القلعة نيوز-
بحضور أمين عام وزارة الثقافة الروائي هزاع البراري، وعبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد القصير مدير الشؤون الثقافية في الدائرة، ومدير بيت الشعر في الشارقة الشاعر محمد عبد الله البريكي، ومدير ثقافة المفرق مدير بيت الشعر بالمفرق فيصل السرحان، ومدير دائرة المكتبة الوطنية د. نضال العياصرة، ووسط حضور كبير من المثقفين والمهتمين تم افتتاح فعاليات «مهرجان المفرق للشعر العربي.. في دورته الخامسة»، يوم الخميس الماضي، بمشاركة أردنية وعربية وأدار حفل الافتتاح الدكتور سالم الدهام بحضور الشعراء العرب والأردنيين والفنانة ليندا حجازي وحشد من المثقفين والمهتمين.
وابتدأ حفل الافتتاح بعرض موسيقي ومعزوفات لفرقة الحسين الموسيقية التي نالت إعجاب الحضور، ومن ثم قرأ رئيس بيت الشعر بالمفرق السرحان كلمة ترحيبية قال فيها: يأتي هذا المهرجان منذ انطلاقته بمبادرة كريمة من سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة عضو المجلس الأعلى، هذه المبادرة التي تعتبر محطة من محطات الثقافية العربية وعلامة فارقة في الشعر العربي، ونحن نثمن هذا المبادرة التي أخذت على عاتقها السمو بالشعر والشعراء والكشف عن المواهب الشعرية الجديدة وتشجيعها ودعمها، مؤكدا بأن المهرجان أخذ على عاتقه التجوال في بعض أماكن المملكة للتعريف بالشعر والشعراء الأردنيين والعرب.
إلى ذلك ابتدأت الأمسية الشعرية الأولى التي قدم مفرداتها الدكتور سالم الدهام معلقا على قراءات كل شاعر بذائقته النقدية، القراءة الأولى كانت للشاعر الأردني عبد الله حمادة الذي قرأ مجموعة من قصائده العمودية معاينا فيها شؤون الذات الشاعرة فقرأ للمجانين ضمن مفارقات عجيبة، متخذا من قراءته مسرحة شعرية تمتاز بقوة الإيقاع الذي يواكب الحياة وإرهاصاتها.
من إحدى قصائد حيث يقول: «رسمتك فكرة في البال مقهى/ ولم تحظي بحلوك وارتشافي/ ولم تقفي على بئر النوايا/ لتقتربي إلى حد اكتشافي/ ولا سبب إليّ لأن مثلي/ يشق على أمانيك الخفاف/ أجل في الشعر غمزات ولكن/ تقول تشجعي وتقول خافي».
من جهتها قرأت الشاعرة الأردنية عطاف جانم غير قصيدة من قديمها وجديدها مستحضرة توجعات روحها في حالة من السفر للعمل في بعض الدول العربية، فرسمت لنا حالة الغربة وشؤون المرأة المكافحة في سبيل العيش، كما ذهبت إلى مناجاة جدتها القدس بلغة موحية ومعبرة عن أحاسيس ومشاعر صادقة تجاه قدس الأقداس.
من قصيدة لها تقول: «من ينصف النجم والأفلاك تنكره/ تدق في روحه التبعثر والرمدا/ عمان طلي من الشباك واستمعي/ لنبض قلبك في جنبيه كيف بدا/ وهيئي عرش عناب لهيبته/ لا تلقميه لأسنان الواني كمدا».
أما الشاعر زكريا الزغاميم من «الأردن» كعادته يضع المتلقي في دهشة الشعر وتجلياته، شاعر يمتلك قدرة في شدة الجهمور إليه.. يكتب الشعر الفصيح والنبطي، فبدأ بقصيدة نبطية تحية للراحل سمو الشيخ زايد تفاعل معها الحضور، ومن ثم قرأ قصيدة لفلسطين مفعمة بصدق المشاعر ، وأخرى للمعلم، شاعر يمسك بزمام قصيدته إلى جانب فنية الإلقاء لشعره.
من قصيدته «فلسطين» نقتطف منها: «هذا المداد على السطور قليل/ تلويحتان وشاهد وأصيل/ يعلو بي المشراف كي أحظى بها/ في العين حيث تعذر التأويل/ وأغضها كي لا يفيء مرارة/ فلظاه عند التائهين دليل/ دلوي السماء ولست أول شاعر/ يرمي لقصر مقاله فيطيل/ متآخذون على هجوع جنوبنا/ متنورون وما بنا قنديل/ متعذرون بأن ذارعة لنا/ قصرت فكيف حرابنا ستطول».. إلى أن يقول فيها: «أرمي بها الدنيا فاكسب غارتي/ ولأن رمت بي في الشداد أميل/ يا رب أنزلني بمنزل حبها/ إني فلسطينيها المتبول».
