سوريا الجديدة ومرحلة تنفيذ بنود استمرارية الغاء قانون قيصر
القلعة نيوز:
كريستين حنا نصر
انضمام سوريا مؤخراً الى التحالف الدولي يتزامن مع زيارة السيد أحمد الشرع الى امريكا ، واللقاء مع الرئيس ترامب في البيت الابيض ، حيث أن الرئيس السوري احمد الشرع يعتبر هو اول رئيس يمثل الدولة السورية منذ 80 سنة يلتقي مع رئيس امريكي و في البيت الابيض.
تمّ الغاء ما يسمى ( قانون قيصر) عن سوريا ، خلال رحلة الشرع الى امريكا وهنا يبدو ان الهدف الاهم هو رفع هذه العقوبات والسعي لعدم تكرار سيناريو ما حدث في العراق ، وبالاخص بعد سقوط صدام حسين ، حيث تمّ حينها انهيار مؤسسة الجيش العراقي آنذاك ، وادى ذلك الأمر الى انضمام الكثير من افراد الجيش العراقي السابق التابع لحزب البعث الحاكم الى تنظيم التوحيد والجهاد بقيادة ابو مصعب الزرقاوي والذي تحول وبمشاركة أبو بكر البغدادي الى تنظيم داعش ، خاصة في ظل الاستفادة من الخبرات القتالية للجيش العراقي السابق ، وهنا المفارقة تكمن في سوريا بعد حل الجيش السوري وفصل اعضائه و حل كتائبه ، والسؤال المطروح اين هو الجيش السوري السابق لبشار الاسد ؟، وما هو مستقبل ذلك الجيش وتحديداً ضباط الاستخبارات السورية ؟ خاصة ان لهم خبرة مميزة في نظام بشار الاسد البائد ، والسؤال الاخر أيضاً هو هل سوف يتكرر سيناريو العراق الذي حدث في السابق أيضاً في سوريا ؟، وهل سوف يُخلق تنظيم ينظم الى داعش ، ام يتشكل تنظيم جديد في سوريا على غرار تنظيم القاعدة أو داعش أو جسم آخر جديد ، بمعنى تنظيم جديد لما بعد داعش .
إن هذه المرحلة الحساسة في سوريا تشهد تاسيس و وجود تنظيم يطلق عليه ( جند الله ) ، الذي يتواجد في مناطق شمال غرب سوريا ، وهم افراد منشقون عن تنظيم داعش ويطلق عليهم الحازميون نسبة الى أبو عمر الحازمي ، حيث يستقطب الان عناصره من ضباط النظام السوري السابق ، ومنهم من انشق أيضاً عن نظام بشار الاسد ، وهؤلاء منهم كذلك المنشقين عن هيئة تحرير الشام ، أي المنشقين عن بنية السلطة الحالية للحكم في سوريا أي هيئة تحرير الشام ، فعلى سبيل المثال المقاتلين الاجانب و منهم ما يسمى بالمجموعة الفرنسية والمجموعة الشيشانية التي اعلنت قبل مدة الانشقاق عن هيئة تحرير الشام ، حيث جرى انشاء وتشكيل تنظيمات جديدة ، وبالتالي هنا تكمن أسباب وغاية انضمام الدولة السورية بقيادة احمد الشرع الى التحالف الدولي لمحاربة داعش وغيرها من التنظيمات الاخرى .
و هذا الانضمام من قبل الدولة السورية من شأنه تقريب المسافات بين دمشق ومجلس سوريا الديمقراطي المدعوم امريكياً ، والذي هو جزء من التحالف الدولي أيضاً لمحاربة داعش ، كما أنه سيقرب المسافة بينهم وبالاخص بما يضمن تطبيق بنود اتفاق العاشر من مارس/ اذار عام 2025م والذي تم توقيعه بين السيد احمد الشرع ومظلوم عبدي ، والمتضمن الاندماج في وزارة الدفاع ، ومن الممكن ان تدخل سوريا في المرحلة المقبلة في فترة عدم استقرار أمني مع وجود حالة انشاء التنظيمات الجديدة فيها ، والسعي الى محاربتها لقوات النظام السوري الحالي ، الذي انضم مؤخرا الى قوات التحالف الدولي لمحاربة التنظيمات المختلفة .
إن شروط ترامب المطلوبة لرفع وتجميد قانون قيصر مهمة ، وعدم تنفيذها من قبل حكومة الشرع يعني أن سوريا سوف تبقى محاصرة ، الى جانب عدم فتح باب الاستثمار الحقيقي فيها في ظل وجود هذه العقوبات مما يبعد سوريا عن الانفتاح الاقتصادي على العالم ، وقبول وتنفيذ الشروط لرفع عقوبات قانون قيصر سوف يسهل التحويلات البنكية وينشط الاستثمارات الخارجية ويسرع من عملية اعادة الاعمار في سوريا.
