الإنمائي العربي يمنح الزميل الرياحي شخصية الريادة لعام "25" والقلعة نيوز تشكر بحضور شخصيات من انحاء الاردن .. الدكتور عوض خليفات من دارة الباشا رضا البطوش نسير على قلب رجل واحد خلف قيادتنا الهاشمية ومحافظين على ثوابتنا الوطنية... فيديو وصور .. السفير الصيني: نقدر دور الأردن في ايصال المساعدات لغزة مصر: معبر رفح لن يكون بوابة لتهجير الفلسطينيين الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية عطية: فخورون بمنتخبنا الوطني على الأداء الرجولي سلطة البترا تؤكد خلو الموقع الأثري من الزوار وزير الاتصال الحكومي:إجراء القرعة الإلكترونية لاختيار مكلفي خدمة العلم لعام 2026 الساعة الخامسة من مساء يوم الاثنين القاضي يؤكد أهمية التعاون بين الحكومة والبرلمان لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ولي العهد: أداء جبار من النشامى الأبطال فيديوهات تنشر لأول مرة تجمع بشار الأسد ولونا الشبل "الطاقة والمعادن" تشارك باجتماع "التنسيق النووي" في فيينا وزير الثقافة مُهنئاً المنتخب الوطني : مجـدٌ للنشامى صُنّاعُ الفرح أمانة عمان: 4600 موظف و200 ورشة جاهزة للتعامل مع الحالة الجوية ولي العهد يهنئ الأمير عمر بن فيصل المصري يتوقع إرسال قانون معدل للإدارة المحلية في شباط 2026

الفاهوم يكتب : شرق آسيا… نافذة الأردن الجديدة نحو اقتصاد الريادة والابتكار

الفاهوم يكتب : شرق آسيا… نافذة الأردن الجديدة نحو اقتصاد الريادة والابتكار
الأستاذ الدكتور أمجد الفاهوم
تمثل زيارة جلالة الملك إلى اليابان وشرق آسيا محطة سياسية-اقتصادية فارقة، ليس فقط من حيث ما حملته من رسائل دبلوماسية عميقة، بل بما فتحته من أبواب استراتيجية يمكن للأردن أن يدخل منها إلى فضاء جديد من الشراكات التي تعيد رسم موقعه في الاقتصاد العالمي. فالشرق الآسيوي لم يعد مجرد جغرافيا بعيدة، بل أصبح مركز ثقل في التكنولوجيا والابتكار والصناعة المتقدمة، وهو ما يجعل التقارب الأردني-الياباني فرصة تتجاوز البروتوكولات إلى مشروع وطني قابل للبناء إذا أحسنّا قراءته واستثماره.
فقد كشفت الزيارة أبعاداً سياسية واضحة تؤكد موقع الأردن كدولة محورية في استقرار المنطقة، وتُبرز قدرة الدبلوماسية الأردنية على الحفاظ على شبكة علاقات متوازنة مع قوى دولية كبرى مثل اليابان. ولا يخفى على أحد، بأن هذا البعد السياسي ليس هامشياً، فهو يشكل أساساً لأي تعاون اقتصادي طويل الأمد. فاليابان تنظر إلى الأردن باعتباره دولة مستقرة وسط منطقة مضطربة، وهذا الاعتبار يمنح المملكة وزناً تفاوضياً ودعماً دولياً لا يمكن الاستهانة به.
لكن البعد الأهم يتمثل فيما تحمله الزيارة من إشارات اقتصادية واستشرافية. فاليابان ليست مجرد قوة صناعية، بل عقل معرفي متقدم في التكنولوجيا، المدن الذكية، الاقتصاد الرقمي، الطاقة المتجددة، والصناعات الدقيقة. والأردن يمتلك اليوم رأس مال بشري شاب قادر على التعلم السريع والتكيف مع التحولات العالمية. الجمع بين التجربة اليابانية والانفتاح الأردني يخلق مساحة تعاون يمكن أن تتحول إلى نموذج تنموي جديد يقوم على الابتكار والريادة والإنتاج، لا على الاقتصاد التقليدي القائم على الضرائب والجباية.
