تحسين أحمد التل
اعتمدت الأردن قبل تشكيل النظام السياسي، بداية القرن العشرين على الزراعة، وكانت زراعة بدائية غير منظمة، وغير منضبطة، انتهجها الشعب وفق ما كان يقع تحت يديه من أراضي زراعية، تركتها الدولة العثمانية، ولم تعد تسيطر عليها، بيد من كان يستغلها، ويستفيد من إنتاجها.
لم تكن الدولة الأردنية قد بدأت بتنظيم القطاع الزراعي المبعثر، أو قامت بفرض ضرائب على الإنتاج الزراعي، أو الصناعة غير المتوفرة، لأن الدولة كانت في بداية تشكيلها وتنظيمها، إذ اعتمدت على نظام الكوتات التي منحتها الحكومات الأردنية بعد الحصول عليها من بريطانيا، حيث جاءت كمساعدات، وذلك في الثلاثينات، والأربعينات، والخمسينات، وزعت على بعض التجار، حيث استطاعوا وقتها؛ تأسيس ما يشبه الغرفة التجارية.
استطاع التجار تأمين مبلغ سنوي يساوي؛ (50) ألف دينار، كانوا يدفعونها للدولة كمساعدات، مقابل الحصول على كوتات تجارية، الهدف منها احتكار بعض الأصناف غير الموجودة في السوق الأردني، مثل السكر، والشاي، والرز...
كانت الحكومة البريطانية قدمت مجموعة من الكوتات لبعض الحكومات الأردنية، كنوع من الدعم الإضافي، وقد قامت هذه الحكومات ببيع الكوتات لكبار التجار، فعمل أصحاب رؤوس الأموال على احتكار هذه الأصناف الغذائية، مما أدى الى تذمر بين طبقات الشعب بسبب تحكم التجار بقوت المواطن.
كان بعض التجار يقومون بشراء الكوتا، وبيعها لتاجر آخر لتحقيق ربح سريع، دون أن يكلف نفسه شراء البضاعة، وطرحها في الأسواق، وهذا الأمر كان يُعد أحد أبرز حالات الفساد التي انتقدها الشاعر الأردني (مصطفى وهبي) التل، عندما تحدث عن الكوتا، هو وغيره من أبناء الوطن.
عام (1921 - 1922)، أقرت الحكومة البريطانية؛ مساعدات للأردن، بقيمة (180) ألف جنيه إسترليني سنوياً، لكنها لم تكن مساعدات ثابتة، إذ بدأت تتناقص سنوياً حتى وصلت الى أربعين ألف جنيه عام (1929)، وقد أدى ذلك الى إحداث خلل في الموازنة التي كانت تعتمد بالدرجة الأولى على المساعدات الخارجية.
التجارة كانت وفق ما يحتاجه السوق الأردني من سكر، وشاي، ورز، ومواد غذائية متنوعة، إضافة الى التركيز على بضائع يمكن أن يستوعبها السوق الأردني، تتعلق بحجار القداحات، ودفاتر الأوتومان الخاصة بلف التبغ، والقداحات التي تعمل على السبيرتو، أو النفط، أو البنزين، (ولزقات الظهر) من نوع (كوكس)، وكانت ظهرت في الخمسينات من القرن الماضي.




