شريط الأخبار
رئيس هيئة الأركان المشتركة يلتقي السفير الصيني وزير العدل يبحث مع السفير الصيني تعزيز التعاون القانوني والقضائي الأردن يتقدم 10 مراتب عالميا ويحل رابعا عربيا في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية 2025 رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل وفدا عسكريا جزائريا الأمن السوري يلقي القبض على عصابة تابعة لداعش في ريف دمشق البدور: تعزيز الجاهزية الوطنية للأوبئة ضرورة لحماية الأمن الصحي الأردني منتخبا إسبانيا وإنجلترا يقدمان عرضين لمواجهة النشامى "وديًا" بتوجيهات ملكية.. رعاية فورية مباشرة لأسرة من "ذوي الإعاقة" جسدت أسمى معاني التعفف لماذا غابت الجماهير عن استقبال النشامى؟ وزير العمل يفتتح توسعة مصنع في الظليل لتشغيل 500 أردني وأردنية بوتين "مستعد للحوار" مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الاحتلال الإسرائيلي يصادق على 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية "المياه" تدعو المواطنين للتحوط بسبب وقف ضخ مياه الديسي لـ4 أيام لجنة الاقتصاد النيابية تواصل مناقشة معدل قانون المنافسة 112 مليار دولار لتحويل غزة إلى وجهة سياحية فاخرة النائب العموش يسأل الحكومة عن تحركات السفير الأمريكي الجديد اختتام المنتدى العربي السابع حول آفاق توليد الكهرباء مجلس إدارة الإقراض الزراعي يقر موازنة 2026 ويطلق برنامج إعفاء للحالات الإنسانية كنعان: احتفالات المسيحيين بعيد الميلاد المجيد تأتي في ظل واقع مؤلم تعيشه مدينة القدس مقتل 9 أشخاص وإصابة 10 بإطلاق نار جنوبي إفريقيا

النقرش يكتب : "حق النائب الدستوري أم حق الأمة في الكفاءة"

النقرش يكتب : حق النائب الدستوري أم حق الأمة في الكفاءة
د: إبراهيم النقرش
إن قول القائل بأن من حق النائب غير الكفؤ أن يكون تحت قبة البرلمان ويمارس امتيازاته يفتح باباً واسعاً للتساؤل حول جوهر العمل النيابي ومعنى التمثيل الحقيقي للأمة. فالمسألة هنا لا تتعلق بحق دستوري مجرد، بل بمسؤولية وطنية وأمانة عامة يحملها من يتصدر موقع التشريع والرقابة باسم الشعب. فالنائب لم يُنتخب ليكون حاضراً شكلياً أو مستفيداً من الامتيازات، بل ليكون مشرعاً واعياً، ورقيباً أميناً، وصوتاً لمصالح الناس وهمومهم.
من الناحية السياسية، فإن وجود نائب غير كفؤ تحت قبة البرلمان يضعف المؤسسة التشريعية برمتها، ويحولها من سلطة فاعلة إلى كيان عاجز عن أداء دوره الحقيقي. فضعف المعرفة السياسية والتشريعية يؤدي إلى إقرار قوانين غير ناضجة، أو السكوت عن تشريعات تضر بالمصلحة العامة، كما يفرغ الدور الرقابي من مضمونه، ويجعل البرلمان غير قادر على مساءلة السلطة التنفيذية أو تصويب مسارها. وعندما يفقد البرلمان فعاليته، تهتز ثقة المواطن بالنظام السياسي، وتدخل الدولة في حالة من عدم الاستقرار السياسي المؤثر على مجمل مفاصل الحكم.
أما إدارياً، فإن النائب غير المؤهل يساهم في تكريس سوء الإدارة وغياب مبادئ الحوكمة الرشيدة. فالنائب شريك في رسم السياسات العامة ومراقبة الأداء الحكومي، وحين يفتقر إلى الفهم الإداري والمؤسسي، فإنه يمرر قرارات خاطئة، أو يتغاضى عن الفساد، أو يعجز عن تقييم الخطط والبرامج الحكومية. وهذا يشكل ظلماً حقيقياً بحق الدولة والمجتمع، حيث تُهمّش الكفاءات، وتُدار المؤسسات بعقلية المجاملة والمصلحة الضيقة، لا بعقلية المسؤولية والكفاءة.
ومن الزاوية الاقتصادية، فإن كلفة النائب غير الكفؤ لا تقتصر على الامتيازات المالية من رواتب ومياومات وسفر، بل تمتد لتشمل آثاراً اقتصادية خطيرة وطويلة الأمد. فغياب الفهم الاقتصادي لدى المشرع يؤدي إلى تشريع قوانين مالية غير مدروسة، وإقرار موازنات لا تراعي الأولويات الوطنية، والمساهمة في هدر المال العام دون تحقيق أي مردود تنموي حقيقي. وحين يصبح القرار الاقتصادي بيد من لا يدرك تبعاته، فإن الاقتصاد الوطني يدخل دائرة الخطر، وتتعمق الأزمات المعيشية، ويتراجع الاستثمار، وتزداد معدلات الفقر والبطالة.
ولا يمكن فصل هذا الواقع عن قانون الانتخابات الذي يشكل الأساس في إفراز هذه النماذج غير الكفؤة. فالقوانين الانتخابية القائمة على المحاصصة أو النفوذ أو المال السياسي، لا تفرز ممثلين على أساس الكفاءة والبرنامج، بل على أساس القدرة على الحشد أو التأثير الاجتماعي المؤقت. وبذلك يصبح البرلمان انعكاساً لخلل تشريعي سابق، لا مؤسسة إصلاحية قادرة على تصحيح المسار. إن استمرار هذه القوانين دون مراجعة حقيقية يعني استمرار إنتاج الأزمة ذاتها، وإعادة تدوير الضعف في مؤسسات الدولة.
كما أن مسؤولية الناخب لا يمكن تجاهلها في هذا السياق، فالتصويت دون وعي، أو بدافع العصبية أو المصلحة الآنية، يؤدي إلى إيصال شخصيات لا تمتلك الحد الأدنى من الكفاءة لإدارة الشأن العام. وهذا لا يُعد حقاً ديمقراطياً فحسب، بل هو أمانة وطنية، وأي إخلال بها ينعكس مباشرة على مستقبل البلد واستقراره. فإفراز ممثلين غير مؤهلين ليس ظلماً للدولة فقط، بل إساءة مباشرة للوطن وللأجيال القادمة.
إن وجود نائب أو مسؤول غير كفؤ ليس مسألة عابرة أو حقاً شخصياً يمكن تبريره، بل هو مؤشر خطير على تراجع معايير الدولة في إدارة شؤونها. فالدول لا تُبنى بالامتيازات ولا تُدار بالمجاملات، بل بالكفاءة والنزاهة وتحمل المسؤولية. وأي نظام سياسي يقبل باستمرار هذا الواقع دون إصلاح حقيقي لقوانينه الانتخابية ومعاييره المؤسسية، إنما يضع البلد على مسار الانحدار السياسي والإداري والاقتصادي، ويجعل الخطر قائماً على حاضرها ومستقبلها.