واختتم القراءات الشاعر لؤي أحمد الذي تحدث عن مبادرة حاكم الشارقة الدكتور سلطان القاسمي، فذكر عندما دعاهم إلى دراته عن عبد الله العويس حيث ألقى سموه كلمة ووقف أحد الكتاب العراقيين فقال لسموه: بأن داعش قد دمرت أكبر مكتبة في جامعة الموصل في العراق، فكان منه أن فورا ببناء وتأسيس مكتبة وتأثيثها بكل المستلزمات من ألف إلى الياء، هذا ما يفسر لماذا نحب الشيخ د. سلطان القاسمي، ومن ثم قرأ قصيدة حملت عنوان: «شيخ الطريقة».
أصبوحة قصصية
واستأنفت فعاليات مهرجان المفرق للشعر العربي في دورته الخامسة، يوم أمس، بأصبوحة قصصية، بمشاركة: شاكر ريكان «العراق» وأسماء محمد زيتون «الأردن» وياس السعيدي «العراق» ومروة هيثم ملحم «سوريا» وأدارت الأصبوحة الشاعرة وفاء جعبور، بحضور محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، وفيصل السرحان مدير بيت الشعر في المفرق، في المكتبة الوطنية.
واستهل الأصبوحة القاص ياس السعيدي فقرأ من كتابه (سِيرَةُ القِيَامَات) قصة بعنوان «حَرْفٌ قَمَرِيٌّ»، فقال: يملأُ صوتُهُ الصفَّ واصلاً إليَّ في مبنى إدارَةِ المدرسة «الجيمُ «، حرفٌ قمريٌّ، هكذا كانَ يقضي يومَهُ؛ واقفاً متناسياً الكرسيَّ المخصَّصَ لجلوسِه، احذروا هذا الحرفَ المخادعَ, وأَظْهِروا «اللامَ» قَبْلَهُ, هكذا مثلُ: الجَمَلِ, الجوادِ, الجرأةِ, الجَمالِ, الجناحِ, الجَنينِ, الجنة، كثيرةٌ هيَ أسماءُ الكُتّابِ والمحامينَ وأساتذةِ الجامعاتِ الذين كانوا من تلاميذهِ ذاتَ يومٍ، فَنُقِلَ مُكرَهاً إلى هذا الحيِّ الراقي في المدينةِ تكريماً لهُ وحِرصاً على المستوى العلميِّ لأبناءِ مَن يسكنوه، وبالكادِ تَجنَّبَ النقلَ إلى العاصمة، لَمْ يعرف الذينَ اعتقلوهُ تُهمتَهُ فَظَنّوهُ معارضاً سياسياً، وحينَ تبيَّنوها بعد شهرين كانَ أوانُ الاعتذارِ للدمِ على فستانِ ابنتهِ قدْ فات.
أما القاصة أسماء محمد زيتون، فمن خلال نصوصها تكتشف قدرة بالغة في اقتناص اللحظة، وبحرفية عالية تضغط على زناد الدهشة، فقد قرأت من مجموعة قصصية بعنوان «شعراء»، وقالت: إياك والوقوع في حب شاعر يعشق النساء وتعشقه النساء، هكذا قالت بيثنة جميل وهي تضع رجلا فوق رجل وتأخذ نفسا عميقا من ارجيلتها بطعم الحسرة، تجيبها ليلى المجنون: صدقت... ظننت ليلاه... فإذا بلياليه أكثر من نوبات جنونه تقهقه هند من بعيد وهي تسمع الحوار الدائر فقد كانت الوحيدة من بينهن التي تعطي وعدا باللقاء « بعد غد» وما وفت به ابدا.
القاص والشاعر شاكر العزي، يعزف على غيتارات شكسبير، يدخل في شخوصه حد الوجع مالئا عيني القارئ بالدهشة، وقرأ من مجموعته القصصية بعنوان «الجندي الذي كان هناك»، إذ قال: هناك مقولة بسيطة لكنها دقيقة: في الحرب يكون الموت مشوها ومثيرا للدهشة «صموئيل هاينز»، واحد، اثنان، ثلاثة... عشرة، ستة عشر، تشعة عشر، وانا عرون، كنت اعدنا في سري، نحن الجنود المرحلون في حوض شاحنة زيل خاكية اللون، رغم أني لا اعرف حتى اسماء هؤلاء الجنود العشرين، لكنهم صاروا حزءا من ذاكرتي، خلطتنا الحرب معا في أول أيامها وعجنتنا كطينة واحدة، ثم قسمتنا إلى عشرين كرة صغيرة.
السورية مروى هيثم ملحم قرأت من مجموعتها «عين ثالثة»، نصوصا مثيرة فهي قاصة موغلة في حنين عتيق، وتتجرد الاشياء والامكنة لتجعل منها صورا لا مرئية نلمسها باصابع الروح، في سردها خذلان الحب والحرب ولا مكان للقاء حبيبين سوى على ارض من ركام، تقول: وحين ينتهي الحب، حين أُرمَى عن حافة جسرٍ، أو أُترَكُ على مقعدٍ في محطة، حينها كنت أخرجُ ثانيةً، أغسلُ نفسي بماءِ الحدائقِ العامة، وأتمدّدُ على العشبِ تحيطُ بي قلوبٌ صغيرةٌ خرجت للتو من سجنها.--الدستور