إن ما يميز هذه الزيارة أنها تأتي في لحظة تستدعي إعادة تقييم البنية الاقتصادية الأردنية والبحث عن شراكات تسمح بالانتقال من اقتصاد يراوح مكانه إلى اقتصاد يفتح أبوابه أمام التكنولوجيا والاستثمار النوعي. فالسوق الآسيوية ليست مجرد بديل، بل فرصة لإعادة توجيه الاقتصاد الوطني نحو مسارات إنتاجية تُعزز القيمة المضافة، وتخلق فرص عمل عالية المهارة، وتدمج الأردن في سلاسل التوريد الحديثة التي باتت تشكل العمود الفقري لاقتصاد المستقبل.
والأردن قادر، إذا ما وضع خطة واقعية، على تحويل هذه الزيارة إلى نقطة تحول. فالأساس في ذلك أن تدرك الحكومة بأن العلاقات الدولية لا تتحول إلى مكاسب اقتصادية تلقائياً؛ بل تحتاج إلى رؤية وبرامج ومتابعة. والرؤية يجب أن تنطلق من اختيار قطاعات محددة ذات قابلية للنمو بالتعاون مع الشركاء الآسيويين، مثل التكنولوجيا الرقمية، الأمن السيبراني، الطاقة البديلة، المياه، الصناعات الغذائية، والتصنيع الخفيف المرتبط بالابتكار. إذ أن هذه القطاعات يمكن أن تشكل قواعد إنتاجية جديدة قادرة على المنافسة إقليمياً إذا تمت إدارتها بكفاءة.
كما يمكن للأردن أن يستفيد من الخبرات اليابانية في بناء منظومة تعليمية وتدريبية مرتبطة مباشرة بسوق العمل، خاصة في مجالات الهندسة والذكاء الاصطناعي والروبوتات. فالاستثمار في الإنسان هو الطريق الأسرع والأقوى لبناء اقتصاد معرفي، واليابان تمتلك تاريخاً طويلاً في تحويل رأس المال البشري إلى محرك للنمو. وبذلك فيمكن التركيز أيضاً على الربط بين الجامعات الأردنية ونظيراتها اليابانية، وبين الشركات في البلدين، والذي بدوره سيخلق جسوراً معرفية تعزز مهارات الشباب وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة.
ومن الزاوية الاقتصادية البحتة، فإن البيئة الاستثمارية الأردنية بحاجة إلى إعادة هيكلة تجعلها أكثر مرونة وجاذبية. اليابانيون لا يأتون إلى سوق غير واضحة القواعد ولا مستقرة الإجراءات. مما يتطلب دراسة متأنية لمنظومة التحديث التشريعي، وتبسيط الأنظمة، وتقليل البيروقراطية، وتخصيص مناطق اقتصادية متخصصة جاهزة لاستقبال الاستثمارات، حيث أن هذه العناصر ليست خيارات تجميلية، بل شروط أساسية لتحويل النوايا إلى مشاريع واقعية.
إن ما يحتاجه الأردن اليوم ليس أحلاماً كبيرة ولا تمنيات معلّقة، بل خطة عمل دقيقة تستند إلى قدراته الفعلية وموارده البشرية وموقعه الجغرافي. فزيارة الملك لليابان تُعطي الإطار السياسي والبوابة الدبلوماسية، لكن البناء الاقتصادي يتطلب جرأة في القرار، ووضوحاً في الأولويات، وإدارة تنفيذية تعرف أن المستقبل يُصنع ولا يُنتظر. فها هو الشرق الآسيوي يفتح الباب… والأردن قادر على الدخول بثقة إذا اختار الطريق الصحيح.