شريط الأخبار
الأرصاد تدعو إلى توخي الحذر أثناء التنقل بسبب الظروف الجوية غير المستقرة راصد جوي: المنخفض يشتدّ الخميس وتحذيرات من أمطار غزيرة وتشكل السيول مسؤول أممي : مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها في غزة إسبانيا تدعو إلى "رفع الصوت" كي لا يُنسى الوضع المأساوي للفلسطينيين "الإدارة المحلية" توجه البلديات لرفع الجاهزية للتعامل مع الحالة الجوية الخميس البابا يرسل مساعدات إلى السكان المنكوبين جراء الأعاصير في جنوب وجنوب شرق آسيا السعايدة يوعز بمتابعة جاهزية منظومة الطاقة لضمان استمرارية التزويد في المملكة الأرصاد: أمطار غزيرة وحبات برد متوقعة في البلقاء ومادبا وأجزاء من عمان "اليونيفيل": الجيش الإسرائيلي يطلق النار على دورية قرب الخط الأزرق في جنوب لبنان ترامب يتغزل بشفتي المتحدثة باسم البيت الأبيض (فيديو) الصفدي يلتقي نظيره القطري ويجري ⁦‪‬⁩مباحثات موسّعة وزير الاستثمار مع الوفد الاستثماري الاندونيسي في جولة سيرًا على الاقدام خالد مشعل: "نزع السلاح الفلسطيني بمثابة نزع الروح" وزير الخارجية يبدأ زيارة عمل للدوحة المعايطة: لا مكان للعمل الحزبي خارج إطار الدستور والقانون العجارمة : ندرس إدراج اللغة الصينية في عدد من المدارس الحكومية الحاضرون للقاء الملك من رفاق السلاح (اسماء) الخصاونة: سيادة الأردن فوق كل ادعاء النائب الظهراوي ينشر صورة مع جعفر حسان بعد رفضه للموازنة! الملك يلتقي رفاق سلاح خدموا معه في القوات الخاصة

السنيد يكتب: حديث في الاثراء غير المشروع

السنيد يكتب: حديث في الاثراء غير المشروع
علي السنيد
قدر لي ان ارى عيناً ، وانا صغير السن لاول مرة في منزل احد اقراني، وكان والده قد اقام وليمة لضيفه، وقد اثار فضولي طبيعة العلاقة التي جمعتهم، وعرفت فيما بعد ان والد صديقي الذي يملك سيارة سرفيس على خط العبدلي في عمان يقوم في ايام الجلسات بايصال العين الى مجلس الاعيان، ومن ثم يعيده الى منزله بسيارة السرفيس التي يملكها، وباجرة شهرية متفق عليها بين الطرفين.
وقبل مدة اخبرني الاعلامي المعروف الاستاذ راكان قداح في لقاء شيق جمعني به بأن الزعيم الوطني الكبير عبدالحليم النمر لم يكن يملك سيارة خاصة، ولا يستطيع السواقة بنفسه، ويقوم صاحب دكان معروف في السلط بالاتصال من خلال الهاتف القديم لاحضار سيارة تقله اثناء تحركه في شؤون الناس العامة.
وكان الرمز الوطني الرئيس وصفي التل رحمه الله الذي حنى لحيته بتراب الاردن مديونا لصندوق الاقراض الزراعي، وطالما اقترض على راتبه لتقضية بعض النفقات الخاصة به.
وهذا يفسر جانبا من طبيعته المحببة، والقريبه للناس، حيث ما برح يعيش مثلهم، ويتعرض لظروف الحياة كأي اردني، ولا يعاني من طبقية مفرطة، وذلك في زمن كان الاثراء فيه للسياسيين مستغرباً، ومجلبة للشبهة.
ومن نوادر تصرفاته - رحمه الله - التي وردتني انه طلب من سائقه يوماً ، واثناء عودتهم الى المنزل التوقف لكي يقل احد كبار السن ، وكان واقفا على الطريق ينتظر الحافلة.
فأشار السائق معترضا الى وجود "رأس غنم" برفقة الرجل بقوله سيدي معه "نعجة" فاجاب رحمه الله "ركبه والغنم التي معه" وكان ذلك بسيارة الرئاسة.
