–حذّر الخبير الاقتصادي منير ديّة من مخاطر متزايدة تهدد الاستدامة المالية للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، في ظل ما كشفته الدراسة الاكتوارية الحادية عشرة الصادرة مؤخرًا، والتي أظهرت اقتراب المؤسسة من نقاط تعادل مالية حساسة خلال السنوات المقبلة.
وأوضح ديّة في حديثه لبرنامج "صوت الحقيقة" عبر قناة الحقيقة الدولية، أن الدراسة أشارت إلى أن نقطة التعادل الأولى، التي تتساوى عندها الإيرادات التأمينية مع النفقات، ستتحقق في عام 2030، أي بعد نحو أربع سنوات فقط، وهو ما يعد فترة زمنية قصيرة مقارنة بدراسات سابقة كانت تشير إلى آجال أطول. وأضاف أن نقطة التعادل الثانية ستقع في عام 2038، حيث تتساوى الإيرادات التأمينية والعوائد الاستثمارية مع النفقات، ما سيجبر المؤسسة – في حال الوصول إليها – على البدء ببيع أصولها لتغطية التزاماتها.
وأكد ديّة أن السبب الرئيس في هذا الوضع يعود إلى التقاعد المبكر، الذي وصفه بأنه أثقل كاهل المؤسسة، مبينًا أن نحو 64% من متقاعدي الضمان هم من فئة التقاعد المبكر، في حين لا تتجاوز هذه النسبة عالميًا حدود 25%، ما يشير إلى خلل هيكلي يستدعي المعالجة التشريعية العاجلة.
وأشار إلى أن الزيادات الكبيرة في الإحالات القسرية على التقاعد، سواء في القطاع العام أو الخاص، ساهمت في تسريع الوصول إلى نقاط التعادل، إلى جانب وجود ما يزيد على 28% من القوى العاملة غير المشمولة بالضمان الاجتماعي، ما يحرم المؤسسة من إيرادات تأمينية مهمة.
كما لفت ديّة إلى ضعف العائد الاستثماري لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، موضحًا أن العائد لم يتجاوز نحو 5% نتيجة تركّز أكثر من 60% من أموال الصندوق في السندات والدين الحكومي، محذرًا من أن استمرار هذا النهج سيؤدي إلى عجز عن تغطية النفقات مستقبلًا.
وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة فتح حوار وطني جاد حول تعديل قانون الضمان الاجتماعي، ومعالجة ملف التقاعد المبكر، إلى جانب إعادة هيكلة المحفظة الاستثمارية وتنويع الاستثمارات باتجاه مشاريع وطنية ذات عائد أعلى، بما يضمن حماية أموال المشتركين والحفاظ على الضمان الاجتماعي بوصفه شبكة أمان ومستقبلًا للأردنيين.




