القلعة نيوز:
بقلم: الكاتب نضال أنور المجالي
ليس الانتماءُ شعاراً يُرفع، ولا قصيدةً تُلقى في المحافل، بل هو عقيدةٌ تتجذر في الوجدان، تظهر تجلياتها الحقيقية حين يغادر المرء "كرسي" المسؤولية ليبقى جندياً وفياً في خندق الوطن. وحين نتأمل مبادرة الأستاذ الدكتور عوض خليفات، نجدها تتجاوز في مضمونها التفاصيل الفنية، لتكون درساً بليغاً في "أدب الانتماء"؛ ذاك الذي لا يرتبط بمكتبٍ فاره أو سلطةٍ إدارية، بل بهاجسٍ وطني لا يهدأ.
الولاء: فعلٌ لا ينتهي بانتهاء الخدمة
إن القيمة الحقيقية لرجل الدولة تكمن في قدرته على العطاء وهو خارج دائرة الضوء الرسمي. فالمبادرات التي تُطرح من قامات وطنية وخبرات عريقة، هي الدليل القاطع على أن حب الأردن ليس "وظيفة" تنتهي بتقديم الاستقالة أو التقاعد، بل هي أمانةٌ في العنق ومسؤوليةٌ أخلاقية تلازم صاحبها ما حيي.
إن الانتماء "خارج الكرسي" هو الاختبار الحقيقي للمعادن؛ ففيه تظهر النوايا الصادقة التي لا تبتغي وجاهةً ولا تسعى لمكسب، بل تضع خبرة السنين بين يدي الوطن، إيماناً بأن بناء الدولة هو ورشة عمل مستمرة، يساهم فيها كل مخلص من موقعه، سواء كان في قمة الهرم أو في صفوف المواطنة الفاعلة.
المبادرة كنهج وطني
مبادرة الدكتور عوض خليفات لم تكن مجرد اقتراحات عابرة، بل هي تجسيدٌ لمبدأ "المسؤولية المستدامة". إنها رسالة لكل أردني غيور، بأن الوطن بحاجة إلى عقولنا وخبراتنا في كل الأوقات. فالانتماء الحقيقي هو الذي يدفعنا لتقديم الحلول، ومواجهة التحديات، والمشاركة في رسم مستقبل الأجيال، دون انتظار "مقابل" أو "لقب".
نحن نؤمن بأن الكراسي زائلة، والمناصب محطات عبور، لكن الوطن هو الثابت الوحيد الذي يستحق منا الوفاء المطلق. وإن نموذج العمل العام الذي يمارسه الأوفياء، بعيداً عن قيود المكاتب، هو الذي يبني الثقة ويعزز اللحمة الوطنية، ويؤكد أن الأردني يبقى وفياً لترابه، مخلصاً لمليكه، منتمياً لهويته، مهما تغيرت المواقع والظروف.
إننا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى تعميم ثقافة "الانتماء بالفعل". فكل غيور يقدم فكرةً أو يبادر بعملٍ يخدم الصالح العام هو شريكٌ في المسيرة. ستبقى بوصلتنا دائماً نحو رفعة الأردن، وسيبقى قلمنا صوتاً لكل مبادرة وطنية صادقة تؤمن بأن الخدمة شرف، والانتماء قدر، والوطن هو الكرسي الأسمى والأغلى.
حفظ الله الأردن عزيزاً منيعاً بأبنائه والهاشمين المخلصين.



