محمود الحوامدة
ليست التنمية أرقامًا تُسجَّل في التقارير، ولا مشاريع تُفتتح في المناسبات، بل أثرٌ نعيشه في تفاصيل الحياة، ورؤيةٌ تُلامس احتياجات الناس، وقيادةٌ تؤمن أن الإنسان هو جوهر البناء وأساس الاستقرار.
وخلال عملي على إعداد وتنفيذ مشروع (ذاكرة جرش خلال اليوبيل الفضي)، وهو المشروع الذي تشرفنا بتنفيذه لوزارة الثقافة الأردنية، لتوثيق مسيرة خمسةٍ وعشرين عامًا من العطاء الوطني المتواصل على مستوى محافظة جرش "ذاكرة جرش خلال اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك سلطاته الدستورية "، تكشّفت أمامي صورة أعمق مما كنا نراه كمواطنين؛ صورة لمسيرة لم تُبنَ على قرارات عابرة، بل على متابعة حثيثة واهتمامٍ ملكي لم ينقطع.
وخلال هذا العمل التوثيقي، ظهرت تفاصيل لم نكن نعلمها، ولم تكن ظاهرة للعيان، إلا أن أثرها كان حاضرًا في كل إنجاز، فقد بدا واضحًا أن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم كان يتابع جرش كما لو كان حاضرًا فيها كل يوم؛ متابعة دقيقة، وتوجيهات مستمرة، وحرص لا يغيب عن صغيرةٍ ولا كبيرة في جميع القطاعات، ما يفسّر عمق ما تحقق، ويؤكد أن التنمية هنا لم تكن صدفة، بل نهج قيادة تُدير الوطن بعينٍ لا تغفل، وقلبٍ قريب من الناس وهمومهم.
وخلال هذا التوثيق، اقتربت أكثر من التفاصيل، واكتشفت حجم الجهود المبذولة في كل قطاع وكل مشروع، حتى تلك التي تبدو ظاهرة للعيان ولا تحتاج إلى شرح، فتبين لي أن الحقيقة أعظم مما نراه، فلم نكن نعلم أن جلالة الملك كل يوم في جرش من خلال المتابعة الملكية لكل صغيرة وكبيرة، تلك المتابعة التي تقود كلَّ خطوة بصمت، وتضمن أن تكون التنمية حقيقية ومؤثرة، هذه الحقيقة جعلتني أقدّر الرؤية الملكية العميقة، التي تراعي كلّ تفصيل، وتبني الوطن بصبرٍ وعزيمة، وتكشف أن الإنجاز ليس مجرد مشروع يُفتتح، بل مسيرة متواصلة لا يراها إلا من اقترب من تفاصيلها.
لقد لمست، وأنا أوثّق هذه الذاكرة، أن جلالة الملك كان على الدوام قائداً حقيقياً لمسار التنمية، وموجهاً لكل تفاصيلها ومتابعاً لكل مرحلة من مراحل الإنجاز ، وفي الإنسان الذي ظلّ في صدارة الأولويات، حتى بات واضحًا أن القرب من الناس كان العنوان الأبرز لهذه المسيرة، وأن جرش لم تكن يوماً بعيدة عن بوصلة الاهتمام الملكي.
ومن هذا الموقع، وبإسمي وبإسم فريق العمل، وبإسم أبناء محافظة جرش، أتقدّم إلى مقام جلالته السامي بأسمى آيات الشكر والامتنان، معبّرًا عن بالغ الفخر والاعتزاز بقيادةٍ جعلت من التنمية نهجًا ثابتًا، ومن المتابعة عنوانًا للمسؤولية الوطنية الصادقة.
وإنه ليشرّفني، إن أُتيحت لي الفرصة، أن ألتقي بجلالته، لأعبّر عن بالغ ما يختزنه قلبي من وفاء وامتنان، تقديرًا لمسيرة خمسةٍ وعشرين عامًا من العطاء، وبما يليق بمقامه السامي، وبما تحمله ذاكرة جرش من شواهد وإنجازات كبرى تحققت بقيادةٍ حكيمة قريبة من شعبها،
ليمضي الأردن بثبات نحو مستقبلٍ أكثر إشراقًا، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المفدى، الذي كان حاضرًا في كل خطوة، يوجّه ويهتم ويحرص على رفعة وطنه وشعبه على الدوام.