بعض شروط الكونجرس الامريكي لرفع قانون قيصر ، تشمل متابعة مدى تطبيق سوريا للشروط، وذلك من خلال مراقبتها على مراحل تبدأ بمدة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ اقرارها قانون رفع العقوبات ، ثم خلال مدة 180 يوماً ولاحقاً خلال مدة اربع سنوات ، وتأتي هذه الاجراءات بهدف القضاء على التهديد المتمثل من التنظيمات والتجمعات الارهابية أي ضمن قوى التحالف الدولي ، للحرب على الارهاب وبالشراكة مع الولايات المتحدة الامريكية كعضو في التحالف الدولي ، وبهدف تحقيق تقدم في مسألة توفير حماية أمنية للاقليات الدينية والاثنية المتواجدة في سوريا ، وضمان أن الحكومة السورية المقبلة ستضم في تشكيلها تمثيلاً للاقليات الدينية والاثنية أي حكومة تشاركية ، وليست حكومة ولا جيش ولا قيادات من لون واحد فقط ، الى جانب ضرورة الالتزام بالامتناع عن القيام بعمليات عسكرية أحادية أو غير مبررة ضد أي من الدول المجاورة بما في ذلك اسرائيل ، وابرام اتفاقية امنية معها ، وعدم تمويل أو ايواء اي جماعات او منظمات ارهابية اجنبية ، والذين يشكلون تهديداً لامن ومصالح الولايات المتحدة الامريكية القومية ولحلفائها وشركائها في المنطقة ، أي لا ميليشيات تابعة لايران ، و لا لحزب الله ، ولا لأي تنظيمات فلسطينية على الاراضي السورية ، وأهم البنود هي السعي الى ازالة المقاتلين الاجانب من المناصب العليا في الحكومة السورية وكذلك عزلهم عن كل المؤسسات الحكومية والعسكرية والامنية السورية .
والسؤال الابرز هنا هو هل الحكومة السورية الحالية بمقدورها فعلاً تطبيق وتنفيذ هذه البنود ، خاصة أنها مرتبطة بالطبع وحسب الشروط الامريكية برفع عقوبات قانون قيصر عن سوريا ؟ ، وبشكل خاص تنفيذ الشرط الاخير وهو العمل على تحقيق الالتزام بمقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة ضد حقوق الانسان المعترف بها دولياً ، بما فيها الانتهاكات المرتكبة منذ الثامن من كانون الاول عام 2024م ، اي بعد سقوط نظام البعث السوري المتمثل بالرئيس بشار الاسد البائد ، ويقصد بذلك الجرائم المرتكبة في أحداث الساحل السوري والسويداء و وادي النصارى و انفجار كنيسة مار الياس في منطقة حي الدويلعة ، اي محاسبة و محاكمة المتورطين في هذه الجرائم الموثقة .
ان المرحلة المقبلة مليئة بالتطورات المتسارعة في المشهد السوري ، ومن المهم السعي والنجاح العملي في تطبيق هذه البنود والشروط الامريكية المرتبطة بمسألة رفع وازالة قانون قيصر ، وكما ذكرت سوف تقدم تقارير حول مدى تطبيق هذه الشروط وبمدة و أوقات محددة ، فاذا لم تطبق هذه الشروط خلال 16 شهراً فسوف يؤثر ذلك على تنفيذ رفع قانون قيصر عن سوريا ، خاصة اذا لم تطبق بنود الشروط المطلوبة من الكونجرس الامريكي .
ان المرحلة المقبلة سوف تحدد حتماً مستقبل سوريا الجديدة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، وأهم مرحلة هي التي يفترض ان تشهد الدمج بين سوريا الديمقراطية ودمشق ، وتنفيذ البنود التي وقعت بينهم بموجب اتفاقية العاشر من اذار ، و ابرزها انضمام عناصر سوريا الديمقراطية مع وزارة الدفاع وحصر السلاح بيد الدولة و بالاخص من العناصر المسلحة والتنظيمات المتواجدة الى الان في سوريا ، حيث السلاح المتواجد خارج نطاق الدولة ، والذي من شأنه عدم توفير اي استقرار أمني في اي دولة كما هو الحال في لبنان ومسألة سلاح حزب الله . أي ان الهدف هو تشكيل جيش موحد في سوريا تابع لوزارة الدفاع في الدولة السورية .
حيث انه لا يمكن التقدم نحو اي خطوة لاعادة اعمار سوريا دون توفير الامن والآمان للمستثمرين ، خاصة في ظل عدم استمرارية رفع قانون قيصر عن سوريا ، خصوصاً أيضاً اذا لم تنجح السلطة الحالية في تطبيق البنود والشروط المطلوبة من قبل دمشق في الفترة المقبلة القادمة ، وعدم استقرار سوريا سوف يستمر في التأثير سلباً على الدول المجاورة أيضاً ، اي بلاد الشام سابقاً ، وبالطبع كذلك الحال في لبنان والعراق والصراع في غزة و مسألة النجاح في فرض السلام فيها .




