شريط الأخبار
رئيس "النواب" يبحث والسفير المغربي تعزيز العلاقات المشتركة "اعترف بعضكم بدولة فلسطينية غير موجودة".. واشنطن تدافع عن إسرائيل بعد اعترافها بصومالي لاند حمد بن جاسم: "العرب لم يستوعبوا الدرس" العليمي يلغي اتفاقية الدفاع المشترك مع الإمارات ويمهل قواتها 24 ساعة لمغادرة اليمن رئيس "الطاقة الذرية" والسفير الأميركي يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية بحث إعادة تفعيل خط طيران مباشر بين الأردن والصين الفراية: مهندسون سيقيّمون مصبات المياه والعبّارات في الكرك لمعالجة المشكلات التربية: لا حذف أو تخفيف في المباحث الدراسية للصفين الحادي عشر والثاني عشر الأرصاد الجوية: تجاوز المعدلات العامة للهطل المطري بنسبة 7% الإمارات: الشحنة التي رست في اليمن لم تكن تحمل أسلحة وغير موجهة لأي جهة يمنية الجيش العربي .. حصاد العطاء والجاهزية في عام 2025 وزير الزراعة يوجّه بحصر أضرار المنخفض في الجنوب الإدارة المحلية: خطط قصيرة وطويلة المدى لتعزيز البنية التحتية المركز الكاثوليكي يقدم رسالة البابا لاون الرابع عشر للعام الجديد "السفيرة غنيمات" تستقبل طلبة الطب الأردنيين الجدد المبتعثين للدراسة في الجامعات المغربية ( صور ) الشركس: الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي أولوية قصوى في عمل البنك المركزي الخارجية السعودية: القضية الجنوبية تُحل بالحوار ضمن تسوية سياسية شاملة في اليمن فرض حظر تجول ليليا في مدينة اللاذقية السورية عقب أعمال عنف إيران تتوعد برد "قاس" على أي عدوان أبو حلتم: لا تغيير على كُلف المستثمرين والرقم القياسي لبورصة عمّان عند أعلى مستوى منذ 2008

أبو حويله يكتب : هل نحن عالقون

أبو حويله يكتب : هل نحن عالقون
إبراهيم أبو حويله
هل نحن عالقون هنا؟ هناك فئة ترى الكون حتمي السير والمسير، وهو يسير إلى حيث يريد، وهنا نعلق بين قدرية تعطل كل شيء، وجبرية تسلب كل شيء. هل البيانات والنظريات والأخلاق والقيم تستطيع أن تصنع شيئًا في هذا الكون؟ هل نقف عاجزين أمام ثلة من القادة المنحرفين أخلاقيًا وقيميًا ودينيًا، ويسعون إلى أمجاد ذاتية وصناعة أصنام تاريخية؟ هل يعيد التاريخ مجد السفاحين والقتلة والمنحرفين؟ نحن نعلم بأن العالم ليس جيدًا بما فيه الكفاية، ولكن ما الذي يجب فعله؟ وما الذي من الممكن فعله؟
هذا التساؤل ليس خاصًا بالأمة العربية والإسلامية فقط، فالغرب اليوم يضج بالتحركات السياسية والاجتماعية والفكرية والأكاديمية التي تحاول إعادة الأمور إلى نصابها، وتشعر بعبثية الحروب التي يشنها الساسة، وأثرها على البشر والاقتصاد والمجتمعات، وتحاول بشتى السبل إعادة الرشادة إلى السياسة، حتى في قلب الولايات المتحدة، المستفيد الأكبر من كل هذه الحروب العبثية التي تحدث، ولكن يحدث أن ترامب وجماعته هم الذين يحكمون، على رأي أستاذ العلاقات الدولية جون ميرشايمر.
التشخيص والتنبؤ والعلاج، نعود إلى أن العالم ليس جيدًا بما فيه الكفاية، ومن منّا لا يعلم ذلك، ولكن ما الذي يجب فعله؟ وما الذي من الممكن فعله؟ هناك أشخاص دخلوا التاريخ في أعقد مراحله، واستطاعوا صناعة التغيير، خذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف كانت الأوضاع في الجزيرة العربية، وكيف كانت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية. وهناك العديد من الأمثلة الحية التي استطاعت تشخيص واقع الأمة من فقر، استعمار، تخلف وصراعات داخلية، وكانت قيادة ذات رؤية واضحة، واستطاعت إصلاح إنسان الدولة ومؤسسات الدولة، وتشكيل قوى تساهم في دفع عجلة الاقتصاد، وتحسين نوعية التعليم، وكانت قادرة على بث الثقة وإلهام الناس ونقلهم من حالة عدم الفاعلية إلى حالة الفاعلية. وهنا نستذكر الكثير من الأسماء من التاريخ الإسلامي: معاوية بن أبي سفيان، وأبو جعفر المنصور، والظاهر بيبرس، والمظفر قطز، ومحمد الفاتح، وسليمان القانوني، وعمر المختار، وعبد القادر الجزائري، وحتى المهاتما غاندي، وبيتر الأكبر، ونيسلون مانديلا، والقائمة تطول.