ولذلك حق لوصفي – الذي اعطى الاجيال درسا في الوطنية - ان يحوز على كل هذا الحب لدى الشعب الاردني، والذي لا تطويه الايام والعقود، وما يزال اسمه حاراً منذ ستينيات القرن الماضي، ويتردد بوقار في الاجيال المتعاقبة، وقد بني المؤسسات العامة في الاردن، وزرع الثقة في قلوب الاردنيين، وتولدت عن مرحلته المشاعر الوطنية، وحب الارض، والوطن.
وقد مر جيل كان الاثراء فيه بالسلطة مستحيلاً، وغير ممكن، ومدعاة للشبهة، وكان السياسي يتورع عن ادارة حتى اعماله الخاصة اثناء توليه المسؤولية ، والى وقت خروجه منها وفق احكام الدستور.
وكان المال العام مقدسا، ولا يستطيع احد التجرؤ عليه، او البحث عن المصالح الخاصة من خلال السلطة، وكانت الرجالات الوطنية، والرموز يعيشون الى جوار شعبهم عيشا اعتيادياً على رواتبهم، ولم يكن مستغربا ان يقطن رئيس الوزراء بشقة، او ان يكون مقترضا من البنك، ويخصم من راتبه لسداد الدين، وكانت الوظيفة العامة - اي كان شاغلها - لا تتيح الاثراء، وحيازة الملايين، وتركيب القاصات في البيوت، وبناء القصور، واقتناء المزارع، و الشركات، ولذلك خرج البيروقراط الاردني ابرز رجالات الاردن، واكثرهم شعبية، ومصداقية على الاطلاق، وكان العمل العام مدعاة للاستقامة ، والنزاهة، والبعد عن مواطن الشبهات.
و تغير الحال في العقود الاخيرة، وتسربت بعض شبكات علاقات المصالح المتبادلة والشلل التي تجر بعضها البعض الى واجهة العمل العام، وزاوجت بين السلطة والمال، واستغلت مواقعها، ودخلت الى المؤسسات، وطاردت المكتسبات، واستولت على الفرص ، ومدت ايديها الى اراضي الخزينة، وحقوق الاردنيين، وتلاعبت بالمشاعر الوطنية، وظهرت اثار ذلك في تبدل احوال العشرات من المسؤولين ممن خرجتهم مدرسة الفقر المدقع، وتحولوا في غضون سنوات بالسلطة الى نادي اصحاب الملايين، واخذت الشلل تزكي بعضها البعض.
وبتنا نضرب مثلا بالرئيس السابق، او الوزير، او العين، او المسؤول الذي يعيش على راتبه التقاعدي، او من يعيشون قريبا من مستوى الناس العاديين.
وانا لا شك عندي ان الوظيفة العامة مهما كان راتبها لا تتيح الاثراء في الاردن، ولا يمكن التحول من خلالها الى نادي الملايين، وامتلاك العقارات، والمزارع، والاراضي.
واليوم يتناهى لاسماع الاردنيين عن الوزراء والمسؤولين ، وابنائهم الكثير، وكيف تبدلت بهم الاحوال بشكل فاضح، ولذلك انا ادعو الى مراجعة سجل الشخصيات العامة في الاردن، وهم ليسوا اغلى، واعز من الوطن، وقد تسبب الكثيرون منهم بضيق الاردنيين ، وحنقهم، واودوا بسمعة المؤسسات العامة.
ويجب من خلال مؤسسات الرقابة في الدولة ان نضع اشارة استفهمام على كل من اثرى بعد ان شغل موقعاً عاماً، والتحقق من الوسيلة التي بنى فيها ثروته وممتلكاته، والعمل على استرجاع الاموال العامة التي نهبت بموجب احكام القانون.
وفي ذلك تنقية للمجال العام من هذه النوعيات غير الامينة على الوطن، والتي خانت امانة المسؤولية، والثقة الملكية، ولم تبر بالقسم الدستوري، ولوثت سمعة الموقع العام حتى ليكاد الخطاب الرسمي ليفقد مصداقيته.
وهذا لا يمنع ان هنالك رجالاً وطنيين شغلوا الوظائف الرسمية في الاردن بنزاهة، واستقامة، وخرجوا منها دون ادنى شائبة، وحسبهم نظافة الايدي، وسلامة صدورهم، وراحة ضمائرهم، وان التاريخ سينصفهم.