إلى أين نريد أن نصل أفرادًا وجماعات ودولًا وحتى أمة؟ هناك مكان لن نصل إليه، وهذا الوصول سواء كان وصول أفراد أو دول أو أمم، تحدده جملة من المحددات: "اليوتوبيا". وهناك مكان لا نريد الوصول إليه: "الديستوبيا". ونحن في مكان لا نريده، ونسعى إلى مكان لا يمكن أن نصل إليه، وهناك تصورات من الممكن أن تتحقق بين كل هذا. ستخسر مرتين عندما تقف، لأن الحياة لا تقف، ومن يعمل يتطور. ولكن من يعمل يواجه تحديًا من نوع آخر، هو سيف النقد المسلط من تلك الفئة التي لا تتقن شيئًا، ولا تريد في المقابل أن تترك الآخر يعمل. النقد المطلوب هو ذلك النوع من النقد الذي يطلقه خبير، أو باحث يسعى للوصول إلى الحقيقة، أو يملك رؤية أو فكرًا يستحق النظر. ولكن أن يصبح الفكر النقدي هو السمة العامة المسيطرة على المجتمع، عندها نحن نتعامل مع إنسان لا يمكن إرضاؤه، وهو لا يملك شيئًا يقدمه في المقابل، سوى نظريات وآراء تفتقر إلى المنهجية والصوابية والعلمية والخبرة المطلوبة. وهذا لا يعني أن لا نحتاط للأسوأ، ولا أن لا نتوقع الأفضل، ولكن نستعد كما يجب أن نستعد بلا إفراط ولا تفريط.

هل كل منتقد يخرج من تلك الدائرة القائمة على مجرد النقد، أم أن هناك نقدًا بنّاءً؟ هل من الممكن أن يوصلنا الفكر الناقد إلى مناطق جديدة ونتائج أفضل؟ هل كل من أراد تغيير العالم اليوم يغرد خارج السرب؟ لا تقتل فكرة جيدة لأنه ليس من الممكن تنفيذها اليوم، توقف عن التفكير في أسباب الخلاف، وحاول أن تتخيل المستقبل بصورة أفضل، بشكل أجمل. أولئك الذين يبحثون عن مستقبل أفضل، يضعون لأنفسهم حدودًا وخطوطًا يلتزمون بها عادة، وهي تساهم في المجمل بصناعة إنسان أفضل. هذا الصوت يعلو اليوم بشكل كبير، يضم رجال سياسة سابقين، وأكاديميين، وناشطين، ومفكرين، وحتى رجال حرب سابقين. هل من الممكن أن يكون لهم أثر في المستقبل؟ من صنع قادة اليوم وفكرهم وما يسعون له هم مفكرو الأمس، ومن يصنع قادة الغد وما يسعون له هم مفكرو اليوم.

تبحر بي أحيانًا الافكار في مفاهيم تُحدث قفزات واسعة في الذهن، فمن جهة هناك فئة ترى بأننا عالقون هنا ، ومن جهة أخرى كل الحضارات القديمة التي عاشت هنا، كيف كانت البداية والنهاية، المسعى السوسيولوجي يجب أن يكون محايدًا، ما الذي يعنيه هذا المصطلح؟ المسعى السوسيولوجي هو الجهد العلمي المنظم لفهم المجتمع وظواهره وقوانينه الداخلية، عبر تجاوز النظرة الفردية أو الأخلاقية الضيقة، إلى تفسير الظواهر تفسيرًا بنيويًا/تاريخيًا/تفاعليًا. وهنا، عندما نتكلم عن أي ظاهرة اجتماعية، يجب دراسة هذه الظاهرة، وتحليلها، وعمل مقارنات لها للوصول إلى أسبابها الحقيقية. وهنا يكون التعامل بناءً على دراسة للأسباب الاقتصادية والسياسية والثقافية التي أدت إلى هذا السلوك. وهنا يتم وضع كل شيء على طاولة البحث: الأخلاق وأثرها، وبناء الإنسان، والقانون والانضباط، وحتى مظاهر أقل تأثيرًا مثل البطالة والمظاهر الاحتفالية والشهادات العلمية. هل تستطيع أن تفصل نفسك عن توجهات المجتمع حتى لو لم تكن مقتنعًا؟ أم تنخرط في الأعمال التي يقومون بها، أو على الأقل يمكن أن تشارك؟ عندها هل تصبح طرفًا أم محايدًا؟
واجب المثقف أن يسعى لرفع الشؤم عن الناس، وألا يكون محايدًا، تلك هي قصة حياته المأساوية. المشكلة أن المشاعر السلبية التي ننشرها تؤثر على الآخرين، وفي مجملها مبنية على توقعات. عدّ بالسنين إلى تلك التوقعات التي تم وضعها على طاولة الحقيقة، كم منها كان مجرد تشاؤم ولم يحصل إطلاقًا؟ هل ممكن أن نعلق في المستقبل المتشائم الذي نخاف منه ولن يحصل؟ هذا حصل للأسف، بل إن البعض باع واشترى بناءً على إشاعات وخسر كل شيء. بين المكان الذي لن تصل إليه، والمكان الذي نريد الوصول إليه، هناك مكان من الممكن أن نصل إليه، وهنا يسعى العاقل.